نعتبر أن هذا الحدث إلهي حيث ساق الله إلينا الأمريكان إلى مياهنا ليتم الرد عبركم في التوقيت المناسب ويتم إيقافهم بتلك الطريقة حيث كانوا يضعون أيديهم على رؤوسهم راكعين ".
هكذا وصف آية الله العظمى سماحة الإمام القائد علي الخامنئي في لقائه مع أعضاء الحرس الثوري الذين قاموا في هذه العملية وفي هذا التوقيت الذي تزامن مع مواعيد رفع الحظر الأمريكي والأممي عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية إبان الاتفاق النووي بين إيران والعالم ، وتزامن أيضاَ مع الحملة الشعواء التي تقودها مملكة آل سعود ضد إيران والتي كانت تسعى لتحشيد الدول العربية والإسلامية لمقاطعة إيران بحجة ما حدث من هجوم على سفارة مملكة " آل سعود " في طهران إبان جريمتها النكراء بإغتيال الشيخ الشهيد نمر النمر.
وتلا هذا الحادث السيادي البطولي لعناصر البحرية في الحرس الثوري رسالة شكر من رأس الديبلوماسية الأمريكية الوزير كيري حيث شكر إيران على حسن تعاملها مع الجنود الراكعين ، الأمر الذي رفع مستوى السعار السعودي الصهيوني الذين أدركوا بحجم الهزيمة التي تجرعوها مريرة علقماً.
حدة الرعب في الكيان الصهيوني كانت ظاهرة وكبيرة في كل الصحف الصهيونية ووسائل إعلامه في اليوم التالي من هذا النصر وما بعده ، وكانت هي المادة الرئيسية في النشرات الإخبارية لقنوات التلفزة ، التي أسهبت في التغطية الإخبارية وفي التعليق عليها.
فصحيح أن الحدث هو أمريكي ــ إيراني ، إلا أن تداعياته ودلالاته تفيض على الخليج ودوله باتجاه كل دول الشرق الأوسط ، بما يشمل إسرائيل ، الدولة العضو غير المعلن ، وربما المعلن ، في ائتلاف واسع من "الدول العربية المعتدلة" التي قررت الوقوف في وجه إيران ، والمحور الذي تقوده في المنطقة.
فمن " الإذلال " إلى " الإهانة في إيران " ،،،، مع كل ما ذكر من عناوين و تحليلات وبرنامج متلفزة والتي تظهر أمراً واحداً وهو علو كعب الإيرانيين في المنطقة ، وتسليم أمريكي بقوة إيران ودورها في المنطقة كمدير جديد للإقليم ولا بد من التعامل معه على هذا النحو ووفق ما خلص إليه تقرير " بايكر- هاملتون " الذي خلص إلى ضرورة الإعتراف بدور إيران وأنه لا بد من التعامل معها على مبدأ عدو عاقل خير من صديق جاهل بعدما فشل السعوديون والصهاينة وباقي أذناب الأمريكي في المنطقة في الملفات التي تعهدوا بإنجازها.
ولعل أبرز صور الذعر المبطن الذي شعر به الصهاينة من هذا المشهد هو ما كتبته أشهر صحف الكيان الصهيوني " يديعوت أحرونوت " حيث قالت الصحيفة بأنه:
” لا شيء قادر على محو صورة الإذلال التي لحقت بالبحرية الأميركية وبصورة واشنطن في المنطقة ، فصحيح أن الحادثة بلا دلالات عسكرية ، لكنها حبلى بالدلالات السياسية ، التي يجب على إسرائيل أن تقف أمامها ملياً ".
وطبعاً هذا الكلام يحمل في طياته الكثير من الخوف والصدق والكذب أيضاً، فلقد كانت الصحيفة صادقة بالذل الأمريكي ، وصادقة بأنه يحمل بالكثير من الدلالات السياسية ، ولكنهم كذبوا عندما قالوا أنه لا يحمل دلالات عسكرية لسبب بسيط أن الأمر بالأصل هو عمل عسكري محض ومن قبل أخطر أعداء الكيان الصهيوني في المنطقة ألا وهو الحرس الثوري الإيراني ، والذي أظهر في هذه العملية قوة وشجاعة ومهارة أرهب به أذناب الأمريكي في المنطقة فضلاَ مشاة البحرية الأمريكية ، والأهم من كل ذلك الرسائل التي تمس حرب الأدمغة والمخابرات التي أثبت فشلاً ذريعاً في كشف مكامن القوة والتطور لدى الحرس الثوري في تصنيع هذه الأسلحة المتطورة والأهم هو المعرفة والقدرة التامتين على إستخدامها بكل براعة وبشكل فاجئ الأصدقاء قبل الأعداء.
وهذه القراءة أكدها أحد جنرالات بحرية الحرس الثوري الإيراني عندما قال بما معناه ، إن أعداءنا يستخدمون تكتيات لمعرفة قدراتنا بشكل غير مباشر بسبب فشلهم بمعرفتها بما يملكونه من تقنيات تجسسية عالية ، وهم الأن أدركوا بعضاً من قوتنا وجديتنا في التعاطي مع أي أمر يمس بسيادتنا وأمننا ، وبأننا سنتقص وسنقص كل ذراع تمتد أو تتطاول على تمتد على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها في المنطقة ، وبإن الإنجاز النووي وموضوع رفع العقوبات عن إيران ليس قابل للتفاوض ولن يكون باب للرضوخ أو القبول بأي عمل يمس كرامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وهذا نفسه ما أدركه الصهاينة الذين قرؤا المشهد بقوة إيران قبل رفع الحظر عنها فكيف ستكون ما بعد رفع هذا الحظر ، وأدركوا بأن يد طهران ستكون هي العليا في المنطقة ، وستكون أشد في مرحلة ما بعد تنفيذ الاتفاق.
وبالتالي فإن قلق إسرائيل من هذا " الحدث الإلهي " هو تعبير عن قلق كل من يقف في وجه إيران في المنطقة ، فإذا تعاملت الولايات المتحدة بدبلوماسية مع حادثة إذلال لحقت بها هي ، فكيف بها تجاه حادثة إذلال أخرى تجاه أصدقائها في المنطقة؟
وهذا ما يبرر سعي الكيان الصهيوني وبشكل معلن من الجانبين على تنمية وتظهير حلفها وعلاقتها بدول الإعتلال العربي وعلى رأسها دول الخليج العربي وفي مقدمتهم بل على رأسهم كيان " آل سعود " وعدم الاكتفاء بائتلاف المصالح المشتركة مع هذه الدول التي أصلاً لم تعد بحاجة لكثير من الشرح والتحليل لإثباتها وذلك بعد التآكل الذي تعاني منه الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان إلى البحر المتوسط الأمر الذي يدفع هذه الكائنات التي محميات أمريكية في المنطقة إلى الإعلان عن تحالفهم بصورة أكثر انكشافاً ، وبلا مواربة ، وهذه طبيعة الكيانات السرطانية في الدفاع عن وجودها.
الحدث الإلهي
2016-01-29
بقلم: محمد توتونجي