2025-06-09 12:12 م

ليس دفاعا عن ماجد فرج .. لكنها الحقيقة التي يجب ان تقال

2016-01-27
كتب المحرر السياسي
بعد أن هدأت "الزوبعة" التي اثيرت حول تصريحات مدير المخابرات الفلسطيني ماجد فرج، واختلاط الحابل بالنابل، واتضاح الكثير من المواقف، وتكشف محاولات الاصطياد في المياه العكرة، والخلط بين الفهم وعدمه، والتسرع في التفسير والنقد المستند الى أحقاد شخصية، من حملة معاول الهدم، وهواة تشكيل الاصطفافات والبحث عن أبواب لحصد المنافع الذاتية و "المواقعية".. كان لا بد لـ (المنــار) أن تطرح الحقيقة كاملة، بكل الصراحة والوضوح، بعيدا عن الضبابية والمواربة، استنادا الى الحرص والمصلحة العامة، في مرحلة مفصلية تستدعي الحذر والصدق والكف عن الألاعيب التي اعتاد البعض القيام بها، للتغطية على الأهداف المرسومة المرتبطة بالأجندة الغريبة، والملتصقة بالارتباطات المشبوهة.
تطرح (المنــار) الحقيقة ليس دفاعا عن ماجد فرج، وانما التزاما بدورها منذ انطلاقتها في العام 1991، وحتى لا "يستأسد" قصيرو النظر، وأولئك الذين يبحثون عن أقنعة لتغطية انحرافهم ومسلكياتهم، وما يمارسونه في الخفاء، ومن وراء الكواليس ارتدادا والتفافا وارتباطا، وارتماء في أحضان قوى خارجة على ارادة الأمة، لا تريد خيرا أو ثباتا للساحة الفلسطينية، واستقلالية للقرار الفلسطيني، وتمسكا بالمشروع الوطني، رامية بثقلها من خلال وكلائها في الساحة للامساك بالورقة الفلسطينية، واقحامها في سوق الصفقات والمقايضات حفظا لماء الوجه بعد سقوط برامجها في القاهرة ودمشق وفشل سياساتها التخريبية.
ما ذكره مدير المخابرات في تصريحاته من المفترض أن يفسر بنوايا سليمة وعن فهم وادراك، مع الأخذ بالاعتبار كافة الظروف المحيطة، دون استبعاد نضالات الرجل التي تشكل الأساس والقواعد للمهمة التي أنيطت به منذ سنوات. في مرحلة شائكة بالغة التعقيد والخطورة، وسط تحديات وأخطار رهيبة، ومحاولات محمومة تستهدف اسقاط فلسطين وشعبها عن النسيج الدولي.
ان مدير المخابرات ماجد فرج، الذي أعرفه عن قرب منذ ثلاثة عقود، ينفذ قرارا سياسيا ويلتزم به، ويحاول بحكمته وحنكته وبفعل قراءته الدقيقة والسليمة للواقع، درء الأخطار عن أبناء شعبه، وهذا الهدف في قمة جدول أولويات الجهاز الذي يديره، وهو من خلال التعاطي مع مسألة التنسيق الأمني، المستندة الى قرار سياسي، يعمل جاهدا على تفادي الانزلاق الى ما من شأنه الاضرار بالساحة شعبا وثوابت، مبتعدا عن "الشعبوية" والانجراف، في مرحلة تستدعي الحذر، وفي ظل انهيار مدمر للعمق المساند للقضية الفلسطينية، وفي مثل هذه التعقيدات وتشابك الأمور، يتوجب النظر الى أهمية التوقيت وأبعاد ذلك، واختيار أشكال الاستجابة للتحديات .. وبعكس ذلك، يعتبر الأمر انتحارا.. والعناد غير المبني عل خطط سليمة مدروسة يتفق عليها الجميع هو الكفر بعينه.
تصريحات ماجد فرج أثارت "زوبعة" والمنتقدون لها، غالبيتهم لم يقرأوها جيدا، وان قرأوها لم يكونوا معنيين بردود نابعة من نوايا حسنة خالصة، بل سارعوا الى وضع هذه التصريحات في ميدان السباق "المواقعي" المفتوح دون حكمة وتنظيم.. بمعنى، هذه التصريحات تم توظيفها في خنادق التصارع دون الغوص والتعمق في محتواها، وتوقيت طرحها، والأهداف المبتغاة من وراء ذلك، فقبل أيام من نشر التصريحات كان هناك تسريب مقصود متعمد متعلق بمدير المخابرات وبامكانية تكليفه بمنصب نائب الرئيس، تسريب في حمى ما يسمى بـ "حرب الوراثة" التي يحاول البعض اشغالنا بها، عن عمد وسابق اصرار، هذا التسريب أشعل الاضواء الحمراء في التحالفات والاصطفافات التي باتت الهم الوحيد لأعضائها والمنتسبين اليها، دون اكتراث بما يجري أو متابعة للهموم التي تستحق الوقوف عندها وحماية أبناء الجيل الشبابي الذي به نعتز، وبالتالي، كانت الزوبعة، ليس من منطلق الحرص والهم الوطني، وانما بهدف تعزيز المواقع وتسجيل النقاط، واصحاب الانتقادات "غير البناءة" لا يمنعهم أحد من "امتشاق" السلاح، أو أن "يستلوا" السيوف على أسوار القدس والثغور!! انها انتقادات المتصارعين على الخلافة، والمعتادين الاصطياد في المياه العكرة، وهواة ركوب "الأحقاد الشخصية".
