علينا أن نجيب لكي تستفيق تلك الأنظمة التي تعودت الإدمان على خيالات العظمة والجبروت ، تلك التي تغمض أعينها عن واقع الشعوب المرير ، وما وصلت إليه الأمتين العربية والإسلامية من حال ، جعل أحرار العالم والشرفاء يرفعون راية المقاومة عالياً لا كمحايدين هذه المرة بل كموضوعيين ، والجميع يرى بأم العين ذلك التواطؤ العربي ضد مصالح الشعوب العربية ، وليس من إعلام سوى إعلام المقاومة يسلط الضوء على هذه التبعية السياسية والعسكرية والثقافية ، والانضواء الكامل تحت راية أمريكا وإسرائيل ، في ظل سيطرة مطلقة للعنصر السياسي على مفاصل الدول التابعة سياسياً ومن خلال القمع والتدجين والكسب الأيدلوجي لمعسكر الصهيو ـ تكفيري ، إنه ضعف الانتماء الوطني والتبعية السياسية والفكرية ، الذي يجعلهم وكأنهم في عزلة عما يجري من أحداث في عموم المنطقة ، لهذا فهم في حالة من اللامبالاة ، والإعماء الوطني والعقائدي والقومي والإنساني ، المنافي تماماً لكل الحقائق والوقائع التي تحدث في منطقتنا ، ولكن قبل الإجابة ، دعوني كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي ، أن أتوجه باسمي واسم كافة أبنا محافلنا ومجامعنا على المستوى العالمي ، بجزيل الشكر ووافر العرفان لهذه القامة العربية والهامة الإنسانية ، المتمثلة في كل من سيادة الشريف الرئيس الدكتور بشار الأسد حفظه الله ، وسماحة القائد العام للمقاومة العربية والإسلامية والإنسانية ، الأمين العام لحزب الله المنصور سيادة الشريف حسن نصر الله دام نصره من لدن العلي القدير ، على كل ما قدموه وما يقومون فيه من أعمال جليلة تستحق الشكر والثناء من كل عربي ومسلم وكل إنساني حر شريف ، ولكل من يعتقد أننا نفتقد في هذا الزمن القدوة الأنموذج أقول : أخطأتم التقدير لأننا أمام بطلين مهمومين بالواقع العربي والإسلامي والإنساني العام ، ومن منطلق الفهم الحقيقي لما يراد بالأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء ، نتحدث عن أبطال أدركوا القيمة الروحية للدين الإسلامي السمح البعيد عن كل أنواع التعصب والخرافات والبدع وكل ما يجعل الدين عائقاً أمام التقدم الديمقراطي والتقني ، وعمن يحملان المقاومة كنهج يرفض الاستبداد والظلم الواقع على الدول والشعوب ، لهذا تجدهما وفي كل حياتهم في فعل تغيير متواصل في تجاه ماذا ؟! التقدم وتحرر الأمتين العربية والإسلامية ، أي وظيفة هذه التي تصب في صالح الحياة الإنسانية وتحقق حرية الإنسان وسعادته ، طوبى لكم ولكل من سار على دربكم ، ولكل المؤمنين بأن حركة التاريخ في تواصل وتجاوز دائمين ، وبأن النضال الإنساني المقاوم هو الوحيد الذي يحررنا من عبثية المسار ، والحق أقول في حضرتكم أننا تعلمنا منكم أن المقاومة ليست مجرد شعار يرفع ، إنما هي وظيفة أكبر وأشمل ، تتمثل في قدسيتها بمقام الروح في دورها في الحياة والتقدم الإنساني ..!!
