2025-05-31 07:38 ص

الإسراء والمعراج منهاج حياة وحض على البناء والتمسك بالثوابت

2016-05-07
بقلم : عبدالحميد الهمشري
في ذكرى الإسراء والمعراج دروس في الثبات والصبر على المحن وتحدي الصعاب ونهج حياة ودرب نضال ، فحدوثه كان في وقت تدافعت فيه الخطوب وبقوة وارتفعت وتيرة الشدائد ، فكانت المعجزة الإلهية التي في نظر ذوي الرأي ورجاحة العقل أنها خارج قدرة تصور حصولها في ليلة واحدة ، لكن في الحقيقة وبكل تأكيد لا تعجز خالق هذا الكون الذي أوجده من العدم ، ففي حلكة الظلام الدامس ، وأمام تكالب قوى الشر على خير بني البرية وسيدها ، السراج المنير ، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ، وتماديهم في غيهم وبذلهم كل ما يستطيعون في سبيل وقف التمدد الإيماني في ظهرانيهم ، الرافض عن ضغينة وحقد اتباع منهج الحق في أرض الحق ، انطلقت رحلة الإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس ومن ثم عرج به من هناك إلى عليين .. وأنا هنا لست بصدد تناول ما في هذه الرحلة من تفاصيل دقيقة ، لكنني سأتناول بعضاً من مغازيها وأهدافها وما فيها من دروس وعبر وفق ما أرى ، غير أني سأعرج أولاً للقول أنها جاءت بعد اشتداد أذى بني قومه لدعوته لهم إلى التوحيد بعد فقده للسند والعون بعد انتقال زوجته رضوان الله عليها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد إلى جوار ربها وكذلك عمه أبو طالب، وتوجهه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف علَّ أهلها يكونون السند والعون له فكانوا أكثر ظلماً ورفضاً وأشد إيلاماً وأذى له . فجاءت هذه الرحلة في السابع والعشرين من شهر رجب تكريماً لسيد الخلق رسولنا الكريم لتُسرِّي عنه همه ولتبين له أن الله ناصره وأن ما بعد العسر يسرى وما بعد الشدة إلا الفرج .. لكن الله عز وجل لم يشأ أن يعرج به من حيث هو في مكة إلى السماوات العلا مباشرةً، بل اختار أن يتم الإسراء أولاً إلى المسجد الأقصى ومن هناك يعرج به إلى العلا .. ولهذا مغزى ألا وهو لفت أنظار أمة التوحيد في وقتٍ مبكِّرٍ إلى قداسة هذه البقعة المباركة التي أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد فرض الصلاة فيها أن يتوجه بصلاته إليها "المسجد الأقصى" والتي استمرت زهاء سبعةَ عشرَ شهرًا قبل أن يأمره الله تعالى بالتوجه في صلاته إلى المسجد الحرام من أجل أن تظلَّ أنظار المسلمين متجهةً إليه، وقلوبهم معلقةً به في صلواتهم ودعائهم، وهذا أكسب المسجد الأقصى جُملةَ ألقابٍ فأصبح "منتهى الإسراء ومبتدأ المعراج" و" أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين" إلى جانب أن أجرُ الصلاة فيه تصل إلى خمسمائة ضعف.. و تعاظمت بركتُه حتى فاضت وامتدَّت إلى ما حوله من المدينة التي تحتضنه" بيت المقدس" والبلد الذي يضمّه "فلسطين" ، تدبَّروا قوله تعالى: