2025-05-31 07:41 ص

خطوة أخرى نحو إستكمال تحرير حلب

2016-05-07
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
مما لا شك فيه أن هناك تغييرات وإرادة دولية بدأت تتضح معالمها في الملف السوري، خاصة بعد تقدم الجيش السوري في حلب والمناطق الأخرى في سورية، الذي من خلاله شارفت لعبة كسر القيود على نهايتها، فلا غريب أن يشهد السوريون نجاح عملية تحرير حلب، ولا غريب أيضاً أن يسمع السوريون في يومنا هذا تصريحات الرئيس الأسد عن قرب نهاية داعش ودحر الأعداء، إذ أكد الأسد: "بأن مدينة حلب ستشهد معركة الفصل وأن تحريرها بات قريباً، وأن حلب لن تقبل بأقل من دحر العدوان والإنتصار"، مضيفاً "أن المعركة مفتوحة مع الأعداء ولم تنتهي إلا بزوالهم" داعياً الجيش السوري بأن يظل السلاح ممشوقاً حتى الإنتصار المؤزر. اليوم تتسارع وتيرة الأحداث في سورية، فها هي حلب، تصنع الآن تاريخها من جديد، على يد أبنائها لتكسر قوى الإرهاب وتتخلص من ظلم الحصار، حيث دفعت الإنجازات الأخيرة للجيش السوري وحلفاؤه في معظم المناطق السورية، مختلف المجموعات المتطرفة وداعميها لتعرب عن غضبها، إذ قامت بقصف المناطق المأهولة رداً على هزائمها المتكررة في سورية وخاصة حلب، كما جعلت هذه الإنتصارات للجيش السوري وحلفاؤه إلى أن تقوم بعض الدول المعادية لسورية بتغيير مواقفها وتكتيكاتها لتوفير ظروف مواتية ومناسبة للجماعات المسلحة في الجولة المقبلة من مفاوضات السلام، حيث كشفت هذه الدول عن نيتها للتدخل العسكري المباشر في سورية بهدف خلق منطقة عازلة في شمال سورية لتحول دون تشكيل دولة مستقلة أو إعلان الحكم الذاتي من جانب الأكراد. تخوض حلب تمشيط مختلف الجبهات نحو التحرير الكامل الذي يتوقع خلال أيام أو أسابيع، وسيمثل ذلك إنكساراً كبيراً في صفوف القوى المتطرفة، لن يتوقف على حلب فقط، بل سيصل صداه إلى بقية المدن والمحافظات الأخرى، مثل ريف دمشق وحمص وإدلب ودير الزور ودرعا، مع خصوصية بعض المناطق التي سيدفع داعش كل ما في وسعها للبقاء فيها، مثل الرقة، غير أن هذه المواجهة لن تطول مهما إستمرت، فهذا الشكل الفريد من المواجهة، أزعج أمريكا وحلفاؤها من الدول العربية، بل لاحظنا في كثير من الاحيان بأن تصريحات قادتها الأمنيين أو السياسيين مدى التوتر والإحباط، لأن الأجهزة الأمنية الأمريكية وجدت نفسها عاجزة أمام هذه المواجهة، وغير قادرة على إختراق ساحة الميدان في حلب، وإنطلاقاً من ذلك ثمّة بوادر تصب في مصلحة الوطن السوري نحو التخلص من القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة، وبرزت هذه البوادر عقب التقدم الذي أحرزه الجيش السوري وحلفاؤه، تبعتها أنباء عن إنشقاق شخصيات مسلحة من داعش والقوى المتطرفة، وبلا شك، هذا ما سيقض مضجع المجموعات المسلحة وحلفائها في المنطقة. وبعد هذه الإنتصارات التي شكلت نقطة تحول في الصراع السوري توصلت روسيا وأمريكا وحلفاؤهما إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في سورية، وكان من المتوقع أن يتيح هذا الإتفاق المجال لإحراز تقدم في المفاوضات السياسية لتسوية الأزمة السورية، وذلك من خلال تحفيز المعارضة على المشاركة الجديّة في هذه المفاوضات، ولكن بعد مرور ساعات على إعلان الهدنة عاودت الجماعات الإرهابية هجماتها ضد القوات السورية والقوى الحليفة لها والمدنيين في بعض المدن لاسيّما في حلب التي شكّلت إنتهاكاً واضحاً لوقف إطلاق النار، إلاّ أنه وبعد فشل هذه المفاوضات قرر الجيش السوري إستئناف عملياته ضد هذه الجماعات. في إطار ذلك يمكن القول إن معركة حلب تقترب من الحسم، حيث تشدد قوات الجيش السوري وحلفاؤها من ضغطها على المجموعات المسلحة في وقت واصلت فيه الطائرات الروسية إستهداف معسكرات وقواعد هذه المجموعات، وأكدت مصادر في الجيش السوري أن التقدم نحو حلب لتحريرها سيكون خلال فترة وجيزة، وأكدت المصادر ذاتها أن العمليات العسكرية تمضي بخطى ثابتة نحو الهدف المخطط له من القيادة العليا للجيش السوري بالتنسيق مع الحلفاء لاسيما بعد تحرير مواقع إستراتيجية عدة قريبة من حلب خلال الأيام الماضية، والتي تشكل بوابة التدخل التركي في سورية، وبالتالي كل هذه الإنجازات غيّرت الموازين العسكرية على الأرض لصالح القوات السورية. مجملاً....إن حلب كما كانت سباقة، ونبراساً لصمود الجيش السوري، ستكون هذه المدينة شرارة الإنتصارات ومهد التحولات الكبرى ونبع الوطنية الجامع لكل السوريين من دون إستثناء، وستشكل مستقبل العالم، وسترسم خطوط الحل السياسي في سورية، وستكون بالقدر نفسه على طريق الخلاص من الإرهاب، ومعادلة مختلف النتوءات الحاصلة حالياً، والنداءات التي تستهدف تعميق الشرخ في الجسد السوري، فهي أيقونة سورية والنضال والتعايش، فبتحريرها الكامل ينفرط عقد الإرهاب بشكل متسارع، وسيعم النصر في كل ربوع سورية، وبإختصار شديد إن سورية ستبقى صامدة في مواجهة كافة التحديات بفضل عزيمة وإصرار أبنائها ورجال قواتها المسلحة في مواجهة الإرهاب وردع كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن واستقرار شعبه، فالجيش السوري ما قدموه من بطولات وتضحيات ستظل مبعث فخر الشعب السوري وإعتزازه، وفي النهاية يمكنني القول إن سورية كالصخرة الصماء لا تحركها العواصف وهي ماضية في طريقها لا تنظر إلى خفافيش الظلام مهما تكاثرت... ولا إلى عواء الذئاب الغادرة مهما خانت!!.
Khaym1979@yahoo.com