أما بخصوص الإجابة على السؤال عنوان المقالة نقول : هنالك خطرين داهمين يهددان الأمتين العربية والإسلامية ، وهما الخطر الحدودي ، والخطر الوجودي ، وإذا كان الغرب الاستعماري ما زال يمثل الخطر الحدودي ، فإن الإرهاب التكفيري يمثل الخطر الوجودي ، وفي تقديرنا لم تأتي مشاركة 28 دولة في فعاليات ملتقى التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة على نحو عبثي ، وإنما جاءت بناءاً على إيمان راسخ بحجم القوى المدمرة التي تستهدفنا كقومية ، وكمعتقد ، وهوية إنسانية جامعة ، وفي المقابل ثقة مطلقة بما وهبنا الله من طاقات قادرة على الصد والتصدي والصمود بوجه كل المشاريع التي تستهدف حدودنا ووجودنا ، لنشكل النموذج الإنساني الحضاري في الوعي الجمعي الإقليمي والعالمي ، في ظل غياب مشاريع عربية رسمية حقيقية ، وتراجع وإخفاق عسكري وسياسي وإعلامي ، وتبعية مطبقة ، هدفها تدجين الشعوب ، واعتقال عقلها وإرادتها في تقرير مصيرها ، إلى أن أصاب الإعياء الوعي الجمعي العربي والعالمي بدليل استمرارية الانضمام لصفوف داعش وأخواتها ، ومن هنا تأتي ضرورة وحتمية المقاومة كروح تسري في النخب والمثقفين ، وفي مستويات أخرى جمعية وفردية ، روح لا تتوقف عند ما يحاكي الأحلام والطموح والآمال ، وإنما تقاوم بحثاً عن الوجود والحضور في الزمان والمكان المختليين بحكم الاحتلال القسري ، سيما وأن وجودنا ليس ظرفاً طارئاً كما حدث عند بعض الأمم ، لا بل كان وما زال وسيبقى عنواناً حضارياً تتوق إلى معارفه السماوية السامية الحضارة الإنسانية المتعطشة لقيمنا، والتي تسعى وبكل مكوناتها إلى ذلك الحضور لإتمام أدوار في التكوين الإنساني العالمي ، أدوار كنا وما زلنا وسنبقى إلى يوم القيامة أئمتها ، وهذا قرار رباني ، وليس قرارنا ، إرادة الله ، وليست إرادتنا ، ولنستمع ، وليستمع العالم أجمع لما يقول الله بالنسبة إلى مسألة الإمامة فينا ، يقول الحق جل في علاه : وَإِذِ ابْتَلَى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ للنّاس إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[ (124) البقرة . وإلا كيف تأتي دعوتنا الإنسانية للناس أجمعين المقاومة لكافة أشكال الظلم والطغيان ، تأتي لإتمام دور الوجود والحضور عربياً وإسلاميا وإقليميا وعالمياً وإنسانياً، وضمن هذا السياق ندعو كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي إلى سرعة الإعلان عن ( جامعة الدول الإنسانية ) والتي تضم كافة الدول المشاركة في فعاليات ملتقى التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة .
والسؤال الذي تفرضه المقالة هو : ماذا قدمت لنا الأنظمة العربية منذ تحررنا من العثمانيين إلى اليوم ؟!! في الحقيقة لا شيء ولا يوجد بين أيدينا ما يؤسس لدولة حديثة ، نتحدث عن دول غاية في الثراء ، لم تترك لنا ما يدفع باتجاه منجز حضاري على المستويين الشعبي والفردي ، سلسلة من الهزائم والإخفاقات ومسلسلات فساد حكومية لا تنتهي ، ونهب من جيوب المواطنين المهمشين المعتقلين والمنفيين في أوطانهم ، والويل الويل لمن يفكر أو يؤمن بوجوده ، وبضرورة الدفاع عن أمنه الإنساني كحق رباني مكتسب ، لأن المطلوب الانقياد التام ، والعيش بلقمة مغموزة بزيت الذل والهوان ، وإلا كيف نقول بسمنا واسم كافة الإنسانيين على المستويين الإقليمي والعالمي : المقاومة والنصر قدرنا في مواجهة التكفير والإرهاب والصهيونية ، نعم يا سادة ، ولننظر جيداً ، ولنمعن النظر أكثر فأكثر بما يحدث في سورية والعراق ومصر واليمن وليبيا ، وحتى الشعوب التي تقف أنظمتها مع محور الأعداء والتي تعاني من ويلات و آلام تحتاج إلى التوقف والتأمل وإعادة النظر ..!!
