2025-06-08 07:36 م

توقعات الفلك السوري للكوارث القادمة بالاقليم

2016-02-28
بقلم: إيهاب شوقي
يرى مايكل هايدن، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية "CIA" ، إن الأوقات الحالية تشهد تغييرات وصفها بـ"التكتونية" (نسبة إلى تحرك طبقات الأرض التكتونية التي تسبب الزلازل وتحرك القارات وتغيير تضاريس الأرض) وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط . وقال هايدن، "الذي نراه هو انهيار أساسي للقانون الدولي، نحن نرى انهيارا للاتفاقيات التي تلت الحرب العالمية الثانية، نرى أيضا انهيارا في الحدود التي تم ترسيمها في معاهدات فيرساي وسايكس بيكو، ويمكنني القول بأن سوريا لم تعد موجودة والعراق لم يعد موجودا ولن يعود كلاهما أبدا، ولبنان يفقد الترابط وليبيا ذهبت منذ مدة". وتابع، "هذه أوقات تكتونية ومن ضمنها الحرب ضد الإرهاب، وهي أوقات في غاية التعقيد.. هناك جبهتان في هذه الحرب وما أراه هو أننا وجيشنا الأمريكي نقوم بعمل جيد فيما يتعلق بخوض الجبهة القريبة التي تتضمن قصف وقتال الأشخاص الذين يريدون قتلنا، أما في الجبهة العميقة وهي التي تتضمن معدل انتاج هؤلاء الأشخاص الذين يريدون قتلنا في ثلاثة أو خمسة أو عشرة أعوام، فنحن لا نقوم بعمل جيد، والمشكلة الأساسية في ذلك هو أن هذه الجبهة ليست معركتنا". تزامنا مع ذلك أعرب الرئيس بوتن عن أمله في ان المخابرات الروسية ستتصدى لكل من سيحاول تجنيد المواطنين الروس في صفوف الإرهابيين، ولكل من سيحاول نشر المطبوعات والعقيدة المتطرفة في روسيا. وقال الرئيس، إن المخابرات الروسية تمكنت في العام الماضي من توقيف أكثر من 400 شخص من العملاء المحترفين للاستخبارات الأجنبية. وتزامنا ايضا مع ذلك، يقول المحلل الفرنسي الشهير تييري ميسان ان " الدب الروسي يحاول بعزم وإصرار فصل تركيا عن حلف شمال الأطلسي. مستقبل البشرية كله، رهن بهذه العملية. فإما أن تبقى تركيا في الحلف الأطلسي، وتستمر في تقديم الدعم للجهاديين، ليس في سورية فحسب، بل أيضا في العراق، وليبيا، وفي كل مكان في العالم. أو أن يٌقدمَ حلف شمال الأطلسي على أخذ مسافة من تركيا، وفي هذه الحالة، يمكن للولايات المتحدة وروسيا أن تتحالفا حقاً لمكافحة فعالة ضد الجهاديين، أينما كانوا. في حال ربحت موسكو رهانها، فإن الوسيلة الوحيدة لتجنب حرب ضد تركيا، سيرتبٌ على واشنطن اعتبار اردوغان المسئول الوحيد عن كل جرائم الجهاديين- على الرغم من عدم وجوده في السلطة أثناء حرب الشيشان الثانية- والتضحية به فورا." يمكننا ان نستنتج مما سبق ان وقف اطلاق النار في سوريا والموافقة الجماعية لمجلس الامن تحديا لارادة حلفاء رئيسيين على رأسهم السعودية وتركيا وتوابعهم، جاء في عنوانه العريض كاتفاق على طي صفحة الجماعات التكفيرية بعد انتهاء مرحلتها امريكيا في الاستنزاف وبعد دخول روسيا بشكل جاد لن يقبل التراجع مهما كانت النتائج لازالة خطرها وازالتها من نطاق الامن القومي الروسي، وهو ما عبرت عنه موسكو صراحة دون مناورة ان ما يحدث في سوريا هو شأن داخلي روسي وان روسيا تدافع عن امنها الشخصي ومواطنيها بالتدخل