2025-06-09 02:38 ص

الجامعة العربية والقمم العربية !!!!

2016-02-15
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
أعلنت جامعة الدول العربية مؤخرا عن تأجيل موعد القمة العربية العادية التي كان من المزمع انعقادها في أواخر شهر مارس القادم الى اول أسبوع من نيسان المقبل. خبر تلقاه مطمور في زاوية مخفية في صفحات الجرائد ولن ينتبه اليه أحد، فهذا الخبر لم يعد يثير أي اهتمام بقدر ما يثير الاشمئزاز من جامعة عربية ذليلة أصبحت مطية للدول الخليجية واداة من أدوات البيت الأبيض والجسد "العربي" الرسمي الذي يبارك تدمير الدول الوطنية ومقدراتها وجيوشها خدمة للمخططات الصهيو-أمريكية في المنطقة. وقمم عربية أصبحت تشرعن قتل العربي بأيدي عربية. الجامعة العربية والقمم العربية السابقة أعطت الغطاء العربي الرسمي لحلف الناتو لتدمير ليبيا وتحويلها الى دولة فاشلة ترتع فيها حثالة التكفيريين والإرهابيين من تنظيم داعش والقاعدة بكافة الوانها وفصائلها المتعددة الأسماء التي انتشرت في المغرب العربي والدول الافريقية التي تقع جنوب ليبيا. وأدى انتشار الفوضى وغياب سلطة الدولة والامن والاستقرار في ليبيا الى ظهور امراء حرب بالإضافة الى المنظمات الإرهابية مما أدى الى تمزيق الوطن الليبي. والان وبعد السماح لتهاوي الأوضاع في ليبيا نتيجة تدخل حلف الناتو وبعض الدول العربية تحت المظلة الامريكية نرى ان الولايات المتحدة قد بدأت بالتدخل العسكري مرة أخرى في ليبيا بحجة "محاربة" تنظيم داعش "ومنع تمدده" ، وهي التي رعت تمدده وانتشاره في سوريا واليمن والعراق والمغرب العربي وعلى وجه التحديد في ليبيا. كل هذا يتم تحت أعين جامعة الذل والخذلان التي يطل علينا امينها العام الذي يدين على سبيل المثال التدخل التركي في العراق ولكن يتبع ذلك بالقول ان الجامعة لا حول لها ولا قوة ولا تستطيع ان تفعل شيئا. الجامعة التي لا حول لها ولا قوة، هي نفس الجامعة التي ذهب امينها العام برفقة وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم ووفد من الدول "العبرية" ليطالب مجلس الامن بتطبيق البند السابع على سوريا الذي يتيح التدخل العسكري في سوريا لإسقاط الدولة الوطنية. والجامعة العربية والدول "العبرية" أعطت المباركة للتدخل العسكري لآل سعود في اليمن وتدمير بناه التحتية بالكامل وقتل البشر والحجر واستخدام القنابل العنقودية المحرمة دوليا لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين. هذه الجامعة والدول "العبرية" التي تغض النظر عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها آل سعود في اليمن مع المرتزقة الذين جمعوا سواء من الدول العربية من اجل حفنة من الدولارات الى جانب مرتزقة بلاك ووتر الذين قدموا من كولومبيا وبعض الدول الغربية. هذه الدول "العبرية" التي شاركت في العدوان على اليمن. والان تستعد للتدخل البري في سوريا مع جيش السلطان العثماني الجديد السيد اردوغان. هذه الدول التي تتكالب في محاولة يائسة لإسقاط الدولة الوطنية السورية خدمة لمصالح سيدهم في البيت الأبيض والحفاظ على أمن حليفهم الاستراتيجي القديم الجديد الكيان الصهيوني، بعد ان فشلت جحافل المرتزقة والتكفيريين والإرهابيين ذوي الفكر الوهابي المتأصل في آل سعود في تحقيق أهدافهم، مما استدعاهم للتفكير الجدي بالتدخل الجديد، والذي قد يفتح الابواب على حرب عالمية ثالثة. هذه الجامعة وتلك الدول "العبرية" تحشد الجيوش والمرتزقة وتقيم الاحلاف من "تحالف عربي" لغزو اليمن " و "التحالف العسكري الإسلامي" ولو ان الأخير ما زال حبرا على ورق لأنه كما قال البعض انه "تحالف الموبايل" فلم تستشر الكثير من الدول التي أعلن من الرياض انها جزء من التحالف "العتيد". المهم ان هذه الدول العبرية تحشد امكانياتها المادية وهي بعشرات المليارات من الدولارات، وكذلك العسكرية والنفطية حتى لو أضرت بنفسها واقتصادها، الى جانب طواقمها الدبلوماسية والسياسية والإعلامية في مهاجمة الدول العربية الوطنية، في الوقت الذي تبخل فيه على الشعب الفلسطيني حتى بإصدار بيان مهلهل وفاقع يدين ما يتعرض له من مجازر وقمع وتنكيل واعدامات ميدانية. أتدرون لماذا؟ لأنها تفعل ولن نخجل من القول بأنها فعلت وما زالت تفعل بأكثر من هذا في اليمن خاصة الى جانب ما قامت به في سوريا طيلة ما يقرب من الخمسة سنوات. الدول "العبرية" عملت على حرف الصراع وبوصلته في منطقتنا. فلم تعد القضية الفلسطينية حتى على جدول أعمالهم ومهماتهم اللهم الا إذا كان التآمر على القضية وتصفيتها خدمة للمخطط الصهيوني هو المطلوب، وهو ما تتناوب عليه الرياض والدوحة هذه الأيام. لا يغرنكم الوساطة القطرية لإجراء المصالحة بين فتح وحماس فالخنجر المسموم يراد غرسه في الجسد الفلسطيني. واهم وحالم من يتصور ان الرياض أو الدوحة تحمل وتتمنى الخير للشعب الفلسطيني أو انها تناصر قضيته العادلة. من يدمر الدول العربية الوطنية ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ ويحرم الملايين من أبناء الشعوب العربية من الماء والغذاء والدواء والتعليم ومقومات الحياة لم ولن يكون مناصرا للشعب الفلسطيني. من يحتضن الارهاب ويموله ويدعمه ويأويه ويقوم بتسليحه لمقاتلة الدول الوطنية العربية التي تقف سدا منيعا امام محاولات تصفية القضية لم ولن يكون صديق أو حليف الشعب الفلسطيني وكفاحه المشروع بكل الوسائل المتاحة له. عجبي من قيادات فلسطينية تذهب برجليها أو من تلك التي تعيش في كنف بيت المتآمر على القضية ويسعى الى تصفيتها خدمة للمخططات الامريكية والصهيونية، من باب الخيانة والعمالة والشعور بانه أصبح من الاعبين الكبار الدوليين وهو القزم السياسي الذليل. الاقزام السياسيون الذين يسعون لان يكونوا من الكبار باستخدام مليارات الدولارات من عائدات النفط التي ينهبوها من البلاد لاعتقادهم انها ملك لعائلاتهم وابنائهم شيوخ القبيلة الذين يتحكمون بالبلاد ورقاب العباد، لن يكونوا الا في خانة أعداء الامة العربية وشعوب المنطقة بأكملها. من كان يتصور ان تظهر مقالات في صحف عربية رسمية من "كبار المفكرين"!!! ورؤساء وجهابذة "مراكز أبحاث استراتيجية عربية" خليجية على وجه التحديد تنعت الفلسطيني الذي يدافع عن ارضه وعرضه بالإرهابي لأنه يستخدم سلاح السكاكين وهو ما توفر لديه، ووصف الإرهابي الصهيوني بانه الضحية، ضحية "الارهاب" الفلسطيني. العمالة وخيانة المشروع الوطني والقومي أصبحت وجهة نظر. وما شاء الله "نحن" أناس ديمقراطيون ومتحررون الى الدرجة التي يقول بها البعض ان الصهاينة هم أصحاب الأرض أو انهم أصبحوا كذلك لأنهم متقدمون عنا وقاموا بتطوير البلاد التي استولوا عليها. وهذه أيضا وجهة نظر تدلل الى مدى الوضع الصحي الديمقراطي الذي أصبحنا نعيش فيه!!!!!! هذا بعض من غيث لما قامت وما زالت تقوم به الدول "العبرية" ممثلة بجامعتها أو قممها التي لم تعد تمثل الشعوب العربية. هذا لا يعني انها كانت في السابق، ولكن الفجور السياسي الذي نشهده اليوم لم نشهده منذ قيام الجامعة العربية أو القمم العربية. ولذلك نتساءل ما الجدوى من الإبقاء على هذه المؤسسة التي لم تعد تلبي مصالح الشعوب العربية حتى بحدها الأدنى؟ ليس هذا فحسب بل أصبحت ضمن المنظومة التي تتآمر على الشعوب العربي والمشروع الوطني والقومي. بقاؤها وحضور اجتماعاتها أو قممها العربية، يعني ببساطة إعطاء الشرعية للممارسات والسياسات التي ترقى الى الخيانة العظمى بحق شعوب المنطقة. ما نريده هو البديل ...البديل الذي يضم الدول العربية الوطنية. فما دار في الوطن العربي في السنوات الأخيرة يدلل على استقطاب سياسي حاد لم تشهده المنطقة. ولم يعد هنالك فرصة أو إمكانية لإجراء المصالحات، فالفجوة التي تواجدت والظاهرة للعيان لا يمكن ردمها على الاطلاق. نحن لا نريد ان ندخل في دوامة أخرى من "بوس اللحى" وعفى الله عما مضى. الشعار الذي يجب أن يرفع هو قول الشاعر " لا تصالح. لا تصالح .لا تصالح".
bahij.sakakini@gmail.com