لنفكّك المركّب ونركّب المفكّك في مشروع الغاز الأيراني - العراقي – السوري والذي جمّد لجهة شقه العراقي – السوري فقط، ما قبل الحدث الأحتجاجي السياسي السوري والتصعيد في الساحة السياسية السورية كساحة خصم من قبل الطرف الثالث الأخر بفترة من الزمن، وقع فيما مضى وزراء النفط في ايران والعراق وسوريا اتفاقية بقيمة تزيد عن عشر مليارات من الدولارات، لنقل الغاز الإيراني إلى القارة الأوروبية عن طريق العراق وسوريا ولبنان ليصار الى نقله عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب وتحديداً القارة الأوروبية، وكل ذلك عبر مشروع خط عملاق يربط ايران والعراق وسورية ولبنان لتصدير الغاز الى وجهته وحسب اتفاق الأطراف، مما يجسّد الربط الأستراتيجي في تكتل سياسي اقتصادي فريد من نوعه.
بناءً على ما سبق من تحليلات ورؤى سياسية لنا، وعلى مدار سنوات الحدث السوري وأسبابه وارتباطاته بالأقليمي والدولي، وفي ظلّ القرار الأممي الأخير 2268 القاضي بوقف الأعمال العدائية في الداخل السوري، والتأكيد من خلاله على ضرورة تطبيق القرار 2254 والقرار 2253 وباقي القرارات، كنتاج للتفاهم الروسي الأمريكي، ولشروط التسوية السياسية وملاحقها وما تم الأتفاق والتفاهم عليه في عام 2013 م، عبر مسألة نزع السلاح الكيميائي السوري والذي جاء تحوصلاً وتموضعاً، لمبادرة سورية روسية مشتركة لم تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية ببنودها السريّة حتّى اللحظة، صار الجميع بما فيهم السذّج في المجتمعات والذين تمطى رقابهم كالعوام، وعبر جلّ الوقائع الميدانية كمؤشرات، صاروا يعرفون أنّ ما يجري في سورية هو في الحقيقة، عملية أخرى من العمليات السرية الأستخباراتية الدموية، المدعومة أمريكيا وبريطانيّاً وفرنسياً وإسرائيلياً، بالتحالف مع البعض العربي المتخاذل والمرتهن للإطاحة بالسلطة في سورية قلب الشرق وعقله، نظراً لحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي بحكم الواقع إمبراطورية الشر العالمية، بلبوس ديمقراطي ليبرالي إنساني بشعار الحاكمية الرشيدة، مع كل ما تملك من قوّة، بنى تحتية ونفوذ، فهل من الصعب عليها أن تقوم بتصنيع "ثورة" في أي بلد؟ وسورية أنموذجاً؟ وللعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي شهوه عميقة شبقه لاحتياطي الطاقة عصب الصناعة الغربية، وهي ذات الشهوة التي يشتهيها خصومها من الطرف الآخر، والصراع على شهوه شبقه للاحتياطي الإستراتيجي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط، قد يشعل حرباً عالمية ضروس وعميقة وقد تنهي العالم!.
