فبعد سنوات طويلة للعبث السعودي في لبنان , و بعد نمو أذرعها و التي باتت أشبه بخنازير الصحراء , يبدو أنها لم تعد تكتفي يالدماء الذي يؤمنها لها مالها النفطي اللعين , و لم يعد يسعفها حقدها و شق الصف اللبناني و إزاحته عن قانون الطبيعة الجيوسياسية و التي تضع لبنان في الخندق الأول لصد ومقاومة العدو الإسرائيلي , ليس بدافع ما تبقى من أراض ٍ لبنانية محتلة وحسب , و إنما لصد المشروع الصهيوني برمته بدءا ً من الساحة اللبنانية وصولا ً إلى مركز الصراع العربي – الصهيوني في فلسطين و سورية .
و بعد إعتمادها على عملائها هناك لسنوات و سنوات , و اللذين يتربعون على عرش نصف السلطة , و بنصف نصف البرلمان , و نصف الجيش , و نصف الأجهزة الأمنية , ونصف الشعب ...
و لم يعد يروق لها تعقل العقلاء أو ذكاء الخاسرين معها في كل معاركها و حروبها في المنطقة خاصة ً في سورية و اليمن و في الداخل اللبناني على وجه الخصوص , و انحسار أدوارهم بعدما طالهم الإرهاب في أوطانهم و لم يعد من السهولة بمكان لأي منهم أن يتابع معاركها الفاشلة , فهاهي تقطع عنهم شريان العمالة , و رواتب الخيانة , و تتراجع عن وعود ٍ و إتفاقيات و هبات – سمها ما شئت - حاولت فيها شراء القرار اللبناني الرسمي , و تتحه لوقف مساعداتها المالية الكبيرة و بقيمة 4 مليار دولار ثلاثة منها كانت مخصصة لتزويد الجيش بأسلحة فرنسية , فيما يأتي المليون الرابع كدفعة أخيرة من المساعدات السعودية إلى لبنان , و التي كانت قد أوهمت الجيش و أجهزة الأمن اللبنانية أنها الدولة العربية الداعمة والأم الكبرى والمانح السخي و بدون مقابل! ...
إن توقفها عن مد ّ الدولة اللبنانية بالمال يؤكد على خداعها وأنها لم تكن كما تدعي , وأن كل ليرة ٍ قدمتها إلى جهة أو فريق أو أشخاص في لبنان ليس إلا ّ مالا ً قذرا ً مخصص ٌ لشراء الوطن والشعب , سعت من خلاله إلى تمرير سياساتها الدنيئة و التي تصرفها في جيوب أسيادها في "إسرائيل" وأمريكا , والذي يحمل هدفا ً وحيدا ً هو تدمير المقاومة اللبنانية و تسهيل عبور المشاريع الصهيو- أمريكية ..
إن ما فعلته بإدعاء أن ممارسات لبنان لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين , ما هو إلاّ محاولة لشحذ همم العملاء لممارسة أكبر ضغط ٍ ممكن على الدولة و الشعب للحد من موقف و دور المقاومة اللبنانية في صد المشرع الصهيوني و دفعها لسحب مقاتلي حزب الله إلى الداخل اللبناني , والاكتفاء بسياسة النأي بالنفس .
ولسان حالها يقول : أعطيتكم المال والسلاح لنتتحروا .. و لتضربوا أعدائنا لا أعداء المقاومة.
وليس من المفاجئ أن تعلن دولة الإمارات العربية المتحدة انسجامها و تماهيها و" "تأييدها الكامل" لقرار السعودية إجراء مراجعة شاملة للعلاقات مع لبنان بوقف مساعداتها لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلي اللبنانية.
لبنانيا ً.. لم تخرج المواقف الرسمية عن سياقها المعهود , فرئيس الحكومة تمام سلام أعرب عن تفاجئه بالقرار , فيما إعتبر المجلس النيابي أن القرار سيادي سعودي , في حين اتجه عميل الوراثة السعودية في لبنان سعد الحريري للإعراب عن تفهمه لقرار المملكة .
فيما أكد حزب الله في بيان : أن القرار السعودي لم يفاجئ أحداً على الإطلاق في لبنان و أن القرار السعودي "يكشف مجددا ً زيف ادعاءاتها الباطلة في مكافحة الإرهاب ويؤكد أن موقفها الحقيقي هو رعاية الإرهاب وتسليحه وتمويله وخلق الفتن والمشاكل أينما كان " .. وأن " جوقة الكذب والنفاق المحلي التي سرعان ما تنخرط في حملة الاتهامات الباطلة والتزلف الرخيص لن تؤدي إلى تغيير الموقف السياسي الثابت لحزب الله من التطورات والأحداث في المنطقة , واعتبر الحزب أن تحميله المسؤولية عن القرار السعودي هي دائما ً بسبب مواقفه السياسية والإعلامية في دعم اليمن والشعب البحريني المظلوم والشعوب التي تكتوي بنار الإرهاب السعودي, و رأى أن "الأزمة المالية التي تعاني منها السعودية جراء عدوانها الآثم على اليمن وبسبب مؤامرة انخفاض أسعار النفط دفعتها لإتخاذ إجراءات تقشف غير مسبوقة وإلى وقف الالتزامات المالية مع كثير من الشركات السعودية والعالمية ".
إن توقف المال السعودي في لبنان .. قد يراه البعض بمثابة إعلان الهزيمة السعودية النهائية في لبنان.. و يراه البعض الاّخر الفرصة الأخيرة للعملاء .
إن المواقف الرسمية للدولة اللبنانية و خصوصا ً ما يتعلق بوزارة الخارجية في الجامعة العربية , و مجمل المواقف الدولية تعتبرها السعودية لا تصب في مصالحها دون الإكتراث بمصلحة لبنان واللبنانيين .. وعليه تعتبره تمردا ً مدفوع القيمة, و كان عليها إيقافه أو انتظار فعل الندامة اللبناني !؟.
يبدو أن معركة المقاعد و الحصص الوزارية ستعود إلى السطح مجددا ً.. و لم تعد السعودية تدرك أي الحقائب الوزارية هي الأهم .. و في حسابات اليوم يبدو أن الوزير جبران باسيل أصلح العدو السعودي رقم واحد.
تبا ً لمالكم القذر أيها الحثالة.. فلبنان الشعب والدولة أرقى من صداقتكم و جلاليبكم وتطرفكم وعهركم , ولا يمكن استمرار التفكير فيه كمنتزه و مكان لشراء السياسات و الشهوات والغرائز .. فلو علم السعوديون أصل لبنان و تاريخه و حضارة و رقي أهله لخجلوا أن يدوسوا أرضه لا في السياسة ولا في السياحة.
لا مكان لكم في لبنان الجميل , وحسبكم صحرائكم و جِمالكم , و اتركوا الحياة لمحبيها و مبدعيها في لبنان – الشعب الحي المقاوم – اجلدوا واقطعوا الرؤوس بعيدا ً من هنا , و اعلموا أن تحالف النور والظلام لن يستمر إلى الأبد.
المال السعودي في لبنان .. ممنوع من الصرف
2016-02-20
بقلم: ميشيل كلاغاصي