بقلم: السيد شبل
ما دمتم تريدون الصلاة لأجل الضحايا.. فصلّوا لأجل هؤلاء "الكونغوليين".. لكن هل تعرفونهم، أصلًا! (ذلك السؤال الأهم):
- في النصف الثاني من القرن التاسع عشر "1865"، وصل إلى كرسي الملك، ليوبولد الثاني، وعمره 30 عام.
- ذلك الشاب "ليوبولد"، كان مهووسًا بالسلطة والتوسع، لا يرضي غروره ملك بلجيكا، يراها "أرضًا صغيرة بشعب قليل".
- كانت أفريقيا هي الأرض التي يستطيع أن يحقق فيها أحلامه.. استعان على هذه المهمة بـ سادي مهووس آخر، أسمى نفسه "هنري ستانلي"، عمل كجندي ثم بحار ثم صحفي ثم مستكشف، ثم عضو في البرلمان البريطاني.
- وضع "ليوبولد" يده على الكونغو، خدع بعض زعماء القبائل ببضائع رخيصة ليشتري مواطن نفوذ، واستغل أطماع آخرين، وأرغم البقية على الخضوع بقوة السلاح.
- قام "ستانلي" رجل "ليوبولد"، بنقل الكنوز (وأهمها العاج) إلى خزائن سيده في بلجيكا، لمدة 5 سنوات.
- بعد "ستانلي" جاء ضباط بلجيكي، يدعى "روم" (روم السفاح.. الذي يعشق رائحة الدماء -والذي يزين سريره برؤوس قتلاه).
- حظ الكونغو العسر، أن أحد العلماء قد اكتشف طريقة لصناعة العجلات من المطاط، وقامت صناعة ضخمة بناء على ذلك، وكانت غابات الكونغو مصدر لهذا المطاط!.. وتحول المطاط إلى ما يشبه "ذهب".. لكن عائد هذا الذهب، كان من نصيب "ليوبولد" وحده، بالمشاركة مع أصدقائه الأوروبيين، وبقليل من الفتات لعملائه المحليين.
- أما نصيب الكتلة الأكبر من "الكونغوليين" فكان العمال الشاق بهدف استخراج المطاط، ودفعه إلى الأسواق الأوروبية.. مورست القسوة الكاملة لتطويع أهل الكونغو في هذا العمل (ذبحت الأعناق - عُلقت الرؤوس - قطعت الأيادي والأرجل - خطفت الزوجات - اغتصبت الأعراض - أهمل دفن الجثث ومحاربة الأمراض فانتشر الموت!).
- فيما بعد، يقوم أحد الكتاب، أصحاب الضمائر، بالوقوف على جانب من هذه الكارثة، فيقوم بحملة صحفية، لفضح ما تقوم به السلطات البلجيية في الكونغو.. تتطور المسألة ويزداد الحديث عن الجريمة، وتحت الضغط تضطر بريطانيا أن تبعث لقنصلها في الكونغو،لاستقصاء الحقيقة، ومن هول ما كتبه في تقريره، تضطر الخارجية البريطانية للتشويش عليه...!.
- يموت "ليوبولد" في 1909.. لكن قبل أن يموت بعام، تكون الكونغو قد تحولت لمستعمرة بلجيكية، بقيت حتى 1960.
** في أيام الاحتلال الأخيرة، سيظهر مناضل كونغولي اسمه "باتريس لومومبا"، سيخوض نضالًا ضد السلطات البلجيكية.
بعد الاستقلال، ستجرى انتخابات يتولى بموجبها رئاسة الوزراء.. لن ترفع بلجيكا أياديها عن الكونغو، ستحاول التعمية على نتيجة الانتخابات، وتنصيب عميل تابع لها، لكن الضغط الشعبي، وبعض الحرج أمام الرأي العام الأوروبي، سينصّب لومومبا.
سيحاول "لومومبا" تأكيد استقلال بلاده، وتطبيق قوانين تحفط ثروات البلاد لأهلها وتضمن توزيعها التوزيع العادل، وسينسج علاقات مع الجبهة العالمية التي تشاركه ذات التوجه، في مقدمتها "جمال عبدالناصر"، لن يُرضي هذا قوى الغطرسة العالمية، سيتم إقالته من منصبه، سيحاول الهروب دون فائدة، سيقبض عليه، ويُقتل.. ويقطع ضابط بلجيكي جثته وتذاب في حمض الكبريتيك، أما أسرته فسينجح "جمال عبدالناصر" في تأمين هروبهم إلى مصر.
لكن القصة لها بقية، فهناك واحد من قادة الجيش هو "موبوتو" ذلك الذي كان قريبًا من السفير البلجيكي ومدعومًا من البيت الأبيض، وانقلب وحاصر "لومومبا" وهاجمه في وسائل الإعلام.. ذلك "الموبوتو" سيكون رئيسًا استبداديًا وعميلًا فيما بعد، ثم صديقًا لـ"السادات" و"شاه إيران" في المستقبل، وسيستفاد من مجهودات نادي "السافاري" الذي تأسس لخدمة المصالح الغربية في أفريقيا.
هل سمعت عن هذا من قبل؟
لماذا.. لم تسمع؟
ولماذا التاريخ انتقائي، حتى في الإدانة، والتشهير بفاعلها؟
صلّوا لأجل 10 مليون أفريقي قتلتهم بلجيكا!
2016-03-26