العسكري في سوريا. اذن لن تسمح امريكا او الناتو بنشوب حرب عالمية بسبب حمق اطراف طائفية وحالمة ومجنونة بالسلطنة، وخاصة عند وصول الامور لنقطة الكسر الحرجة والتي باي اضافة مهما بلغت ضآلتها سيحدث الكسر وتخرج الامور عن السيطرة. يبدو هناك تخليا عن دميتين تضخمت ذواتهما بما صور لهما انهما اصحاب قار حقيقي او اصحاب ثقل في الميزان الدولي، والذي لايقيم وزنا للتوابع بل يستخدمهم كالمناديل الورقية. هناك اتحاد وتنسيق استراتيجي يقوم على هدف وحيد وهو التوريط، الا ان هامش حركته محدود وقد يقابل بصد عنيف من الناتو وامريكا اذا ما تجاوز حدود دوره المراد له امريكيا كمحسن للتفاوض وكورقة للابتزاز. وقد بدأت امريكا بالتلويح بذلك عبر البرلمان الاوربي كمثل صغير ومبدئي فيما يتعلق بحظر توريد السلاح للسعودية. يقول اول ر. بيلار الموظف العريق في الـ CIA و زميل الشرف في مؤسسة بروكينغز للأبحاث انه من غير المفاجئ أن السعودية و تركيا تحاولان استغلال الصراع لأجل مصالحهما الجيوسياسية، و ذلك مع بذل كل جهد ممكن لجر الولايات المتحدة و الناتو إلى صراع الشرق الأوسط.. و إسقاط بشار الأسد أضحى هاجس الرياض ما دفع المملكة الخليجية لإنفاق الأموال على المتطرفين السنة المعادين للأسد، و بدورها أضحت أنقره مهووسة بالقضية الكردية، و تلاحق المقاتلين الأكراد في كل من تركيا و سوريه و يؤكد بيلار قائلا: " إمكانية قيام تركيا بجر الولايات المتحدة إلى مأزق أكبر تغدو أكبر مع كونها جزءا من حلف شمال الأطلسي" و نتيجة لذلك ، يميل المجتمع الدولي إلى اعتبار الرياض و أنقره صناع مشاكل و جزء من مشكلة الشرق الأوسط. و يضيف خبير ال CIA : " الخط التركي- الروسي في الصراع، و الذي يختفي وراء حروب كثيرة روسية –تركية عبر عدة قرون، يمكن أن يكون في مركز تصعيد و توسيع الصراع السوري، و إذا كان الحال كذلك، فثانية تلقي الحرب العالمية الأولى ظلالها، حين كانت الإمبراطوريتان الروسية و العثمانية على جانبين متعاكسين". من هنا بدأت السعودية في اجراءات شكلية وعصبية وهي انتقامية اكثر منها مؤثرة استراتيجيا، وقد بدأت بذلك في لبنان باجراءاتها الاخيرة. يقول ديفيد شنكر انه "فيما يتعلق بإلغاء التمويل السعودي بقيمة 4 مليارات دولار لشراء أنظمة عسكرية فرنسية، فهذه الخطوة رمزية للغاية ولكنها لن تحمل على الأرجح تأثيرات واسعة من الناحية العملية. فالجيش اللبناني عاجز عن صيانة الأنظمة التي في حوزته حالياً (على سبيل المثال، أقل من ثلث مروحيات الـ "يو إتش-1 إركويس" والـ "أس إيه 330 بوما" الـ 30 التي يملكها "الجيش اللبناني" صالح للطيران)، لذا فمن غير الواضح كيف سيتمكن الجيش من تحمل كلفة استخدام أو صيانة مروحيات الـ"يوروكوبتر كوغار" الجديدة الفرنسية الصنع البالغة قيمتها 23 مليون دولار التي كان من المقرر شراؤها. كذلك، ليس من الواضح أن "الجيش اللبناني" كان بحاجة حقاً إلى الأسلحة الأخرى الملغاة، مثل أنظمة الدفاع الجوي وثلاثة زوارق عسكرية للدوريات و24 مدفع "قيصر" ذاتي الحركة عيار 155 ملم [فرنسي الصنع]. وفي الواقع، دارت الكثير من التساؤلات وشبهات