لكن وبسبب ما يجري في المنطقة الشرق الأوسطية من أحداث بفعل عوامل داخلية وخارجية أكثر من الداخلي وخاصة عبر الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، فانّ هذا الخط الأستراتيجي العملاق بات يعاني من تحولات طارئة ذات بعد حربي استعماري مع تحديات في محطات انشائه وأهميته لدول وشعوب محطات خط أنابيب الغاز هذا. هذا الخط حظي خلال فترة ما قبل حراكات الربيع العربي وما زال(ازداد الأهتمام الأيراني به بعد دخول الأتفاق النووي حيز التنفيذ، وستكون هناك انطلاقات ايرانية محددة في هذا المجال بعد الأنتهاء من العملية السياسية الجارية في ايران بخصوص انتخابات الشورى ومجلس الخبراء)باهتمام طهران وبغداد ودمشق وبعض الدول الأخرى مثل لبنان، كما أثار اهتمام مسؤولي السياسة والطاقة في أوروبا قاطبةً، لكن خلال عتبة الخمس سنوات الماضية والمستمرة، اصطدم هذا المشروع بتحديات جديدة بعد التغيرات الحاصلة في المنطقة خاصة في سوريا وعبر حدثها، حالياً هناك ثلاث دول لها رأي أخر في هذا الموضوع واستمرت بإجراء محادثات في سياق تنفيذ هذا المشروع خطوة بخطوة رغم التحديات، وبعيداً عن التنسيق الموحد بين الدول الثلاث، يبذل العراق وإيران مساعي كبيرة في سبيل تنفيذ هذا المشروع الأستراتيجي رغم التآمر الخليجي الغربي الصهيوني.
بلا شك أنّ لطهران أهداف عميقة واستراتيجية من وراء اتمام ما تم الأتفاق عليه في انفاذ واتمام خط الآنابيب الغازي الأستراتيجي هذا، حيث تعتبر ايران بعد روسيا الفدرالية ثاني أكبر دولة في العالم من حيث امتلاك منابع الغاز، ولديها قدرة على تأمين جزء كبير من احتياجات القارة الأوروبية من الطاقة عن طريق خط أنابيب غاز يصل إلى أوروبا مثل خط "ناباكو"، لكن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية (وعبر المؤسسة الأمنية والرئاسية العميقة فيها وعبر مفهوم الدولة العميقة، كأذرع لعنكبوت المجمّع الصناعي الحربي الأقتصادي الأمريكي، كأداة للبلدربيرغ الأمريكي، حيث اقتصاده اقتصاد حروب ليس الاّ)وإلى حد ما أوروبا الغربية، حرمت الجمهورية الأسلامية الأيرانية من التحول إلى قوة من خلال تصدير الغاز فتم التصعيد في الساحة السورية وعبر حرب كونية بالوكالة عبر بعض العرب، وتسعى طهران التي تستحوذ على حصة صغيرة من تجارة الغاز العالمية من خلال خطة استراتيجية تعنى بالتنمية الداخلية في الداخل الأيراني، وان لجهة بعض ساحات مجالها الحيوي لرفع حصتها من هذه التجارة(اندفاعة ايرانية مدروسة جارية بمعادلة رياضية: واحد + واحد = 2، من هنا يمكن أن نفهم تصريحات وزير الخارجية الأماراتية وتحذيراته وطلبه من الروسي وضع حد للجم ايران بحكم علاقاته معها، لكن هذه الدعوات وغيرها لم تلقى أذاناً صاغية لدى موسكو).
بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والعقوبات المفروضة في السابق على طهران، من قبل المجتمع الدولي(أمريكا + اسرائيل + الأتحاد الأوروبي )، والتي أدّت إلى عدم تمكن طهران من لعب دور بارز وخلّاق في سوق الغاز العالمي(بعد رفع العقوبات الأنطلاقه تجري على قدم وساق، أنظروا غزل الأتحاد الأوروبي الأقتصادي مع طهران)، إلا أن خط غاز الصداقة والذي يجري تفعيله من جديد بعد دخول الأتفاق النووي مجال التنفيذ، الذي سيصل إلى القارة الأوروبية العجوز، من شأنه يمكن أن يضاعف من حصة ايران في التصدير، ونظراً لوجود تحديات وعقبات أمام "خط ناباكو" تأمل طهران أن يصل خط الغاز الإيراني العراقي السوري في المستقبل إلى اليونان وايطاليا. في سياق أخر أكثر عمقاً وتساؤلاً، بالرغم من أن لتركيا دور هام في ترانزيت الغاز إلى القارة الأوروبية(محطّة ترانزيت هامة من الممكن أن تتحوّل الى دولة ثرية)، إلا أن الدول المنتجة(كإيران)والمستهلكة للغاز(كدول الاتحاد الأوربي)تخشى من الدور المتعاظم لتركيا في الأسواق العالمية كدولة تزانزيت لنقل الغاز، في ضوء هذا تستطيع ايران التواجد بقوة في الأسواق الإقليمية والأوروبية من خلال مد خط الأنابيب السابق(خط الصداقة)وبصرف النظر عن فائدته الاقتصادية يحاول الإيرانيون زيادة نفوذهم السياسي، بالرغم من أنّ العلاقات التركية الأيرانية فوق الطاولة تعاون وتحت الطاولة صراع بأشكال متعددة ومختلفة، لا يخفّف منها سوى خطوط علاقات مجتمع المخابرات التركية بنظيره الأيراني، عبر تنظيم هذا الصراع لا وقفه. تعي طهران جيداً الظروف الأمنية في الغرب وسوريا، وتداعيات ذلك على العراق ولبنان والأردن والمنطقة ككل، لكن كخطوة أولى تفكر بتنفيذ سريع لخط الأنابيب ليصل إلى العراق، وعلاوةً على اتفاقية الغاز الأخيرة التي وقعت بين بغداد وطهران، فإن صادرات الطاقة الإيرانية إلى جانب التطورات الحاصلة في خط أنابيب غاز ايراني آخر مع الباكستان تزيد نوعاً ما من قوة وقدرة دبلوماسية الغاز الإيراني مقابل المنافسين الإقليميين، كما تساهم في تحسين موقع ايران في كسب أسواق غاز جديدة في المنطقة والعالم. وللجمهورية العراقية أهداف استراتيجية جمّة عبر هذا الخط الأستراتيجي، وكونه يحتل العراق المرتبة الثالثة عشر بين الدول التي تعتبر منبع لاحتياطي الغاز في العالم، إلا أن هذه المنابع ما زالت إلى حد كبير دون استثمار، من هنا صار العراق أولوية أمن قومي أمريكي أكثر من سورية، لذا هي تعود الى العراق من جديد وتعزّز تواجدها عبر محاربتها لأبنائها الدواعش، وتعلم أنّها لا يمكن أن تقضي على الأرهاب في العراق دون القضاء على الأرهاب في سورية، فجاء التفاهم الروسي الأمريكي وصدر القرار 2268، لكي تتفرغ واشنطن لأيران من العراق وللتغلغل فيها لتفجيرها من الداخل، واللعب على أوتار الطبقة الوسطى، والتي يمكن الرهان عليها لأحداث التغيرات السياسية المطلوبة، وعبر استراتيجيات التطبيع الناعم كنتاج لدخول الأتفاق النووي حييز التنفيذ. وخلال السنوات الأخيرة خطت الحكومة العراقية خطوات في مجال انتاج وتصدير الغاز، عبر إجراء مناقصات لتسليم حقول الغاز إلى شركات دولية ومع ذلك ما تزال تواجه أزمة مع تصاعد الطلب الداخلي على الغاز، كما تتطلع بغداد إلى قضايا أخرى كحقها في عبور الغاز الإيراني من خلال أراضيها إلى غرب آسيا حتى أوروبا، كما تتطلع في المستقبل للمنافسة مع تركيا للعب دور في ترانزيت الغاز وتصديره عن طريق هذا الخط إلى غرب آسيا ومنها إلى أوروبا. السوريون