هزيمة لم يسبق لها مثيل أن يتم تحطيم أسطورة داعش في مدينة تدمر الأثرية، وهذا يحدث فقط مع قوات الجيش العربي السوري التي كتبت عنها سابقاً وأكدت بأنها رقم صعب ستثبت للعالم أجمع بأنها نواة جيش قادم لمرحلة تحرير شاملة، وإنطلاقاً من ذلك باتت داعش والقوى المتطرفة الأخرى تبحث عن نصر ولو شكلي في مختلف المناطق السورية أو حتى في الإعلام، واستعانت بمن هم أصلا مهزومون من الغرب وحلفاؤهم من العربان، بذلك استطاع الجيش السوري بما حققه من إنجازات في الحرب أن يوقف داعش ومن وراءها فى تنفيذ مخططاتهم في سورية ومنطفة الشرق الأوسط وأجبرهم على تأجيل طموحاتهم، وأفسد على الغرب إستكمال مشروع التقسيم فيما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير.
اليوم لا تزال الهزيمة التي لقيتها العصابات الإرهابية المسلحة في تدمر، تنال اهتمام الأوساط العربية والدولية، واستكمالاً للإنتصارات المتتالية سطر الجيش السوري أروع وأعظم ملاحم القتال العسكري، واستطاع بقدرات أبنائه وإيمانهم وعزيمتهم أن تقضي على داعش وتدمره تدميراً كلياً، وأصبح يوم 27 آذار صفحة سوداء فى تاريخ داعش وحلفاؤه في المنطقة، والتي أكدت أن انتصار الجيش السوري على تلك العصابات هو بداية النهاية لأولئك الإرهابيين، وبالمقابل كانت تركيا أشد قلقاً وتوتراً، ولم يتمكن الرئيس التركي أردوغان من إخفاء وقع الأنباء السيئة عن إنتصارات الجيش السوري وهو في جولاته الخارجية المختلفة، وقال خلال زيارته لبعض الدول إن محادثات جنيف لا طائل منها، مادامت استمرت هجمات الجيش السوري والطيران الروسي على المعارضة، كما إنه لم يتطرق إلى طرح مشروع إنشاء منطقة آمنة فى شمال سورية، والتي تعتبر القشة المتبقية من أحلام إنشاء إمبراطورية الخلافة العثمانية الجديدة بالتعاون مع حلفائه الدوليين والإقليميين، فكلما تقدم الجيش السوري وحلفاؤه تنكمش أحلام أردوغان، الذى بدأ يكرر شكواه من اختراق روسيا للمجال الجوى التركي، وبذلك يصبح حلم دولة الخلافة أو فرصة إقامة المنطقة الآمنة قد تبددت وتلاشت بشكل كلي، ولهذا يصب أردوغان جام غضبه على حلفائه الأمريكيين ويحملها فاتورة الفشل والإنهزام ومعه الحلم العثمانى بإقامة إمبراطورية تمتد من سورية والعراق إلى المغرب العربي، والذي بدأ انكساره على الصخرة السورية.
في سياق متصل تصحو تركيا وحلفاؤها كل يوم على أخبار تقدم الجيش السوري، وتحريره المزيد من القرى والمدن من بين أيدى الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة، التى لا تكف عن الاستغاثة وطلب العون من أردوغان، بسبب كثافة الهجمات السورية الروسية وتمكنها من قطع معظم طرق الإمداد، وتمكن الجيش السوري بالسيطرة على المرتفعات والمواقع الإستراتيجية، ومواصلته تحرير المناطق التي تسيطر عليها داعش والمجموعات المسلحة، وبذلك تتهاوى معاقل هذه الجماعات بسرعة كبيرة، ويكمل الجيش السوري إقامة قوس يحاصر ما تبقى من مواقع للمسلحين، لإحكام الحصار حولهم، وقطع الحبل السرى الذي تغذيهم به تركيا، وبذلك يفقد أردوغان دوره وتأثيره على أرض المعركة في سورية.
في السياق ذاته يعد انتصار الجيش العربي السوري في تدمر ضربة قاصمة ومدوية لداعمي المشروع الأميركي الغربي الصهيوني في المنطقة، وكما يؤكد مجدداً قدرة هذا الجيش على الصمود وإفشال مخطط قوى الشر والعدوان التي تتربص بالسوريين، وفي إطار ذلك يعزز هذا الإنتصار إفلاس وهشاشة ما يسمى "المعارضة المسلحة" في سورية التي ليس لديها قضية وطنية تقاتل من أجلها وإنما تقاتل تحت رايات غربية لا تريد الخير لسورية، وكل هذا سيجعل أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يعيدون حساباتهم في موضوع الحل العسكري للأزمة السورية وضرورة ترسيخ حل سياسي للأزمة في سورية يحقق الأمن والاستقرار للسوريين وللمنطقة عموماً.
مجملاً.... إن السوريون عندما يوضعون تحت ضغوط فإن المخاطر تحفز الهمم لديهم، ونجد على مدار التاريخ أن كل المستعمرين للدول العربية أو مدبري المكائد لها تتحطم شوكتهم على أبواب دمشق، وإنطلاقاً من فإن هزيمة داعش وحلفاؤها في مدينة تدمر لم تكن مجرد هزيمة عسكرية وإنما كانت أيضاً هزيمة نفسية وهذا هو الأهم ففي لحظة الحسم انهارت معنويات المجموعات الإرهابية وأصابها الذعر وانتهت بالإستسلام والفرار وبالتالي فإن الهزيمة النفسية تنتقل بالعدوى وسنرى قريباً مشهد تدمر يتكرر في المعارك اللاحقة لتطهير سورية من المجموعات الإرهابية بجميع أشكالها وألوانها.
Khaym1979@yahoo.com