الفساد حول الصفقة إلى درجة أن بعض السياسيين اللبنانيين رحبوا سراً بإلغائها واعتبروها نعمة للجيش اللبناني. ولا يبدو أن سحب الودائع السعودية من "مصرف لبنان المركزي" مؤثر جداً في حد ذاته - فالودائع الخليجية هناك تبلغ أقل من مليار دولار، أو ما يعادل 2 في المائة تقريباً من الاحتياطيات الأجنبية في بيروت. غير أن تحذير السعوديين من السفر إلى لبنان سيحمل تبعات حقيقية، خصوصاً أن الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة سارت على خطى السعودية ونصحت مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان. ويساهم قطاع السياحة بحوالى 7.5 في المائة من "إجمالي الناتج المحلي" اللبناني، وبلغت عائداته 3.5 مليار دولار في عام 2014. لكن هذا القطاع تضرر بشدة في السنوات الأخيرة بسبب الحرب المجاورة وقدوم حوالي 1.8 مليون لاجئ سوري إلى لبنان، حيث تراجعت الإيرادات بنسبة 10 في المائة في عام 2015 مقارنة بعام 2012. ومع ذلك، بقي لبنان الوجهة الأساسية للسياح الخليجيين في المنطقة - وقد أفاد هذا الواقع قطاع السياحة كثيراً في لبنان إلى أن صدرت تحذيرات السفر." ويبدو ان النظام السعودي سيمضي قدما في هذه السياسات، قد اكدت ذلك جريدة الاخبار اللبنانية حيث ذكرت انه وبعيداً عن الإجراءات المباشرة التي تمس اللبنانيين مباشرة في أعمالهم وتنقلاتهم واقتصادهم، يستمر النظام السعودي في إعداد ملفات بشان حزب الله، لتقديمها إلى جامعة الدول العربية ومجلس الامن، في محاولة من النظام للحصول على قرار عربي بـ"الإجماع" يُصنّف حزب الله منظمة إرهابية، وكذلك على قرار من مجلس الامن الدولي. وتلفت المصادر إلى ان حكام السعودية سيطرحون ملف حزب الله على طاولة القمة العربية المرتقب انعقادها في نيسان المقبل، بهدف إدانته من جانب الرؤساء العرب. وأشارت المصادر إلى ان هذا الملف يحوي تفاصيل عن عمل حزب الله في سوريا والعراق واليمن، إضافة إلى ما سبق ان أثاره نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن "خلية حزب الله" الشهيرة، التي كانت تتولى دعم المقاومة في قطاع غزة. وبحسب المصادر، فإن النظام السوداني باع للرياض معلومات عن حزب الله، تتعلّق بطريقة عمل الحزب عندما كان يستخدم الأراضي السودانية لإيصال السلاح إلى فصائل المقاومة في غزة. وهذه المعلومات يجري الاستناد إليها لأجل جمع أكبر قدر من المعطيات عن الحزب، واستثمارها في شتى الطرق، سواء لناحية فرض عقوبات على شخصيات لبنانية وشركات يعتقد النظام السعودي انهم تابعون للحزب، او لجهة استخدام هذه المعطيات للدلالة على "الطبيعة الإرهابية" لأعمال حزب الله في الدول العربية. اذن الاستراتيجية القادمة لكل من السعودية وتركيا تنحصر في التوريط على جبهتين، اولاهما الجبهة السورية بافساد وقف اطلاق النار اعلاميا وعلى الارض لجر الصراع لحرب عالمية، وثانيهما على الجبهات الاقليمية بمزيد من صب الزيت على النار طائفيا، مع التمادي في الاجراءات الانتقامية لكل من لم يساير الخرف الطائفي والعته الاستراتيجي للملكة وعلى راسها مصر، وقد بدت بوادر ذلك الانتقام تلوح في الافق.