بقلم: حاتم استنبولي
زيارة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى لبنان, تحت عنوان احياء ذكرى مقتل والده تتم ضمن رؤية سعودية (خليجية ) ,لفتح معركة على كافة الأصعدة للنيل من المقاومة ونهجها في لبنان . لقد اعلن سعد الحريري في ذكرى مقتل والده عن عناوين هذه المعركة والجديد هذه المرة ان الحرب اعلنت على الشعب اللبناني ليتم من خلاله النيل من الدولة اللبنانية. ان اقدام بعض سياسي تيار المستقبل للترويج ان القرار السعودي ما هو الا بداية, سيليها قرارات تخص المقيمين العاملين في دول الخليج والتلويح بان هنالك قرار لطردهم من وظائفهم مما يعني انهاء اقاماتهم وترحيلهم , واعلان وزارات الخارجية (لثلاث دول خليجية) توجيهات لمواطنيها بعدم السفر لبنان ,وطلبها مغادرة مواطنيها المقيمين فيه ,واعلانها عن وقف الرحلات الجوية الى بيروت وتسريبها بعض المعلومات عن نية خليجية لسحب ودائعها من المصارف اللبنانية. الغريب ان وزير الداخلية اللبناني كان قد اشار الى هذه القرارات قبل صدورها مما يؤكد ان رئيس تيار المستقبل قد حملها في جعبته, وأطلع عليها قادة المستقبل .هذا يؤكد ان كل هذه القرارات التي اعلن عنها, او التي سيعلن عنها لاحقا , تاتي في سياق معركة جديدة على المقاومة اللبنانية تستخدم فيها الدول الخليجية سياسة العقوبات الجماعية على الشعب اللبناني . المدقق في هذه القرارات يدرك انها اتخذت بناء على دراسة معمقة شارك فيها رئيس تيار المستقبل , هدفها هو تقليب الراي العام اللبناني على المقاومة وحلفائها من خلال الضغط عليهم بلقمة عيشهم . لا يوجد شك ان النيل من لقمة عيش الأنسان قد تدفعه لأتخاذ مواقف غير محسوبة , ناتجة عن ردات فعل آنية سيلتقطها سياسي المستقبل لتوظيفها في محاولات الضغط الداخلى للتجييش ضد المقاومة وحلفائها وسيرافقها عملية اعادة لتوظيف الميارات , من دعم الجيش اللبناني تقويض السلم الأهلي اللبناني . ان سياسة محاربة الشعب في لقمة عيشه تهيء الأجواء والظروف لرفع درجة الأحتقان الشعبى لفتح الطريق لأمراء الحرب الأهلية للعودة الى الزقاق ورفع المتاريس . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل المبررات التي وردت , ان كانت في البيانات الرسمية ,ام في تصريحات قادة تيار المستقبل ,هي السبب الحقيقي وراء قرارات الحرب على الشعب البناني ومقاومته ودولته . الجواب بالتاكيد لا , لكون ان الهبة التي اعلن عنها الرئيس اللبناني (في حينه) من خارج السياق السياسي والتي كانت مفاجئة . وحينها انهى خطابه بعبارة عاشت المملكة السعودية والتي جائت خروجا عن الأعراف السياسية والدبلوماسية , كان يراد منها ان تستخدم لتسليح الجيش اللبناني لمجابهة المقاومة وحلفائها, او على الأقل وقوفه على الحياد لترك المجموعات المسلحة تستنزف المقاومة في الداخل اللبناني. وبدلا من لجم المقاومة فقد توجه لأنهاء حركة الأسير في صيدا ولجم المجموعات المسلحة في عرسال , وانهاء نفوذها في طرابلس, وآخرها خوضه معارك مشتركة مع المقاومة في القلمون . كلها دفعت الكثيرين للتساؤل عن دور الجيش اللبناني وخاصة من اوساط تيار المستقبل والذي بدأ جمهوره يتراجع , مما دفع ساسته لتقديم اقتراحات متكاملة لأعادة لملمة صفوفهم, ان كان على صعيد سياسييها , ام على صعيد المجموعات التي