تخشى إسرائيل من تعزز قوة حزب الله، عدوها اللدود المدعوم من إيران، بشكل غير مباشر نتيجة شحنات الأسلحة الروسية إلى إيران كمنظومة إس300 المضادة للصواريخ، كما أنها قلقة إزاء الدعم الروسي الثابت لنظام دمشق، مع تلقي الجيش السوري دعم الطائرات الحربية الروسية وحزب الله في مواجهته المتطرفين والمجموعات المسلحة، فالتقدير العسكري الإسرائيلي للعام 2016 يعطي إمكانية نشوب إندلاع حرب غير مسبوقة في المنطقة، وخشية من نجاح المحور الإيراني ــــ السوري في مواجهة تنظيم داعش وأخواته مما يشكّل تهديداً كبيراًلإسرائيل ويفرض عليها التدخل لمنع ذلك.
حذر بعض المحلليين الدوليين من إشتباك روسي إسرائيلي قريب في سورية، وطرحوا فكرة وصفوها بالمرعبة والخطيرة تمثلت في تساؤلهم، هل تشتبك روسيا وإسرائيل في سورية؟ خاصة أن تدخل روسيا في سورية جعلها تكون على عتبة إسرائيل، بالرغم من أن البلدين نسقا الوضع الأمني فيما بينهما من أجل تجنب أي صراع محتمل في سورية، ومع ذلك تبقى القوتين الإسرائيلية والروسية عرضة للإصطدام في ظل الأزمة السورية المتفاقمة، وقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أوسع الصحف الإسرائيلية إنتشاراً يوم الجمعة 22 نيسان أن القوات الروسية في سورية أطلقت النار على طائرات عسكرية إسرائيلية، بالإضافة الى إقتراب بعض الطائرات الروسية بشكل خطير من الطائرات الإسرائيلية في أجواء البحر المتوسط قبالة شواطىء سورية، وهذه لم تكون المرة الأولى التي يشتبك فيها الطيران الروسي الإسرائيلي، فالمقاتلات الروسية سبق وإن اشتبكت مع الإسرائيلية إبان حرب الإستنزاف بين إسرائيل ومصر في سبعينيات القرن الماضي، وفي إطار ذلك كان السبب المباشر لزيارة رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي نتنياهو العاجلة الى روسيا لبذل كل الجهود للحيلولة دون وقوع حادث يمكن أن يؤدي لتدهور العلاقات بين الجانبين على غرار ما حدث بين تركيا وروسيا.
إن إرهاصات التوتر الروسي - الإسرائيلي بدأت بالظهور من النافذة السورية، مع حرص الطرفين على تفادي الصدام حفاظاً على مصلحة الطرفين، لكن إن تجاوز الإسرائيليين التدخل السياسي والدعم العسكري والمادي للمسلحين، وإخترقوا المجال الحيوي السوري، فسيبادر الروس وحلفاؤهم إلى تطبيق معاهدة الدفاع المشترك مع سورية، وضرب الجيش االإسرائيلي، الذي ستُفتح له الأبواب للتدخل الخارجي بحجة مساعدة إسرائيل وإضطرار أمريكا إلى دخولهم الحرب إلى جانب حليفتها إسرائيل، وهذا ما سيشعل النار في كل المنطقة، وبالتالي سيصبح الشرق الأوسط بيئة مناسبة لإجراء إختبارات للأسلحة الدولية، وخاصة في ظل توقع إستلام إسرائيل مقاتلات أميركية من طراز إف35 في الأسابيع القادمة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل أميركا وحلفاؤها وخاصة إسرائيل جاهزون لهذه الحرب الشاملة؟ في الحقيقة إن الوقائع والإمكانيات تؤكد عجزهم عن ذلك، فهم في مرحلة الضعف العسكري والأزمة المادية، ولذا فإن إسرائيل ستدفع ثمن تهورها وإندفاعها المشبوه في سورية، وستلحق بها بعض الدول الخليجية وتركيا، فأول الإنذارات الروسية لإسرائيل بأن روسيا وحلفاؤها في المنطقة لن تقف مكتوفة الأيدي في حال إندلعت حرب شاملة ضد سورية .
في الإتجاه الأخر إن الحرب في سورية وضعت حزب الله في المكان الصحيح حيث أعطت حزب الله لجهة التجربة القتالية الجوهرية ضمن تشكيلات كبيرة، وتفعيل وسائل متطورة كالطائرات من دون طيار، فأصبح الحزب يخوض حرب المناورات الهجومية كجزء من عملياته في سوريّة، وساهم التدخل الروسي في تعزيز هذه التجربة، فأعطى بذلك للحزب دروساً هامة للحرب المقبلة، فالكثير من الإسرائيليين أبدو تخوفهم من حرب جديدة وأبدى آخرون خشيتهم من تصعيد شامل في حين إكتفى بعض آخر بالحديث عن لعب بالنار ومجازفة خطرة، وكان واضحاً للجميع أن ثمة ربطاً بين العملية ومقابلة السيد حسن نصر الله الأخيرة التي وجّه فيها الكثير من الرسائل الواضحة الى إسرائيل وأعوانها بأن كل الإحتمالات والسيناريوهات واردة فيما يتعلق بردّ المقاومة على إسرائيل.
مجملاً... إنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث، فالصراع عبر الحدود في سورية يزداد تعقيداً، والجماعات المسلّحة والقوى المتطرفة تخوض معركة مع الجيش السوري وحزب الله المدعومين من إيران وروسيا، ولذلك، يمكن أن تؤدي حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله إلى انفجار يدمر المنطقة بأسرها، فمساعدة كل من إيران وسورية لحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي يمتلكها والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر من ناحية الكم والكيف، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع حزب الله، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع حزب الله سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فمحور المقاومة لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجأها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد.
أختم بالقول يجب على الرئيس الإسرائيلي نتنياهو أن يحترس من التورط في التصادم مع محور المقاومة أو روسيا أو شن الحرب على سورية الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وروسيا، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.
Khaym1979@yahoo.com