2025-06-08 11:12 م

أردوغان ما بين حرب الإستخبارات و الجنرالات

2016-02-19
بقلم: ميشيل كلاغاصي
لقد جرب العالم المتغطرس وعالم الأشرار, وأمراء عالم الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي متات و آلاف الجرائم و المجازر عبر التاريخ وصولا ً ليومنا هذا . و لكنه .. لم يستطع إخفاء جرائمه , وأخذت لعنة الشعوب ونقمتها تلاحقهم بكافة الوسائل المتاحة ..و كانت هذه الأعمال الوحشية تُرتكب بشكل مباشر و موجه نحو الأفراد و الشعوب على حد سواء, و ما أكثر الأمثلة عليها.. ك إبادة الهنود الحمر , قنبلة ناكازاكي وهيروشيما الذرية, فظائع محاكم التفتيش , مجازر فيتنام , مجازر فلسطين , مجازر الأرمن والسريان , مجازر العراق , مجازر ليبيا , و المجازر في اليمن و سورية ..... إلخ . و عندما قرر الأشرار تخفيف وطأة النقمة , والتخفي وإلحاق التهمة باّخرين, كان عليهم إيجاد هؤلاء "الاّخرين". و لم يعجزوا بالطبع وكان لهم ما أرادوا عبر النسخ الصهيونية والمسيحية المتصهينة والصهيونية المتأسلمة .. و لكن اّليات التنفيذ بقيت عاجزة عن الإنطلاق و احتاجت دائما ً إلى شرارة الإنطلاق والبدء , فكان أن وجد عقل الشيطان الفكرة وقرر ضرب نفسه واتهام أعدائه وقدح الشرارة .. الأمر الذي سيسمح لهم بتنفيذ الجرائم و الفظائع تحت عنوان الإنتقام أو تخليص العالم من المرتكبين و شيطنتهم و تبرير كل ما خططوا له لحياتهم و مصائر بلادهم .. وما أكثر الأمثلة .. ك أحداث أيلول في أمريكا , إهانة ملك المغرب التي تسببت بإندلاع الحرب العالمية , أتهام القذافي بطائرة اللوكربي, اتهام صدام حسين بأسلحة الدمار الشامل, و اتهام سورية بالأسلحة الكيميائية , أحداث شارلي إيبدو في فرنسا , و"العداء للسامية". لماذا لا يفعلها أردوغان إبن هذه المدرسة الإجرامية , و يضرب نفسه في قلب تركيا وعاصمتها أنقرة و في ديار بكر , و يذهب مباشرة ً لحصد النتائج في محاولة لإبادة الشعب الكردي في تركيا و دول الجوار .. و لماذا لا يفعلها بعد فشله في الحرب على سورية, واقتراب لحظات الحقيقة, إما بسقوطه داخليا ً وشعبيا ً, أو بفعل قادة العسكر والجنرالات اللذين قزمهم و أزاحهم عن السلطة والقرار.. أو استخباراتيا ً خارجيا ً عن طريق عشرات أجهزة الإستخبارات الدولية بدءا ً من الأمريكية و ليس إنتهاءا ً بالتركية نفسها . فمن يراقب الأعمال الدامية والعمليات الإرهابية والتفجيرات شبه اليومية في مختلف المدن التركية, يلاحظ ارتفاع عدد رجال الأمن و الشرطة والعسكر المستهدفون , ناهيك عن العلاقة السيئة والتي تكاد تلامس حد العداء لأردوغان و زبانيته في السلطة و ما بين المؤسسة العسكرية التي استطاع أردوغان تحييدها عن الحكم و تجميدها بما يعني ذلك من قص وتقليم أظافر جنرالاتها عن موازين القوى في البلاد و أصابها في صميم مصالحها في حروب الفساد الداخلي التي يترأسها أردوغان عائليا ً وسياسيا ً, إن تفجير أنقرة و ما تلاه من تفجير في ديار بكر بعد ساعة واحدة و رصد عدد القتلى من العسكريين الذي تجاوز العشرين , يرفع منسوب