عجزت أمريكا وحلفها المشؤوم عن النصر في سورية ، كما رضخت لصمود إيران النووية وهزمت هناك ، وكل هذه الانتصارات ساهم حزب الله بصنعها ، فلو هزم في تموز لأنهار المحور بأكمله ، وسقط معه الملف النووي الإيراني أيضا ، وكذلك الدور الكبير لحزب الله في هزيمة الحلف الصهيو – تكفيري في دحر المشروع في سورية ، فأصبح لابد من تحطيم هذه الانتصارات عبر استهداف رأس حربة حلف المقاومة في المنطقة حزب الله.
فبعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها أمريكا وأوروبا بحصار حزب الله مصرفياً ، بعد إعادة وضعه على قائمة الإرهاب الأمريكية ، وفي أول تعليق لها على خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله :
" دول مجلس التعاون الخليجي تصنف حزب الله إرهابياً "
وفي أول تعليق رسمي صهيوني ، تسيبي ليفني وزيرة خارجية العدو السابقة تقول :
" قرار دول مجلس التعاون الخليجي حول اعتبار حزب الله منظمة إرهابية هو أمرٌ مهم ودقيقٌ جداً "
كان متوقعاً جداً ، ومحسوبٌ جداً مثل هذا القرار من قبل دول البترودولار العربي الملوث بدماء العرب والمسلمين ، لإن هذه الدول لم تكن يوماً إلا كالخادم الذي يدفع لسيده الصهيو- أمريكي ليقبل به عبداً مطيعاً
لا بل وننتظر أكثر من هذا القرار بعد إقراره من الجامعة العبرية ، ومنظمة ما يدعى " منظمة التعاون الإسلامي " لتشكل غطاء " عربياً وإسلامياً " لضرب حزب الله بعاصفة حزم صهيو- تكفيرية بحجة أنه منظمة إرهابية والعمل على نزع سلاحه ضماناً لأمن الكيان الصهيوني ، كما يمني النفس بعض أقطاب الحلف المهزوم في لبنان من قادة المحاور الإرهابية التابعة للمحور الوهابي التكفيري المهزوم في المنطقة.
وليس غريباً هذا الأمر أبداً بل كان هو المشروع الأساس منذ قيام ما سمي بـ " الربيع العربي " والهدف واحد ، بعد هزيمة الكيان الصهيوني الشنيعة في حرب تموز المباركة 2006 ، وكان لا بد من ضرب كل من ساهم بهذا النصر وتدميره من طهران إلى الضاحية مروراً بدمشق قلب هذا المحور ، وكل من يظن غير ذلك فهو واهمٌ ومشتبه.
فهذا القرار لم يأتي مصادفة ، فكل التقارير الصهيونية والمناورات العسكرية داخل الكيان الصهيوني باتت مبنية لمواجهة خطر واحد ، وتحاكي سيناريو واحد وهو هجوم من حزب الله لتحرير المستوطنات في الجليل ، وهذا ما يؤكده أمران :
الأول هو عمليات الحفر التي يقوم بها الكيان الصهيوني على الحدود حول الجليل بخنادق كبيرة ومنحدرة وتعرية المنطقة من الأشجار لكشف تحركات عناصر حزب الله ورصدهم عندما يصدر الأمر للمجاهدين بتحرير أصبع الجليل.
أما الدليل الثاني فآتى على لسان أحد قادة العدو حيث قال:
" فيما سبق كانت المناورات التي يجريها جيشنا تحاكي رد اتحاد جيوش عربية ، أما الآن فكل المناورات التي تجري تجري تحسباً وخوفاً من حزب الله ".
وكذلك لم يكن توقيت صدوره مصادفة وخصوصاً بعد أن كشفت القناة " الإسرائيلية العاشرة " عن زيارة وفد رفيع بقيادة شخصية صهيونية بارزة لكيان آل سعود رأس حربة المشروع الفتنوي في المنطقة ، وسبقتها زيارات لشخصيات الكيان الصهيوني لدولة الإمارات العربية لإعلان افتتاح ممثلية مصالح " تجارية " للكيان الصهيوني فيها.
إذاَ فالمشروع واضح وقديم هو " سحق عظام حزب الله " كما طالب النافق سعود الفيصل إبان حرب تموز المباركة ، وقال حينها أسحقوا عظام حزب الله فإننا لم نعد نطيق أن نرى نصر الله يطل علينا بالشاشات و يهددنا بأصعه وتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد والعقبة الأكبر فيه هو سلاح حزب الله.
