2025-06-04 10:08 م

هدموا برجي التجارة ، وانتحروا على أبواب دمشق

2016-04-20
بقلم: عبدالفتاح السعدي
لم تتحدِ الوهّابية مع الدين يوماً مُنزلاً كان أو غير ذلك ، والوضاعة لم تكن في تقييم معنى الإنسانية وحيثياتها أبداً ؛ وإنما كانت في المال الحرام ؛ الذي تُشترى به النفوس وتباع ، ألم يغضَّ بعض الأمريكيين الطرف عن قتلاهم وقاتليهم في برجي التجارة ؟! ألم يعترفوا بذلك منذ أيام ؟ ألم يأمرهم المال اليهودي الوهابي بتحويل المسار إلى هنا وهناك رغبة في انتقام تاريخي قديم أو جديد ؟ وقد فعلوا ولكنهم ساروا أولاً على دماء أبنائهم المساكين ؛ بذلٍّ ليس له مثيل ، فكانوا عبيداً للفكر المريض وللمال المشبوه . فمنذ متى يشتري الصعاليك - أعراباً كانواً أو يهوداً - دماء النبلاء في الشرق أو الغرب ؟ ويجرّونها إلى رحاب هذا الشرق الذي تحطمت على أسواره أعتى الجيوش على مرِّ التاريخ ، فكيف للحفاة رعاة الشاة من أن ينتصروا على أبناء حضارة عمرها آلاف السنين؟ ألهذا ضربوا رؤوسهم بحضارة الملكة زنوبيا في تدمر ، فتناثروا جثثا في أكنافها ؟ وانتحر معهم الفكر المريض الذي ضمر للعروبة شراً ، وللإنسانية غدرا ، وللدين خداعاً ؟ فما الصراع الآن إلاّ بين التاريخ ولبوسِهِ ، والتاريخ ليس ساذجا كي يرتدي ما حاكه له التافهون ؛ لأنه لا يشتري ديمومته وبقاءه بثمن قليل . وليعلم العابرون أن الكرامة لا تُشترى لأنها تصنع ذاتها من مواقف إنسانية متشعبة ومعقدة ، وهذه إشارة إلى الملوك العابرين الناقصين ، ومن يحالفهم في عثرات الزمن ، فالأصيل يبقى ؛ لأنه محصن تكوينياً ومتمكِّنٌ من اتحاده عبر لحظة زمنية خُلق فيها فكان هكذا قطعه من الله لا يمكن المساس بها ، ولا تمنحك إلا العزة والكرامة والخير ، و قدسية الإنسان .
*شاعر وكاتب عربي فلسطيني سوري