2025-06-07 09:52 م

نموذج من المستعربين... ضاحي خلفان!!

2016-03-28
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
في هذا الزمن الأغبر الذي تهب فيه علينا رياح التطبيع والتخاذل والعمالة، يطلق بين الحين والاخر بعض المأجورين من الكتبة والسياسيين من دول الخليج التصريحات التي يفوح منها الروائح النتنة التي في جوهرها تهدف الى تثبيط العزائم والتشكيك بهويتنا وقوميتنا وتأريخنا وحضارتنا وقدرات شعوبنا. بدأت بوصفنا بالنعاج وهو ما نطق به وزير خارجية قطر حمد بن جاسم في احدى اجتماعات الجامعة العربية (نوفمبر 2012). هؤلاء النعاج (النظام العربي الرسمي) تحولوا الى ذئاب عندما بدأت الازمة في سوريا ومنذ البداية سنت اسنانهم ليغرسوها في الجسد السوري. وقبلها عملوا مع حلف الناتو والولايات المتحدة على تدمير ليبيا وتقويض الاستقرار بها وأسقطوا وقتلوا العقيد معمر القذافي في ليبيا. ولكنهم كانوا وما زالوا نعاجا عندما تأتي على ذكر الكيان الصهيوني ومجابهته. ومنهم لا يخجل ان يصرح من على شاشات التلفزيون اننا لا نستطيع مجابهة إسرائيل وبالتالي فإننا يجب ان نعقد الصلح مع الكيان الصهيوني ونطبع العلاقات مع هذا الكيان الغاصب. هؤلاء وظيفتهم تتلخص في نشر الروح الانهزامية وثقافة الاستسلام وزرع الشعور بالعجز والاحباط لكي يبرروا علاقة أنظمتهم الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية مع الكيان الصهيوني. ومنهم من ذهب الى أبعد من ذلك عندما اعتبر الفلسطيني الذي يستخدم السكين في محاربة المستوطنين من الصهاينة القدامى والجدد الى جانب قوات الجيش والامن الإسرائيلي بانه إرهابيا، وان المستوطنين الصهاينة هم الضحية. وهذا ما ظهر في مقال في جريدة القبس الكويتية ومر المقال مر الكرام وكأن شيئا لم يكن. هؤلاء الكتاب يسعون الى كي العقل والوجدان والذاكرة لدى الانسان العربي وهم أيضا يعملون على تغيير الثقافة العامة لدى الانسان العربي والنظرة الى الكيان الصهيوني. أصبحنا نعيش في الزمن الذي يتصافح فيه السياسي العربي والسياسي الصهيوني ويتبادلون التحية والابتسامات وكأنهم أصدقاء العمر. زمن على قول المثل "ان لم تستحي فأفعل ما شئت" وهم لا يتركون اية مناسبة الا وفعلوا كل الموبقات السياسية تجاه الدول الوطنية وتجاه ما كان يطلق عليه قضية العرب الأولى من المحيط الى الخليج وهي القضية الفلسطينية. هذه القضية التي اسقطت من جدول الاعمال ولو حتى لفظيا لتستبدل بصراع طائفي ومذهبي مقيت ومستهجن والى تحويل بوصلة الصراع في المنطقة من صراع مع العدو الصهيوني الى صراع مع إيران ومحور المقاومة بأكمله. ويطالعنا اليوم السيد ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي السابق المثير للجدل بتغريدات على "تويتر" داعيا الى الوحدة بين العرب واليهود وان لا نعمل على قيام دولة فلسطينية لان بحسب ما ورد في تغريدته " لأن قيادة دولة فلسطينية بإدارة عرب بتكون زيادة دولة فاشلة في العالم العربي على الدول الفاشلة عربيا وما أكثرها". وهو يقدم النصيحة اذ يقول "أيها العرب لن توقفوا إسرائيل عند حدها ولن تعترف بكم إلا إذا أصريتم على أن