الشك وتفوح منه رائحة الحرب ما بين أردوغان و استخباراته وجنرالاته . إن حاجة أردوغان للاعتماد على المؤسسة العسكرية خاصة في هذه الأوقات يدفعه لاستفزازها , و ربما لدفعها في ملفات جنونه الشخصي , الأمر الذي يرفضه أغلب جنرالاتها و يفضلون عدم إدخال البلاد في حرب ٍ خاسرة هم بغنى عنها .. لا يحتاج تصويب الإتهام للرئيس التركي وحزبه في التنمية و العدالة للكثير من العناء والتفكير, خاصة ً لعدم وجود مصلحة مباشرة لحزب العمال الكردستاني أوغيره من التنظيمات والأحزاب الكردية أو الأرمنية في ارتكاب الحماقة , فهم يشعرون أنهم يسيرون سياسيا ً على السكة الصحيحة نحو الحصول على الكثير من حقوقهم.. بالإضافة لنفي من إتهموا منهم و من خصومه في الأحزاب التركية الداخلية , في أزمنة ٍ لم يعد إختباء منفذي الأعمال الإرهابية يخشون الإعلان عنها .. ويبقى أردوغان صاحب المصلحة الأولى في أن يظهر بمظهر المظلوم.. وله كل المصلحة في شحذ همم و تأييد الشعب التركي, و جعلهم يعتقدون أنهم يخوضون معركة الأمة.. في الوقت الذي يقوم بذبح بعض مكونات الشعب التركي بقذائف المدفعية و بالطائرات المروحية , و يطاردهم في الأراضي العراقية و السورية, ولا نستبعد أن يكون تفجير أنقرة قد تم على يد الإستخبارات التركية , في وسط العاصمة و بالقرب من مبنى قيادة الأركان و البرلمان , والذي يعتبر مربعا ً أمنيا ً لا يمكن إختراقه أو الإقتراب منه. إن شبق أردوغان و توقه للتعلق باّخر أوراقه يدفعه لمحاولة إقناع الولايات المتحدة أن وحدات الحماية الكردية و كافة الأحزاب الكردية هي تنظيمات إرهابية , إذ يقول داود أوغلو : "قلنا لكم أنها منظمات إرهابية", و سارع لحصر الإتهام بشخص سوري - كردي ! . لقد شعر أردوغان لوقت ٍ أنه العصا الأمريكية المنفذة لتفتيت الدول و الشعوب , وبإمكانه الحصول على ما يبتغيه من جوائز .. و هاهو و بكل المرارة والخوف والغضب والجنون يرى العكس وأنه ليس طفلا إسلاميا ًً مدللا ً , فتراه يوجه التهم لواشنطن بتمويل و دعم "داعش" والوحدات الكردية , و بإلقائها السلاح لهم جوا ً. بات من الواضح أن أردوغان يغرق و لم يعد إستطاعته صد العاصفة في الداخل التركي , و لن ينجح بتصدير مشاكله عبر شن حرب ٍ برية على سورية .. فالتحذيرات الروسية والإيرانية والأمريكية والفرنسية , لن يستطيع تجاهلها , ناهيك عن الرد السوري الذي لن يتساهل في قصف المواقع العسكرية التركية و تحصين قواته , و بإغراق 42% من الأراضي التركية بالصواريخ السورية الموجهة لسدي أورفة و سد أتاتورك . لن يكون من مصلحة العالم أن يرفعوا منسوب التوتر و الحروب الباردة في المنطقة , ولا يملك أيا ً منهم تأكيدات عدم تحولها إلى حرب ٍ عالمية , بإختصار .. كما دفعت الإدارة الأمريكية اّل سعود نحو المستنقع اليمني , ها هي تدفع أردوغان وحزب العدالة والتنمية نحو المستنقع الكردي الداخلي , و نحو الحرب البرية على سورية , و التي ترى فيها محرقة ً حقيقية له . و عجبا ً من أغبياء ٍ لا يزالون يعتقدون أن أردوغان قد أصبح "عبقري" زمانه ؟