2025-06-09 05:43 م

القريحة الإسرائيلية تجود وواشنطن والرياض تصادقان...جنيف المقتول وفرضية بديل الأسد؟

2016-01-25
بقلم:  الدكتور محمد بكر
 ساعات معدودة مضت على ما تناقلته وسائل اعلام إسرائيلية لجهة ما يتنامى في المشهد من انفتاح عربي إسرائيلي لمواجهة التحديات في المنطقة، حتى بدأت الترجمة العملية لذلك على الأرض تتكاثر، لتتبدى جلياً طبيعة العلاقة التي تجمع الكيان الصهيوني مع جملة من الحلفاء في المنطقة، وكيفية توظيفها لمواجهة تحديات مشتركة للجهات المتحالفة، لم يجد وزير الأمن الصهيوني موشي يعالون أي حرج في تظهير ملامحها ومضمونها عندما فضل داعش على إيران، ووجد في الأخيرة الخطر الرئيس في المنطقة، كذلك حذا مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الحذو ذاته لكن بصورة تفصيلية مهمة ومن خلال تقديره الاستراتيجي الاستخباري للعام 2016 لجهة تعزيز أسلوب مواجهة الأبعاد غير النووية للنشاطات الايرانية في المنطقة، إذ وجد التقدير أن سورية تمثل القناة الإيرانية في العالم العربي، وعبرها تحافظ على التواصل، وتعزيز قدرات حزب الله ومجموعات فلسطينية متطرفة، بحسب تعبير التقدير الذي اعتبر أن اقتلاع نظام الأسد مصلحة إسرائيلية واضحة، ويشكل الرد القاسي على إيران،  ومضى التقدير في تحليلاته مضيفاً أن على إسرائيل أن تجد طريقاً لدعم مسارات تؤدي في نهاية المطاف إلى أن لا يكون نظام الرئيس بشار الأسد مهيمناً وذلك بموازاة الامتناع عن تعزيز تيارات سنية متطرفة، ولتحقيق ذلك فإن على إسرائيل أن تطور أدوات جديدة وابداعية أكثر فعالية، عبر التعاون مع الحلفاء في واشنطن وتركيا والسعودية، إذ عدّ التقدير أن كلاً من السعودية وتركيا هي من الدول البراغماتية والرئيسة في منظومة الكتل السنية، التي يجب التحالف معها، ومن هنا نفهم ما أعلنه موشي يعالون نفسه وبصراحة تتضح مدلولاتها كوضوح الشمس عندما أكد أن السعودية تشكل رأس محور هام في المنطقة، والتعاون معه أهم من كل اتفاقات السلام.  قد لا يبدو جديد الطرح الإسرائيلي وتفنيداته طرحاً جديد المعالم والتشكيل، فتلازم الرؤى الإسرائيلية السعودية والإسرائيلية الخليجية حيال النظرة لإيران وحلفائها ليس بالجديد على الإطلاق، لكن اللافت هو توقيت الطرح، ولاسيما في فترة تتحضر فيها الجهات الدولية والاقليمية لإطلاق عملية سياسية سورية عبر جنيف 3، وكذلك تتابع الإدلاء بذات التصريحات وحرفيتها، ففي نفس اليوم الذي نشر فيه مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تقديره، أعلن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير في تصريح لشبكة سي ان ان الأميركية أن بلاده تدرس إمكانية إرسال قوات سعودية إلى سورية وأن مفتاح الحاق الهزيمة بداعش هو تغيير نظام الأسد، وتطبيق الاصلاحات في العراق المتفق عليها قبل عام ونصف التي تضمن توزيعاً عادلاً للسلطات بين الطوائف، كذلك فعل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في اليوم التالي ، ومن تركيا " شد الأزر" الاسرائيلي السعودي وأتم الرسالة، عندما أعلن أن بلاده ستلجأ للقوة العسكرية في سورية إذا فشلت السياسة وتبحث سبل دعم تركيا لما سماها القوات العربية السنية في سورية.  كلام بايدن قد لا ينتج أي حضور أميركي مادي(بري) على الأرض، ولاسيما بعد إعلان أوباما أن عوة بلاده لسياسة التدخل المباشر في المنطقة تتجاوز قدرات واشنظن الواقعية، لكن المؤكد أن بايدن بمدلولات كلامه الزمانية والمكانية، وماشكله من مظلة جامعة وداعمة لإرادة الحلفاء، قد بعث برسالة شديدة اللهجة ولاسيما للروسي المستمر في لعبة التحدي والحاضر بزخم في يوميات السياسة والميدان السوريين، والقائل للتو أن المبادرة الاستراتيجية في الميدان هي بيد الجيش السوري، هذه الرسالة التي مفادها أننا نحن أيضاً حاضرون ومستعدون لصياغة كل عوامل الإيلام والإفشال.  المؤكد أننا لن نصحو غداً لنرى عاصفة حزم سعودية جديدة في سورية فالأمر لن يكون بهذه السرعة، لكن المؤكد أن النيران أطلقت على جنيف 3 قبل أن يبدأ لا بل وأصابته في الرأس، وربما سيكون هبوب النار الإسرائيلية وشيكاً من خلال غاراتها التي اعتدنا على سماع هديرها مع كل " عرس تسووي "، والتي ستمر بالطبع في السماء السورية بسلاسة منقطعة النظير، والمؤكد أيضاً أن الاستعدادات وأمر المباشرة قد تم إصداره لإثارة عواصف حزم سعودية وغير سعودية في سورية لكن في موعدها الأميركي حصراً، إلا إذا كان للروسي كلمة أخرى لجهة الدفع بما ألمحت له صحيفة الفايننشال تايمز والذي نفاه الكرملين حول الطلب من الأسد  التنحي، والمباشرة ربما في البحث عن بديل للرئيس الأسد ولاسيما في معركة باتت نصف ساخنة بالنسبة للروسي الذي التقط رسالة بايدن ووجد فيها طابعاً هداماً، كما يدرك أفن الاستمرار في تلك المعركة إلى أجل غير مسمى هو انتحار.
* كاتب صحفي فلسطيني - ألمانيا 
Dr.mbkr83@gmail.com