2025-06-09 03:41 ص

انحسار احتمالات تدخل بري عدواني في سوريا

2016-02-16
بقلم : حماد صبح
تجمعت في اليومين الماضيين دلائل كثيرة قوية على انحسار احتمالات التدخل البري العدواني في سوريا الذي هددت به السعودية مستعينة بعدد من الدول العربية والإسلامية ؛ بزعم محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ، وإن كان الهدف الحقيقي هو الدولة السورية جيشا وقيادة . ومن هذه الدلائل ما صرح به مسئول تركي كبير يوم الثلاثاء مؤكدا أنه " لن تكون هناك عملية تركية أحادية في سوريا " واشترط لمشاركة بلاده فيها أن تكون مع ما سماه حلفاء بلاده الدوليين ، وهذا الاشتراط لا يخفي الخيبة التركية من العجز عن عمل أي شيء ذي قيمة عسكرية ضد سوريا حتى مع حلفاء بلاده بعد التدخل الروسي القوي الذي تتضح فعاليته في متوالية لا تتوقف ، وتأكدت في انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه الروس والإيرانيين وحزب الله في الشمال وفي الجنوب . ومن هذه الدلائل نفي العميد الركن أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي وجود أي قوات برية سعودية في تركيا ، وذلك في تصريح لوكالة سبوتنك الروسية ، ونفيه في ذاته سواء صدق أو كذب له مضمونه الدال على انحسار احتمالات التدخل ؛ وهو الذي تحدث سابقا بفخر مغرور عن حتميته ، ولا تنسى عبارته المملوءة بذلك الفخر القبيح حين قال منذ أسبوع :" طائراتنا في سماء سوريا " ! ولو كان يشعر من الجو حوله في وزارة الدفاع بقوة احتمال ذلك التدخل لأضاف بنفس غروره إن التدخل البري واقع حتما حتى مع عدم وجود قوات برية سعودية في تركيا . وأقوى الأدلة على تراجع احتمالات العدوان البري التحذير الذي وجهته بريطانيا وفرنسا إلى السعودية من القيام بتلك المغامرة الخطيرة التي ستعرضها ، حسب تحذير الدولتين ، إلى هجوم عسكري عراقي إيراني منسق ، وإلى انتفاضة شعبية شيعية داخلية تستهدف الانفصال عن الدولة ، وكل هذا سيجعل الجيش السعودي في مواجهة ثلاث حروب ، في اليمن ، وفي سوريا والعراق ، وفي داخل البلاد . ومن جانبنا نقول إن الجيش السعودي لا قدرة له بتاتا على حروب حقيقية تقليدية كبيرة ، وإذا انضافت إليها حروب عصابات ، كانت نهايته ونهاية النظام . وأداؤه الضعيف في القتال البري في اليمن وعلى حدود بلاده يؤكد ما نذهب إليه ، وكل هذا الضعف انكشف رغم مشاركة أكثر من عشر دول في الحرب في اليمن إلى جانب عدد من المرتزقة . ومن كان أداؤه بهذا الضعف في اليمن على وفرة الظروف الملائمة له ؛ بأي ضعف سيكون أداؤه في مواجهة السوريين والعراقيين والإيرانيين البارعين في الحروب التقليدية وحروب العصابات ؟ ولن ينفع الجيش السعودي هذا العدد الكبير من الجيوش التي تشاركه الآن في ما سمي مناورات " رعد الشمال " التي تجري في حفر الباطن شمال السعودية للتدرب على التنسيق بينها في حالة وقوع الغزو . الكثرة الغالبة في هذه الجيوش تتبع دولا توصف بدقة بأنها من صعاليك الدول من صنف المالديف وموريشيوس وجيبوتي ، وهذه الدول ليست أكثر من تكملة عدد ؛ وهي " لا في الهدة ولا في السدة " ، ومع ذلك يقنع النظام السعودي نفسه بأن لديه تحالفا إسلاميا يسايره في مغامراته وتهوراته ، وأكثر دويلات التحالف لا تريد أكثر من المعونات المالية السعودية ، وهي عمليا ليست مقتنعة بمغامراته وتهوراته ، ومنها من يتمنى أن تكون مغامرته في سوريا قاصمة ظهره . وفي السياق نفسه تحدث تقرير أمني أميركي عن صعوبة هزيمة تنظيم الدولة من خلال حرب برية إسلامية ، وهو الهدف الذي يزعم النظام السعودي أنه يريده بتدخله البري . وفي الأخبار أن روسيا تراقب مناورات رعد الشمال مراقبة دقيقة ، والهدف معروف . فهل يحسن النظام السعودي قراءة اتجاه الريح ، ويجنب نفسه وبلاده كارثة كبرى ؟! العقلاء يفعلون ذلك .