2025-06-03 03:46 ص

كتيبة الأسود ووفد التلمود وستيفان دي الإبراهيمي

2016-04-26
بقلم: محمد توتونجي
في مؤتمره الأخير يوم الجمعة أعاد إلينا السيد دي ميستورا الذاكرة إلى أحاديث سلفه المخلوع " الأخضر الإبراهيمي " عندما استخدم عبارة مقررات " جينيف 1 " التي يحلم بها سيده كيري ومموليه في الخليج من قبيلة آل سعود ، والتي يظنون أنهم من خلالها يستطيعون إيجاد ثغرة للحديث عن رحيل الرئيس الأسد خلال مدة انتقالية ، وقد استعملها السيد ميستورا للخلط عندما صرح بأن محادثات جينيف الحالية تدور على مقررات جينيف 1 والقرار 2254 والذي يتحدث ضمن بنوده عن مرحلة انتقالية ورحيل الرئيس الأسد . وقال : إننا اليوم في هذه المحادثات نتلمس تقدم عبر ليونة كلا الطرفين المفاوضين في الحديث عن مرحلة انتقالية ، ولمّح إلى تنازلات أو تراجعات في بعض المواقف حسب اعتقاده من أطراف التفاوض ، أو أنه يمكنه الحصول من وفد الحكومة السورية عن طرف خيط لبحث مستقبل الرئيس الأسد ، وتحدث عن خبرته الطويلة والعميقة في مجال المفاوضات خلال عمله الأممي. ربما إننا نلتمس بعض العذر لدي ميستورا لأنه لا يتقن العربية ولا الروسية ولا الفارسية ، لأنه لم يفهم ما قاله الوزير وليد المعلم في مؤتمره الصحفي الأخير عن أنه إذا تجاوز السيد ميستورا طبيعة مهمته كوسيط من جديد ، فإنه سيصبح شخصاً غير مرغوب به لدى الجمهورية العربية السورية ، وكذلك لم يفهم ما قاله الرئيس بوتين ووزير خارجيته السيد لافروف بكلام واضح ودقيق عن أن مصير الرئيس الأسد خارج نطاق أي تفاوض وأن صناديق الاقتراع والشعب والدستور السوريين هي الأدوات الوحيدة والوحيدة فقط لها الحق بتحديد مصير الرئيس الأسد ، وهي نفسها ما عبر عنها كل المسؤولين الإيرانيين باللغة الفارسية ابتداء من رأس الهرم السياسي الممثل بسماحة الإمام القائد الخامنئي وليس انتهاءً بكل المكلفين في الملف السوري في الخارجية الإيرانية والحرس الثوري والجيش الإيراني. وبالعودة إلى أوهام ميستورا عن ظهور ليونة من كل الأطراف فإن أبرز تقدم في هذه الجولة من المفاوضات هو انسحاب ممثلي مشغلي السيد مستورا والمتعارف عليهم باسم وفد الرياض من المحادثات ، وإعلانهم سقوط " الهدنة " وبدء العمليات وبقوة وعلى كل جبهات القتال ضد الجيش السوري وحلفاءه ، ولعل أبرز الحلفاء هم أبناء الشعب العربي السوري الذين يعيشون في مناطق سيطرة الدولة السورية ، وتم فعلاً التصعيد ضدهم واستهدافهم بكل إجرام ووحشية بقذائف الهاون ، وما يسمى اصطلاحاً " بمدفع جهنم " الذي يستخدم فيه " جرات الغاز المنزلي " المعدة للانفجار الشديد لتحقيق أكبر طيف من الإصابات في صفوف المدنيين ومنازلهم عبر استهدافهم من قبل الجماعات الإرهابية التي يمثلها وفد الرياض وعلى رأسهم الإرهابي محمد علوش قائد جيش الإسلام - خلفاً لأخيه الإرهابي المقبور زهران علوش - المصنف أصلاً على لائحة الإرهاب لدى الأمم المتحدة التي تستضيفه كمفاوض عن الشعب السوري التي تدعي أنها حريصة على حقن دماء أبنائه. جيش الإسلام هذا هو نفسه من قام بقصف السفارة الروسية في دمشق ، وهو نفسه ممثل السعودية في المفاوضات الأممية ، تلك السعودية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما هاجم ثائرون غاضبون من جريمة آل سعود بقتل الشيخ باقر النمر طائفياً ، فاقتحموا سفارتها وقنصليتها في طهران ، وذهبت لتهاجم القيادة الإيرانية في كل المحافل البترودولارية من الجامعة العربية إلى منظمة دول التعاون الإسلامي ومنظمة مجلس دول التخاذل الخليجي ، إلى اتحاد البرلمانات العربية وغيرها من الخاضعين لهيمنة الأموال السعودية ، وحاربت من أجل عدم تصنيف جيش الإسلام على أنه فصيل إرهابي ، وكانت تصر على أن وفد الرياض هو الممثل الوحيد للشعب السوري في المفاوضات الأممية في الحرب السورية. ربما أن السعودية و السيد ستيفان دي الإبراهيمي ومشغليهم ومن ورائهم لم يستطيعوا أن يدركوا أن ما لم يستطيعوا أن ينالوه في الحرب لم ولن يستطيعوا أن يأخذوه لا بجينيف ولا بغيرها ، وأن المشهد القادم في قادم الأيام هو فقط ما قد عرفه سيدهم الأمريكي من" صورة المارينز الجاثي على ركبه باكياُ ويداه مكبلتان خلف رأسه " ، وبأن جينيف وفيينا وأي مكان يرضون فيه التفاوض يصنعه الميدان وحده فقط ، وهذا الميدان هو الذي أرضخ الأمريكي الذي تضمن الاتفاق بينه و بين الروسي صراحةً على أن: " القوات الشرعية