وهناك من راح "يزمجر" ويهدد ويدعو الى المحاكمة والاستقالة، ووجد في تصريحات ماجد فرج الحجة والتبرير لما يمارسه على الأرض من انحراف عن البوصلة، وفرصة سانحة للتغطية على حقيقة ما يمارس من نهج يسعى لهدنة طويلة الأمد، بوساطة وجهود من جواسيس العصر في أنقرة والدوحة، وتقديم خطوات حسن السير والسلوك للاحتلال.
لم نجد منتقدا واحدا، انطلق من حرص، وبهدف البناء، والتصحيح، وانما من أجل التوظيف في معارك شخصية، واذا كانت هناك قوى وفصائل لم تعجبها تصريحات مدير المخابرات، فلماذا لا تخوض المواجهة، ولماذا لا تنزل الى الميدان بأشكال مواجهة مؤثرة ومؤلمة للاحتلال وحماية ابناء الهبّة المقدسية، واذا ما كانت جادة ومعنية وصادقة فيما تطرحه، فلماذا تختبىء وراء التصريحات الاعلامية ، استهلاكا وتغطية وتذرعا وعلاقات عامة!! ولماذا لا تلتحق بالهبّة بدلا من المتاجرة بها. بالتأكيد هي لن تواجه ممارسات الاحتلال ، فهي مرتبطة بأجندات خارجية وتلهث وراء تحالفات غريبة تدميرية للساحات العربية، وتريد نقل ما يجري في تلك الساحات الى الساحة الفلسطينية.
ان التنسيق الأمني، هو قرار سياسي، وقابل للدراسة، وماجد فرج ملتزم بالقرار السياسي، وأول من ينفذ قرارا آخر بوقفه، أو أن يكون تنسيق الند للند، والى أن يحدث هذا، فان مدير المخابرات من واجبه أن يحرص على أية نقطة دم من أبناء شعبه، وأن لا يساهم في دفع أطفالنا وفتياننا الى التهلكة، على أيدي الاحتلال وارهابه ووحشيته، فهناك أشكال أخرى من المواجهة تدركها الفصائل جيدا والميدان مفتوح، اذا هي جادة بالفعل، لذلك، عليها التوقف عن اصدار البيانات الفارغة، واتخاذ المواقف غير المدروسة جيدا، والعمل على أن يكون هناك موقف موحد، تجتمع وتتلاقى عليه كل القوى والفصائل، لا استغلال هذا التصريح أو ذاك الحدث لمواصلة الاختباء، والتغطية على ما يدور من اتصالات مع اسرائيل باتجاه اتفاقيات مذلة.
أما المنتقدون من جانب المنشغلين بصراعات حرب الوراثة، فهم مدعوون الى عدم استغلال وتوظيف تصريحات فرج، في هذه الحرب التي لا لزوم وداعي لها، والأهم ترتيب البيت، وانجاز المصالحة، ووضع النقاط على الحروف بشأن كل المسائل المطروحة، والاهتمام بالمؤسسات وعدم تجاهل ونسيان القدس المهمشة، والتوقف عن الأحقاد الشخصية والاصطياد في المياه العكرة، وضرورة النظر بواقعية وحكمة الى الاوضاع والامور والمسائل، فالشعب في غنى عن الهرطقة والفذلكة والصراخ الفج والاتهامات العشوائية، وخلط الحابل بالنابل، والعنترية الفارغة وافتعال الاشكالات.. فالميدان مفتوح، فليتم الاتفاق على خطط مدروسة بين كل القوى، لخوض المواجهة مع الاحتلال والانتصار فيها، وقبل كل شيء، عدم المتاجرة بدماء أبنائنا وبناتنا الطاهرة، والتلذذ بتعداد الشهداء الذين يسقطون على أرض الوطن بفعل الاعدامات الميدانية التي تنفذها وتمارسها قوات الاحتلال بهمجية وبربرية ووحشية!!
ما نقوله ، هو الحقيقة بكل الصراحة والوضوح والالتزام بخصوص مسألة لا نريد لها أن تكون فتيلا لاشعال الفتن، وليس دفاعا عن ماجد فرج، أو استزلاما أو استجداء، هذا موقفنا ونهجنا المستقل في (المنـار) منذ صدورها، في العام 1991.