اعتبرت ان تيار المستقبل رفع الغطاء عنها . ناهيك عن التقدم الملموس للجيش السوري وحلفائه في الميدان السوري , وسقوط كل المراهنات على اسقاط النظام في سوريا . كل ذلك دفع بالحلف السعودي - الخليجي وحلفائه في لبنان لفتح معركة مفتوحة على الشعب اللبناني وجيشه ومقاومته. مستخدمين فيها تهديدهم في لقمة عيشهم لأخضاعهم وتطويعهم ودفعهم للأقتتال والفوضى . ان القرارات( الحربية) السعودية والخليجية هي آخر معاركهم على الساحة اللبنانية , فمن الممكن ان يكون لها نتائج انية تخص السلم الأهلي ,ولكن سيكون لها نتائج عكسية على المدى البعيد , واظن ان الشعب اللبناني الذي جرب ويلات الحرب الأهلية , لن يذهب بعيدا لينفذ سياسات تمس امنه الأهلي. وخاصة فان ما يراه على شاشات التلفزة من النتائج المدمرة للسياسات الخليجية لتقويض الدولة السورية وجيشها . والسؤال المهم الذي يطرح نفسه ماذا لو فشلت الخطة السعودية -الحريرية ؟ تكون دول الخليج انهت دورها في لبنان والأقليم ! وانذرت الدول الأخرى وشعوبها , ان لا تطمئن للهبات والعقود التي تبرم معها , فهي عرضة لأبتزازهم في امنهم ولقمة عيشهم . الأساس ان تبني المجتمعات على اساس ان دور الدولة ينصب لتامين حياة المواطن من خيرات بلاده وكفائة مواطنيها توظف في بناء دولتهم والحفاظ على صيغة العيش المشترك لمواطنيه بغض النظر عن دينهم او قوميتهم او انتمائاتهم الفكرية والعقائدية . لا ان يتم الترويج لدفع المواطن للعمل خارج وطنه وابتزازه في أمنه الأسري واخضاع ومصادرة ولائه الوطني للولاء الخارجي. ان الممارسات التي تنال الأنسان في لقمة عيشه وامنه الأسري تصنف تحت عناوين العقوبات الجماعية التي تاخذ طابع عنصري, وتدفع للكراهية التي تنتج عنها ممارسات عنصرية وفاشية. ان محاربة الأنسان في لقمة عيشه والتلويح بتجويع ابنائه ,هي من اشد الممارسات فاشية وعنصرية وتتشابه مع سياسات الأحتلال الأسرائيلي في فلسطين. الكثيرين يتسائلون الأهداف الحقيقية للدور السعودي والخليجي في البلدان العربية , فهي توظف اموال شعوبها في تدمير الدول والمجتمعات ونظرة سريعة , لحصيلة خمسة سنوات لدورها, فهي حولت دول وشعوب من صفر ديون واكتفاء ذاتي في سوريا . وليبيا من دولة غنية ومقرضة للدول العربية والأفريقية الى دولة مليشيات واضاعت مقدرات الشعب الليبي وامواله واستثماراته في الدول الغربية , ناهيك عن محاولات تقويض الدولة الجزائرية والمصرية. ودورهم في احتلال العراق وتدميره وفتح الباب مشرعا للصراع المذهبي والتصفية الطائفية والعرقية . والان تخاض حرب منذ أكثر من 300 يوم على الشعب اليمني العربي الأصيل الذي قدم التضحيات الجسام للقضايا العربية رغم فقره فقد كان من متقدمي الصفوف في الدفاع عن القضايا العربية وخاصة الفلسطينية . السؤال المهم الذي يجب ان يسال لو ان كل هذه الأموال التي صرفت على الحروب والتدمير وظفت من اجل بناء المجتمعات العربية فما هي النتيجة ستكون اولا احترام طوعي من قبل الشعوب لدور هذه الدول . ولكن الواضح ان سياسيي هذه الدول يريدون اخضاع ومصادرة كرامة الشعوب بالقوة (هذا ممكن) , ولكن لن تستطيع كسب احترامها . وهنا تنطبق العبارة التي تقول, ان المال اذا فقد جوهره الأنساني يتحول الى وحش قاتل .ابعاد زيارة الحريري الأخيرة الى لبنان!!
2016-02-27