الحكومية والقوى المؤازرة لها هي المفوضة باستمرار القتال المشروع على الأرض السورية خلال الهدنة " ، وهذا اعتراف كامل بشرعية حزب الله ووجوده في سورية ، واعتراف أكبر بإرهابية المجموعات المسلحة التي تصنف أصلاً معارضة معتدلة إلى أن استطاع الحلف السوري الروسي الإيراني انتزاع الاعتراف الكوني بأنهم عبارة عن مجموعات إرهابية مسلحة ، وأن الجيش العربي السوري وحلفاءه يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم كله بعد أن كبر " وحش فرانكشتاين " وبدأ يلتهم صانعه ، حيث ضرب في أوروبا ويتوعد أمريكا والسعودية. وهذا ما يستطيع كل المتابعين للرحب الكونية على سورية ملاحظته وإدراكه عبر مطالعة افتتاحيات كبرى للصحف الأوروبية والأمريكية عما يصفوه ويتحدثون عنه بأنه إنجاز أشبه بالأعجاز كل ما يحققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الميدان السوري ضد تنظيم القاعدة ومفرداتها ، وكذلك الحشد الشعبي العراقي. والأمريكي نفسه الذي استخدم نفوذه لقدوم وفد الرياض في هذه الجولة سيرضخ قريباً لمطالب السيد لافروف بضم جيش الإسلام وأحرار الشام إلى المجاميع الإرهابية غير المشمولة بالهدنة ، وأن محاربتها أصبحت شرعية بعد رفضها التحاور ، وإعلانها إسقاط الهدنة ، وهذا الأمر ربما هو من أهم الأمور التي يكسبها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في الحرب على كل مفردات جبهة النصرة التي أصلاً تم إضافتها في القرار الأممي بتصنيفها إرهابية بضغط روسي كبير ، مع كل التصريحات التي كانت تطلق من قبل قادة الكيان الصهيوني على أنها جدار عازل لأمن الكيان ، وكذلك بعض تصريحات السياسيين الأمريكيين بأنه يمكن الاعتماد على النصرة في محاربة داعش. و بالتالي ومن كل ما سبق نجد أن انتصارات الميدان هي وحدها التي تأتي بانتصارات السياسة والديبلوماسية التي تحققها كتيبة الأُسود برئاسة معالي السفير الدكتور بشار الجعفري الذي أدار ويدير المفاوضات بكل حنكة وقوة مدعوماً بانتصارات الميدان لأنه استطاع أن يحرج وفد الرياض ويخرجه ، واستطاع أن ينتزع تصريحات قوية مفادها أن خروج وفد الرياض من المحادثات لا ينهيها ، وبأن خروجهم سيجعل الاتفاق أقرب وأسهل ، وبالتالي وجه ضربته القاضية لهم برفع الغطاء والشرعية عنهم ، وبأن كتيبة الأسود في طريقها لوضع قادة وفد التلمود على قائمة الإرهاب ، ووحده مشهد " المارينز الجاثي على ركبه باكياُ ويداه مكبلتان خلف رأسه " بما يمثله من مشهدية قوة الحلف المقاوم ، وما على الطرف الآخر إلا تنظيم خسارته وانسحابه التدريجي من المنطقة ، وهذا ما يؤكده ما يحدث اليوم من بدء إغلاق الملفات من وضع قطار الحل السوري على سكته ، ورفع رؤوس الرايات البيض السعودية لحربها في اليمن على طاولة الكويت ، وبداية انهيار النظام المالي السعودي بعد محاولته التلاعب بالاقتصاد العالمي عبر العبث بسوق النفط العالمي ، الأمر الذي استدعى كيري للتصريح على أنه لا يمكن للنظام السعودي تدمير الاقتصاد العالمي عبر سلاح النفط. وكذلك الهلع الصهيوني الذي دفع بنتنياهو إلى عقد اجتماع حكومته في هضبة الجولان السورية المحتلة ، لا لشئ ، إنما فقط لأنه أدرك أن النصر السوري وهزيمة حلفائه أصبحت حقيقة كما الشمس ، وقام بما قام فقد ليحجز له مكان في التسويات ، وليقول إنني موجود ، ونتنياهو المأزوم في غزة بعد إعلان قيادة القسام عن أسرى صهاينة ونشر صورهم ، والتأكيد على أنه كاذب و ليس هناك مفاوضات على أطلاق سراحهم كما كان يعلن ويخادع أسر الأسرى الصهاينة ، وأثبت عجز " أسطورة جيشه " ومخابراته في ايقاف سكين الإنتفاضة ، كل تقارير قياداته ومفكريه ومخططيه تؤكد على تنامي قوة حزب الله ، وبأن أي حرب قادمة لن تكون في مصلحة كيانه أبداً. أيها السادة قلنا منذ بداية الحرب على سورية بأن هذه الحرب ستنتهي بإعلان أممي بشرعية الرئيس الأسد بقيادته للجيوش المحاربة للإرهاب الوهابي في سورية والمنطقة نيابة عن العالم ، وأن تصريح ابن سلمان بأن أمريكا هي شرطي العالم ، وبأن السعودية ستبقى حليفة لأمريكا مهما حصل لن ينفعه ، وبأن انتصار سورية مع حلفائها حتمي ومؤكد في الميدان ، ولكن لا بد لنا من استكمال هذا النصر لاحقاً بنصرٍ إجتماعي على مستوى الوطن السوري يرتقي لمستوى دماء الشهداء من الجيش العربي السوري وأبناء سورية الشرفاء ، ودماء كل الحلفاء الذين قدموا من بلدانهم للدفاع عن سورية وأرضها وشعبها.