قياساً بالعراقيين وغيرهم، لديهم كميات غاز مثيرة للاهتمام، لكنهم بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم من الغاز من خلال مشروع خط الآنابيب ذاك، يفكرون بنقل الغاز بالعبور إلى الأردن ولبنان(لبنان لديه كميات غاز ليست بالقليله) وكذلك يفكرون بتصديره عبر موانئهم إلى جنوب أوروبا. لكن مع ظهور تحديات أمنية تركز دمشق على حضورها في هذا المشروع، لأنه في حال إحلال الاستقرار وتأمين الأمن في سوريا سيكون لدمشق مشاكل حادة و متصاعدة مع تركيا، مما سيصعب أي شكل من أشكال تبادل الطاقة بين البلدين، لذا تنظر دمشق بجدية كبيرة لخط الغاز الإيراني العراقي السوري. وعلى الرغم من أن العلاقات السياسية المتميزة بين ايران والعراق وسوريا تستطيع أن تسّرع من إنهاء خط أنابيب الصداقة، لكن ما تزال هناك تحديات كبيرة متعددة تلقي بظلالها على هذا المشروع الأستراتيجي، وفي سياق أخر يجب بحث الشروط القانونية ودراسة كيفية التنفيذ وتأمين رأس المال اللازم للتمويل وقضايا أخرى، مثل الأمور المالية وقيمة الترانزيت وضمان تصدير النفط والغاز، وبالرغم من المسافة البعيدة التي تفصل عن تنفيذ خط أنابيب غاز الـعشر( 10 )مليار دولار الإيراني العراقي السوري، إلا أن أهم تحدي يواجه هذا المشروع هو التعقيدات الأمنية في العراق والمحافظات الغربية المضطربة والمشكلات الأمنية على الحدود العراقية السورية وعدم اتضاح صورة الحرب الكونية على وفي سوريا ومستقبل النظام السياسي فيها، بعبارة أخرى سيكون أهم تحدي أمام إنشاء خط أنابيب الصداقة هو كيفية تأمين أمن هذا الخط، لذلك تسعى بعض الأطراف الخليجية الأطراف الثالثة في الحدث الأحتجاجي السياسي السوري وكعنوان وهدف فرعي، لكنه على مستوى عالي من البعد الأقتصادي الأستراتيجي، الى التصعيد تلو التصعيد وعبر سورية كساحة خصوم الى افشال هذا المشروع الأستراتيجي، وتحاول وضع العصي في دواليب تنفيذ القرار الأممي الأخير 2268 القاضي بوقف الأعمال العدائية والذي جاء كنتاج للتفاهم الروسي الصيني(ممكن أن تكون الأمور قد حسمت الى حد ما في بعض الملفات، فعلا عندما يتفاهم الكبار العظام، لا وجود ولا دور للصغار).
التوصل الى القرار 2268 بين موسكو وواشنطن، أخذ بعين الأعتبار مصالح الولايات المحدة الأمريكية والفدرالية الروسيّة، عبر تنظيم التواجد الأمريكي الجديد القديم في العراق لغايات ايران وما بعد ايران باتجاه الصين، تنظيم موضوع الدرع الصاروخي الأمريكي، ومسألة الجرف القاري في سيبيريا وثلوج الآسكا وسلسلة جبال لومونوسوف المغمورة بالمياه، تنظيم العملية السياسية في سورية عبر الحل المتدرج، كل ذلك لغايات تبريد ملفات استراتيجية مقابل ملفات أخرى، ضمن استراتيجيات الأستدارة واستراتيجيات التبادلات، على طول خطوط العلاقات الأمريكية الروسية، على أن تلحظ المصالح الصينية والأيرانيه والسورية في منحنياتها(ملف أوروبا الشرقيه ومسألة تنظيم الدرع الأمريكي الصاروخي، وملف بحر الصين حيث واشنطن دي سي موجودة وبصخب عسكريّاً، وقد يقود ذلك الى صدام أمريكي صيني عميق ليس من مصلحة أحد ان لم يتم تنظيم قواعد الأشتباك هناك).