تكونوا جزءا من إسرائيل.... على أية حال أمريكا تحاول تتقرب من إسرائيل.. دول العالم كلها.. التقارب يحل المشاكل.. ليش ما يكون لنا مع اليهود تحالف ضد أعداء الشرق الأوسط". هكذا فان السيد خلفان ينضم الى جوقة "لا حول لنا ولا قوة" امام "الجبروت" الإسرائيلي باثا روح الهزيمة والشعور بالنقص والدونية اما الكيان الغاصب. وللتأكيد على "عظمة" إسرائيل يذكرنا بتعاسة متزايدة ان أمريكا أكبر دولة في العالم وغيرها تتقرب من دولة الصهاينة، وبالتالي فهو كغيره من جهابذة السلاطين والممالك والامراء يسدي النصيحة بأن في التقارب حل المشكلات وبالتالي فهو يتساءل " .. ليش ما يكون لنا مع اليهود تحالف ضد أعداء الشرق الأوسط". وهو بالضبط ما تسعى اليه العديد من دول الخليج وعلى راسها السعودية والامارات وقطر من إقامة حلف مع الدولة الصهيونية المغتصبة للأراضي العربية للوقوف ضد ايران. بمعنى انه بوق إضافي من ابواق السلاطين. والسيد خلفان يروج بشدة لفكرة الاندماج بين العرب واليهود بقوله ""فكرة الاندماج مع اليهود في دولة فكرة ولا أروع منها.. إذا التحم العرب مع اليهود في لحظة من لحظات التاريخ المعاصر سيكونون قوة الله على أرضه.. قوة مال وقوة عقول وقوة بشرية.. وستزدهر البشرية وتسعد..". وهذه الأفكار هي أفكار احد مهندسي السلام والتطبيع الاقتصادي بين العرب واليهود وهو بيريس الذي شغل وتدرج في العديد من المراكز السياسية والحزبية كان آخرها شغل منصب رئيس دولة الكيان الصهيوني. والسيد خرفان عفوا خلفان ينادي بنفس الفكرة والمقصود هنا ان "العرب" يساهمون بالمال ومن هم العرب المقصودين هنا غير "عربان الخليج" من ملوك وامراء أما القوى البشرية فالمقصود بها جيوش العاطلين عن العمل في الدول العربية التي تفتقر الى وجود اية خطط تنموية فعلية أما العقول فالمقصود العقول اليهودية ربما لان هنالك جينات فذة لا يمتلكها العرب. ويمضي في مكان آخر بهذه الأفكار العنصرية التي نادت بها النازية أيام هتلر ومن ضمنها تفوق الجنس الاري على بقية الاجناس، حيث يتحفنا السيد خلفان بالقول "......... حتى يعيش العرب في الدولة الشراكة يهوديا وعربيا بإدارة يهودية ناجحه. ثم يكونوا بعد 70 سنه أغلبية وتعلموا من اليهود. كجنوب إفريقيا الآن ويحكموا". فإننا كعرب عندما نعيش في كنف دولة تدار من قبل اليهود فإننا نتعلم منهم كما هو الحال مع السود في جنوب أفريقيا الذين تعلموا من قبل البيض وهم الان يحكمون جنوب أفربقيا. هل رأيتم عنصرية أكثر من هذا. نحن نقول للسيد خلفان اذا كنت انت تشعر بالدونية ولديك عقد نفسية بسبب لونك ان انتماءك "للعربان" فرجاء لا تسقط هذه العقد والشعور بالنقص على غيرك وتعمم هذا الغباء في التحليل ليشمل الكل. ابقي الامر محصورا في نفسك. ويستطرد السيد خلفان في مزيد من "التخاريف" ليقول "يجب ألا نتعامل مع اليهود على أنهم أعداء. يجب أن نتعامل مع اليهود على أننا أبناء عم نختلف معهم على وراثة أرض. وأن الفيصل في الحكم من يقدم دليل...". السيد خلفان لا يرى ضررا في ارتكاب العدو الصهيوني الكم من المجازر ضد الشعب الفلسطيني وسياسة التهجير القسري والتطهير العرقي والاعدامات الميدانية الى جانب النهب المستمر وتهويد الأراضي الفلسطينية....