ثلاثة عشر عاماً انقضى على أكبر عملية غزو همجي مسلح في التاريخ ، قادته دولة عصابات تدعي أنها الدولة العظمى في العالم ، واصفة نفسها زوراً وبهتاناً أنها الحارسة الأمينة لحقوق الإنسان .. هكذا تدعي ، والخبر اليقين عندكم .. أنها صانعة الإرهاب العالمي وشعارها أن لا حقوق بالتمني أبداً .. استخدمت شتى أنواع الأسلحة التدميرية والمحرمة دولياً ، فأوقعت أكبر الخسائر البشرية ، ودمرت البنية التحتية لبلد الحضارة الأزلي بلاد ما بين النهرين ، عراق العروبة وحصن الرشيد ، أثناء الغزو وما بعده .. واعتقدت حينها أنها يمكنها أن تفرض إرادتها المطلقة وأن الحرب قد انتهت باحتلال عاصمة الرشيد بغداد ، فخاب فألهم أمام مقاومة شرسة أثقلت كاهلهم قادها حزب مناضل يؤمن بأمة عربية واحدة تجمعها وحدة الحال والمصير ، ووطنيون أحرار من مختلف الأطياف في ذلك البلد المعتدى عليه ، فكانوا وما زالوا شعاع الأمل في النفق المظلم ، فألحقوا بهذا العدو خسائر لم يكونوا يتوقعونها .. فخرجوا في عام 2011 بفعل تلك المقاومة الشرسة التي يعلم بها القاصي والداني والعدو قبل الصديق ، فالشمس لا تغطى بغربال ، خرجوا يجرون أذيال الهزيمة ويتجرعون ذل الهوان ، بفعل إرادة عصبة مثلت أمة لم تستكن وما زالت تملك ناصية البيان .. فلم يتمكن هذا العدو الغاشم من تحقيق ما يصبو إليه سوى سرقة خير البلد وتسليمه أمورها ، لعصابة مارقة مزقت وحدته ، ونشرت الفساد والإفساد في ربوعه ، فرائحة فسادهم تزكم الأنوف ، والكل في هذا العالم يتحدث عنه وعن صنيعهم المشين .. وهنا لست بوارد تناول الحديث عنهم كي لا يعتقدوا أن لهم ثقل أو لهم وزن ، فسيرتهم سيبقى إن بقي منها شيء ، فقط ما يقال عن ابن العلقمي الذي قاد هولاكو إلى بغداد وليس أكثر.. لكن شموع الأمل ما زالت ماثلة بأحرار ذلك البلد العزيز على قلوبنا الذين سيفوتون الفرصة من جديد على أعداء الداخل والخارج وإعادة اللحمة فيه كما كانت إلى سابق عهدها حيث كانت تجمع الكل الأخوة والمحبة ونفس التطلعات .
لا شك أن الجرح دامٍ وعميق فالمأساة ما بعد الاحتلال كانت ولا زالت مرعبة اعتمدت أسلوب فرق تسد ونهب ثروات العراق والأمة قاطبة وإشعال الحرائق المفتعلة هنا وهناك وفي كل أرجاء الوطن العربي الكبير لامتصاص ثرواته فانتشرت الجريمة والسلب والنهب واشتعلت الحرب الإثنية والمذهبية التي لا تبقي ولا تذر ، وتفسخت الأمة وانتشرت بها فوضى كوندليزا رايس الخلاقة التي ما زالت تأكل الأخضر واليابس في كياناتنا العربية الفتية ، وتفرد العدو الصهيوني في أرض وشعب فلسطين الجريحة ، وانتهكت العصابات الفارسية والمرتبطين معها حرمات الأرض العربية في يمننا وشامنا التي بارك الله فيهما ، وفي ليبيا وتونس الأبيتين، واجتاحت مشاكل اقتصادية وأمنية كيانات أخرى .. وإن لم يعِ أصحاب الحل والربط ومركز القرار فيها ويتداركوا ما يجري ، وما هو مرسوم فإن المستقبل سيبقى مجهولاً وغامضاً ولا يمكن التكهن بما ستؤول إليه الأمور وأين سترسو بنا السفينة أمام هذه الأمواج المتلاطمة والتي تعبث بنا إلى حيث لا ندري إلى عالم المجهول ..
حمى الله وطننا العربي من كل الشرور وأعاد للأمة صولتها وعزتها وكرامتها ، ونشر الأمن والأمان في ربوعه من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه إنه سميع الدعاء .. اللهم آمين.
شعاع الأمل في النفق المظلم!!
2016-04-09
بقلم : عبدالحميد الهمشري