من جهة أخرى، وفي ظل لعبة تخفيض أسعار النفط التي لعبتها وما زالت تلعبها واشنطن والبلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الأممية)، فانّ الكثير من أمة اقرأ التي لم تعد تقرأ، وصارت في ذيل القوائم وتطالب بعنف وعبر ثقافة الموت بحق اللجوء الى العدم من جديد، بعدما أضحى موردها البشري(العرب)مجرد خردة بشرية في مستودعات الأمم وثقافاتهم، ثقافة الديناصورات وجمهورياتهم عرجاء وعمياء، حتّى مملكاتهم ذوات حمل رضيع بالمعنى الآخر، فانّ مستقبل الأقتصاد العالمي يا عرب مرهون بالتطورات في القطب الشمالي وليس هنا، فمع ذوبان الجليد هناك تتعزّز فرص الأستغلال الأقتصادي، حيث المعلومات تقول أنّه ومنذ عام 1979 م خسرت المنطقة أكثر من 45 % من جليدها القاري، والصراع بدأ هناك منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي، صراع ساخن على منطقة القطب الشمالي والتي تضم أطراف من أوراسيا وأميركا الشمالية بمساحات تزيد عن 27 مليون كم مربع، رغم صقوعة وبرودة الطقس، فمن يسيطر على أوراسيا يا عرب يسيطر على قلب العالم.
والجليد يذوب هناك نتيجة الأحتباس الحراري، وتضارب المصالح الأستراتيجية بين الدول المحيطة بالقطب الشمالي تتفاقم بين روسيّا وواشنطن وكندا والنرويج والدنمارك، وتجدر الأشارة الى أنّه وبتاريخ عام 1996 م قامت الدول الخمس بجانب كل من فلنندا وايسلندا والسويد بتشكيل مجلس المحيط المتجمّد الشمالي، وتقول المعلومات يا عرب، أنّ الصين سوف تنضم وخلال الشهور القادمة اليه كعضو مراقب. ويجري صراع عميق بين الدول الخمس وأخرى حول من يملك سلسلة لومونوسوف الجبلية المغمورة بالماء، وهي على طول مليون ونصف مترمربع، حيث أكّدت الدراسات الأوليّة الجيولوجية أنّ هذه السلسلة الجبلية هي تتمة تركيبيّة للقاعدة القارية السيبيريّة التابعة لروسيّا، امتداد هذه السلسلة الغنيّة بالمواد الأوليّة وبالموارد الطبيعية تقريباً 20 كم مربع في القطب الشمالي لوحده والصراع يجري حولها بين الدول المحيطه بالمنطقة. الروس عزّزوا وجودهم هناك في استمرار، فهذه المنطقة بالنسبة لهم هي مفتاح المصالح الوطنية والأستراتيجية الروسيّة، ومسألة توسيع الوجود الروسي هناك مسألة أمن قومي روسي، كما أنّه وأبعد من مسألة المواد الأولية في هذه المنطقة، تسعى موسكو الى تأكيد سيطرة عسكرية لها هناك بصدى سياسي، وهذه تعد أحد أوجه الحرب الباردة الجديدة بفعل الحدث السوري والأزمة الأوكرانية، وتعد ضمانة للأمن القومي الروسي ومجالاته الحيوية. الفدرالية الروسية بنت مواقعها وعزّزتها في المنطقة القطبية الشمالية خطوة خطوة على مدى عقود يا عرب، وانتم مشغولون(بفلان طويل وفلان قصير) وبتجذير وتبني فكر ابن تيميّة الأقصائي التكفيري، ومدرسة الوهّابية الدين التلمودي الجديد. والهدف يا عرب بالنسبة لروسيّا ليس استعادة تلك المنطقة فحسب، بل تقويتها