ولتحقيق ذلك لا بد من اعتماد نظرية ساتلوف عن الفوضى الخلاقة والتي كان أهم محاورها هو نزع سلاح حزب الله ، حيث قال كبير الباحثين والمدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف في دراسته لسياسة الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط في 15 آذار/ مارس 2005 بعنوان:
“Constructive Instability” الفوضى البناءة التي اعتمدتها إدارة بوش الابن آنذاك والتي كان من أهم نقاطها هو نزع سلاح حزب الله ، وجاء فيه ما يلي:
” إن الامتحان الأصعب الذي يواجه السياسة الأمريكية الدولية في لبنان، يكمن في كيفية تطبيق البند المتعلق "بانسحاب كل القوى الأجنبية من لبنان" في القرار الدولي رقم 1559، خاصة مع ما يشاع عن دخول ما يقارب المئة من الحرس الثوري الإيراني وغيرهم من المدربين العسكريين إلى لبنان.
وما يشغل بال الأمريكيين والمجتمع الدولي في هذا الخصوص هو كيفية تطبيق متطلبات القرار الدولي فيما يتعلق بنزع سلاح حزب الله ، وتوسيع سيطرة الجيش اللبناني لتشمل كل المناطق بما فيها السيطرة على المناطق الحدودية بين لبنان وإسرائيل، خاصة وأن خطورة حزب الله تكمن في امتلاكه لصواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى تل أبيب وغيرها من المدن ، وبانسحاب سوريا من لبنان لم يعد بالإمكان أن تحمّل إسرائيل سورية مسؤولية التصرف غير المسؤول لحزب الله ، وبالتالي فإن انتزاع هذه الصواريخ من يد حزب الله ومن لبنان كله أمر ذو أهمية استراتيجية عليا ، يجب أن تترافق مع رحيل المستشارين العسكريين الإيرانيين عن لبنان ، لأنه برحيلهم تنقطع الإمدادات العسكرية عن حزب الله.
وهناك هدف آخر قصير المدى يجب تحقيقه ، وهو وضع حدّ لحرية حزب الله في العمل كقوة عسكرية مستقلة في جنوب لبنان ، إذ تفيد التقارير أن قوة الحزب البشرية تقدر بعدة مئات من العناصر الناشطة في الحزب بشكل دائم ، بالإضافة إلى احتياطي بشري يقدر بثلاثة آلاف عنصر يمكن استدعاؤهم في الظروف الطارئة. وبناء عليه فإن تنفيذ عملية نزع سلاح الحزب بشكل كامل تقتضي بدايةً الحد من انتشار الحزب وحصره في قواعد ومراكز تدريب محددة ، بعيدة عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية مسافة كافية لمنع الحزب من إطلاق صواريخ الكاتيوشا ، فهذه الخطوة سوف تحدّ من قدرات عناصر الحزب على التسلل عبر الحدود ، وتسمح بنشر الجيش اللبناني في تلك المنطقة.
ومن المهم التفريق بين موضوع تفكيك سلاح حزب الله ، الأمر الذي يجب أن لا تساوم عليه الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة ، وبين تحول الحزب إلى قوة سياسية.
كما يجب التفريق بين قوة حزب الله السياسية وموضوع إدراجه على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية ، فمهما بلغت قوة حزب الله السياسية ومهما بلغ عدد أعضائه في البرلمان ليس هناك سبب ضروري لمراجعة الولايات المتحدة الأمريكية لقرارها إدراج الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية ".
وهنا لا بد لنا من تذكير الكيان المسمى " دول مجلس التعاون الخليجي " بأن :
من يستخدم الأسلحة المحرمة دولياً ويقصف الأهداف العسكرية من مدراس ومساجد وأسواق ومشافي ودور عجزة ودور حضانة ومنازل المدنيين في اليمن المظلوم وبدعم وغطاء جوي صهيوني ثم يصدر قراراً يصنف فيه حزب الله بالإرهابي لا ينطبق عليه إلا المثل القائل " ما أفصح العاهرة وهي تحاضر عن العفة ".
كما نتوجه بالسؤال لجوقة عروبة لبنان ، والنأي بالنفس ، هل تقتضي عروبة لبنان والتزامه بالإجماع العربي أن يصنف شريككم في الوطن إرهابياً ؟؟؟
وهل من الحرية والعدالة والاستقلال أن يصنف من حرر الأرض إرهابياً من قبل المحور الذي تنتمون إليه ؟؟؟
من المؤكد أننا لا ننتظر الأجوبة منكم لأنها معروفة مسبقاً عبر مواقفكم الفاضحة في حرب تموز وعبر تآمركم على شريككم في الوطن حينها وحرصكم على الحاق الهزيمة به وسحق عظامه حينها ومحاولتكم لإدخال بنود هزيمته على القرار 1701، وتبرئكم منه وقت الحرب " لتأنوا بأنفسكم " من وقتها ، ومطالبة بعض أقطابكم اليوم بعاصفة حزم لبنانية لهزيمة حزب الله.
اسحقوا عظام حزب الله
2016-03-03
بقلم: محمد توتونجي