الخ. كل هذه الممارسات من دولة قامت على أسس استعمار استيطاني احلالي واقصائي للسكان الأصليين يجب ان توضع على الرف وأن لا نتعامل مع المستعمر على انهم أعداء...". فالقضية لا تعدو عن كونها اننا ربما فقدنا "الأوراق الرسمية" الممهورة بختم الله اعلم التي تثبت ان الاراضي هي أراضينا. والى حين ان نجد او يجدوا هم مثل هذه الأوراق دعونا نعيش بسلام مع بعضنا البعض المستعمر (بكسر الميم") والمستعمر (بفتح الميم). وهو يقول لنا " انا ونتنياهو أولاد عم" ونحن نقول اللهم يزيدكم التصاقا بهذه العمومية فانتم والله نعم أولاد العم ولا داعي للادعاء انكم الأعداء في العلن وانتم نعم الاحباء في الخفاء. ولا شك ان البعض سيذكر شجاعتك بالإعلان عن هذا الحب والغرام الذي لم ينقطع عبر قرون طويلة ولكنه بقي من تحت الطاولة بعيدا عن أعين الناس. في هذا الزمن الاغبر يتسابق فيه الكثير من الأنظمة العربية الرسمية بالزحف على بطونها كالعبيد للوصول الى تل أبيب عاصمة الكيان الصهيوني للتنسيق وبناء الاستراتيجيات للإبقاء على حالة الفوضى وعدم الاستقرار وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية والتآمر على القضية الفلسطينية، مدعومين من قبل اعلام فاسق وعميل وجيش عرمرم من الكتبة والمأجورين والمتسولين على أبواب الممالك الخليجية المتهالكة علهم يفوزون بمكرمة ملكية. لا غرابة ان نجد من ينادي بالتطبيع مع العدو الصهيوني والتنسيق معه في محاولات بائسة ويائسة لضرب محور المقاومة ومحاولة تغير وكي الوجدان العربي وضمير الامة المستمرة منذ أكثر من عقد بشكل علني ومباشر لبث فلسفة الخنوع والخضوع وتقبل الامر الواقع والتخلي عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني. ولكننا في المقابل وعلى الرغم من هذا الواقع القاتم والسوداوي نرى براعم وزهرات فلسطين من شباب وشابات يتصدون الى الة الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه القدامى والجدد. نرى الطفل التونسي الذي لم يتجاوز 10 سنوات من العمر الذي مثل بلاده في بطولة الشطرنج التي جرت في مدينة أباشي في رومانيا يرفض اللعب مع إسرائيلي ويتوعده في مواجهة في القدس الشريف بكلمات اذهلت الجميع، " لن أواجه قاتل إخوتي في مجرد لعبة الأصح ان أواجهه على أرض القدس". هذه البراعم في عمر الزهور ترفض ان تنحني وتزحف على بطونها وترفع عاليا الإحساس بالعزة والكرامة التي فقدها أصحاب المليارات من القيادات السياسية في دول الخليج وغيرهم من المطبلين والمزمرين بما فيهم الأنظمة العربية الرسمية التي انضم بعضها الى الركب من أجل حفنة من الدولارات. نرى هذه الهبة للأحزاب والهيئات والمنظمات النقابية والشعبية في وطننا العربي تنتفض وتقف خلف حزب الله اللبناني الذي صنفته دول الخزي والعار بما فيها ما يسمى "جامعة الدول العربية" التي أصبحت تأتمر بالكامل وتحرك من قبل الدول الخليجية. الى هؤلاء المنبطحين نقول ان مكانكم هو مزبلة التأريخ وهذه زهرات المستقبل ومحور المقاومة باقون ليرفعوا أعلام الحرية والكرامة والعزة.