بشكل نوعي عبر الوجود العسكري والنووي والأستخباراتي. ومقابل هذا التفاعل الروسي مع مجالات الأمن القومي للفدرالية الروسية قابله نشر واشنطن يا عربان لأكثر من 30 ألف جندي أميركي في ألاسكا لتوسيع الفهم الولاياتي الأمريكي للبيئة القطبية الشمالية وتعزيز وجودها فيها. وهنا نتساءل التساؤلات التالية يا عرب: هل بدأت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وعبر نواة دولتها البوليسية العميقة(البلدربيرغ جنين الحكومة الأممية)، باعادة صناعة برّاداتها السياسية الخاصة ومكعبات ثلجها من جديد، لغايات اطلاق مسارات حربها الباردة الجديدة القديمة مع روسيّا؟ هل مسارات انتاجاتها المخابراتية بدأت في خلق وتخليق مومياءات حكم للعديد من دول العالم الثالث ما بعد مرحلة ما سميّ بالربيع العربي؟ اذاً ثمة أجندة سياسية عميقة تم الأتفاق عليها بين موسكو وواشنطن ضمن ملاحق سريّة ستكشف لاحقاً، والتأكيد على تنفيذها في قرار لا أقول وقف اطلاق النار، وانما تنظيم وقف اطلاق النار عبر القرار(2268) يبدأ بتنظيم قواعد الأشتباك في الداخل السوري، ثم تنظيم اطلاق النار، لكي تصل الى تنظيم وقف اطلاق النار. يذكر البعض منّا ممن هم على شاكلتي من متابعين وقرّاء، موضوعة التفاهم السريّ و أو غيرالمكتوب كملحق سريّ أنهى أزمة الصواريخ الكوبية، بحيث تم سحب الصواريخ النووية الروسية من كوبا، مقابل سحب الصواريخ النووية الأمريكية من تركيا. انّ لهذه الرؤية الفوق استراتيجية لأيران أفاق واسعة وشاسعة ومفيدة حول مشروع هذا الخط، حيث يبدأ مشروع هذا الخط الغازي الأستراتيجي، من مدينة "عسلوية" في ايران ويعبر الأراضي العراقية ليصل إلى سوريا وهناك إمكانية ليصل إلى لبنان والبحر المتوسط لينتهي في القارة الأوروبية، ويبلغ طوله وحسب ما نشر في وسائل الميديا الدولية تقريباً أكثر من ستة وخمسين ألف كيلو متر، لكن بوجود التحديات الحالية وخاصة الأمنية سيكون من الصعب التنبؤ بتنفيذ هذا المشروع بشكل كامل في مدة زمنية قصيرة، حالياً في المرحلة الأولى نظراً لنوع التعاون الإيراني العراقي في مجال الغاز سيجري مد خط الأنابيب ليصل إلى العراق ليصل لاحقاً إلى سوريا بعد توضح مجرى الظروف الأمنية في سوريا وتحديد المستقبل السياسي فيها، لكن يجب الانتباه إلى أنه نظراً لقدرة استيعاب خط الآنابيب هذا(ينقل يومياً 110 مليون متر مكعب من الغاز)سيكون هناك إمكانية لزيادة الاستيعاب لتصدير الغاز إلى الدول الأخرى مثل الأردن ولبنان، وسينخرط العراق أيضاً في تصدير غازه باستخدام هذا الخط، وفي حال إشاعة الاستقرار في سوريا يستطيع مشروع خط الأنابيب هذا أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني في مواجهة المنافسين الإقليميين ومجارات الدوليين، بحيث ستكون الخطوة اللاحقة جعل الأماني الإيرانية في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.