أن ترتهن للغير كارثة ، فكيف حين ترهن نفسك وشعبك وبلدك إلى الشيطان ، وتصبح البوصلة موجهه ومهدده لوجود الشعب والأمتين العربية والإسلامية ، أما القضية الفلسطينية فتلك قصة لا تعني إلا أولئك الحالمين بالمستحيل ، تباً لذلك المستحيل إن لم نركبه ، وتباً لوجودنا إن لم يحقق ذاتنا الإنسانية والعقائدية والفكرية والحضارية والكونية ، نحن موجودين وبقوة بالغة بأمر الله ، وكل ما فعلتم أكسبنا تجارب ميدانية عملية تفتقر لها أقوى الجيوش العالمية ، لقد غدونا بفضل مؤامراتكم الدنيئة علينا جامعة عالمية في العلوم العسكرية ، وليعلم العالم أجمع أن المقاومة خيار إستراتيجي لكل الشعوب العربية والإسلامية والإنسانية وفي مقدمتها الدول المشاركة بهذه الفعالية ، ونعود ونقول لكل من يبتعد عن نهج المقاومة أحذر أن تكون وقوداً لعجلة الإرهاب الإقليمية والدولية ، لأن المقابل لفكر المقاومة فكر تكفيري مجرم لا يعرف إلا القتل والعدوان والتدمير ، يحول طاقات الدول البناءة إلى طاقات هدامة ، هذا عدا عن مسألة غاية في الأهمية ويبدو أنها ما زالت وبفعل الإعلام المضلل غائبة عن الكثير من الزعامات العربية والعالمية ، وهي : أن أمريكا اللاتينية وأفريقيا وروسيا والصين وكل مجموعة دول البركس هي الأقرب إلى المقاومة الثورية الوطنية ولو بدرجات متفاوتة ، ما يعني أن المقاومة خيار عالمي ، ونحن كإنسانيين نعتبر أنفسنا محكومون بها وهي محكومة بنا وإلا فإن دعوتنا للإنسانية والأمن الإنساني ستصبح وهم وعدم ومجرد كلام في الهواء لا أكثر ، والمقاومة يا سادة لا تكون مقاومة إلا من خلال الحركة التي تكسر عقل القوة والسلطة المستبدة ، وبواسطة الإبداع المستمر كماكينة لاختراع كافة أنواع وأشكال الأسلحة ، والتي من شأنها أن تقف بوجه الإرهاب الصهيو ـ تكفيري ، عبر ما نسميه بين هلالين ( عنف الحق ) ، مع أننا نطرح العقل أولاً كقاسم مشترك نحو تحقيق الأمن والسلم في عموم المنطقة ، ولحفظ الدماء ، ولكن ضمن إطار العيش الكريم لا الحياة الدونية الحيوانية وإلا فإن المقابل الاستشهاد والخلود الأبدي ، نحن نقدس الحياة الحرة الكريمة ونرفض كل أنواع الظلم والتجبر والتكبر ، وقسمنا كإنسانيين هو ذات القسم المقاوم بكافة أنحاء الأرض ـ الصدق ـ والوفاء ـ والاستشهاد ـ وكيف لا يكون مطابقاً ونحن ترجمة حقيقية لهذه الشعوب المظلومة المنكوبة المغلوبة على أمرها ، ووالله لا ننتظر من أحد أن يساعدنا إذا لم تسعفنا أنفسنا بالمساعدة ، ولا نعول إلا على الله وأنفسنا في التحرر وبناء المستقبل لهذه الأجيال والأجيال القادمة ، وها هي المقاومة بإرادتها وشعبها وقيادتها تسطر أعظم ملاحم البطولة و العز والشموخ والكبرياء في التاريخ النضالي العربي الإنساني المقدس ، وسيسقط قريباً الغزو التكفيري وكل ما يشوه دين المحبة والسلام ، وسبقي المجد والخلود للمقاومة ونهجها الإنساني الخالد ، والذل والعار والهوان لكل من كان أداة بيد المشروع الأميركي الصهيو تكفيري ، فهل عرفتم لماذا خيار المقاومة ؟!! خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
لماذا خيار المقاومة ؟!!
2016-03-20
بقلم: الدكتور الشريف رعد صلاح المبيضين