ونؤكد أنّ ما يجري في الشرق الأوسط، هو حصيلة جمع نتائج التصادم الدولي حول المصالح الأقتصادية وأوثق استثماراتها وعلاقاتها، بجانب صناعة الأزمات والأرهاب والأستثمار في العلاقات العسكرية، والسيطرة على الموارد الطبيعية وعلى منابع الطاقة ومسارات عبورها ووصولها، بأقل تكلفة وبأسرع وقت الى مصانع ومجتمعات منظومات الدول المتصارعة. انّ الأتفاقيات الأستراتيجية بين أقوى المكونات الدولية موجودة، والخلافات صارت محصورة في الأهداف وكيفية المعالجات، ومقاربات المصالح الدولية الأقتصادية والسياسية، خاصةً مع وصول الفدرالية الروسية الى المياه الدافئة، حيث منابع النفط والغاز والصخر الزيتي واليورانيوم واستثمارت موسكو الحقيقية في ديكتاتوريات الجغرافيا، للوصول الى عالم متعدد الأقطاب وحالة من التوازنات الدولية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. نواةّ البلدربيرغ الأمريكي ومن تقاطع معها من أطراف في المنظومة الدولية المعادية للنسق السياسي السوري، ومن يدعمه من الحلفاء كروسيّا وايران والصين وجلّ دول البريكس الأخرى وباقي المقاومات في المنطقة وفي العالم، هذه النواة الولاياتية الأمريكية الأممية وأدواتها في المنطقة، تريد حرباً من زاويتها لا تنهي داعش ومشتقاته والقاعدة ومشتقاتها، بل تعمل على اضعاف هذه الفيروسات وتثبيط نشاطاتهم الأرهابية لغايات اعادة الهيكلة والتوجيه من جديد نحو الآخر(حلفاء دمشق)الداعم للنسق السياسي السوري في أكثر من ساحة وأكثر من منطقة في العالم، مع استنزاف مستمر لسورية الدولة والمؤسسات والقطاع العام والجيش وباقي المنظومة الأمنية، فهذه النواة البلدربيرغية الأمريكية تعي وتعلم أنّ النظام في سورية أقوى من أن يسقط وأضعف من أن يسيطر ويحتوي عقابيل ومآلات التآمر عليه، هكذا تعتقد وتظن والى أبعد الحدود وبشكل مفعم وعميق في التفاؤل في(استراتيجياتها الصامته الجديدة)العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي. حيث الغارات على مجتمعات الدواعش وجبهة النصرة في الداخل السوري قد تزداد بعد القرار 2268 نوعاً وكمّاً ونتيجةً، والساحات في المنطقة تترابط، وادارة أوباما تبحث عن شريك حقيقي لمحاربة أبنائها البيولوجيين من الدواعش كفيروسات أنتجتها تماماً، كفيروسات الكورنا ووفيروس أيبولا والأيدز ضمن نطاقات وسياقات الحرب البيولوجية، حيث لم تعد تسيطر عليها وقد مسّها الكثير من النصب والأرهاق والتعب. ولأنّه لا ثمة علاقة بين السياسة والتنجيم، حيث الضرورات تبيح المحظورات، فنرى أنّ منظومات المصالح الأمريكية وتوثيق العلاقات الأقتصادية، تدفع بالحكومة الأمريكية كصدى حقيقي للمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والبلدربيرغ، الى الدخول في استراتيجية الضرورة: وهي البحث عن الشريك الحقيقي لها في محاربة المنتج من الفيروسات الأرهابية غير المسيطر عليها في الداخل السوري والمنطقة، فهل سيكون النسق السياسي السوري الحالي برمزه وعنوانه الرئيس بشّار الأسد، شريك الضرورة واستراتيجيتها للولايات المتحدة الأمريكية في القضاء على الدواعش و أو تجميدها، واعادة هيكلتها وترويضها من الزاوية الأمريكية الصرفة؟ بالتعاون مع الشريك الروسي الرئيس في مكافحة الأرهاب في الداخل السوري ضمن معادلات تبريد ملفات مقابل ملفات أخرى؟ فمن كان في أذنيه وقر وصمم من دول الدمى في المنطقة ليسمع، ومن كان منها على قلبها أكنّة، لتعمل على ازالتها والعودة الى ثقافة الحياة لا ثقافة الموت، الذي تروّج له عبر فكر ابن تيميه، وأن لا تتجاوز وترتكب الحماقات في تجاوز حقيقة الجغرافيا وترابطها، وحقيقة التاريخ المشترك وتداعياته.
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
mohd_ahamd2003@yahoo.com