هل يمكن القول أن الهبوط الذي شهدته الليرة السورية عبر سنوات الحرب على سورية طبيعي، وهل نجحت سياساتنا النقدية بضبط سعر الصرف، أم أن الأمور قد خرجت من يدها ولم تعد قادرة على لجم الهبوط المتكرر لليرة السورية على الرغم من الإجراءات الكثيرة التي اتخذت من قبل المصرف المركزي ، وجلسات التدخل الدورية لإيقاف ذلك الهبوط المتكرر، ولماذا حصل ذلك الهبوط الكبير خلال السنة الأخيرة حيث وصل مقدار الهبوط بحدود الثلاثمائة ليرة سورية في حين تم تقدير مقدار الهبوط خلال السنوات الأربعة الأولى بحدود المئتي ليرة سورية لا غير، فهل هناك من يتلاعب بسعر الصرف وما هي الإجراءات التي اتخذت بحق المتلاعبين .
ثمة الكثير من التساؤلات التي تجعلنا نتساءل في النهاية عن الأسباب الحقيقية التي كانت وراء ذلك الهبوط ونحن ندرك تماما ً أن سورية تتعرض لحرب شرسة على مختلف الجبهات السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية ، وأعتقد أن مصرف سورية المركزي كان عليه أن يقوم بإجراءات أكثر فعالية لضبط سعر الصرف وأن بإمكانه فعل ذلك لأنه يمتلك الكثير من العقول الاقتصادية التي يمكن أن تقوم بدور مؤثر من خلال وضع الاقتراحات والتوصيات الفعالة لضبط هذه المسألة التي انعكست سلبا ً على معيشة المواطن الذي تأثر بالدرجة الأولى من هذا التلاعب الذي حصل فلو تصورنا مقدار الضرر الذي لحق به لعرفنا مقدار التقصير الذي خلفته السياسات النقدية للمصرف المركزي من خلال عدم ضبط سعر الصرف وتلاعب التجار بقوت المواطن الذي يفترض أن يكون خطا ً أحمر .
إذا تصورنا مثلا ً أن متوسط راتب موظف حكومي قبل الأزمة يقدر بحوالي الثلاثين ألف ليرة سورية وهذا يعني /600/ دولار أمريكي في ذلك الوقت وهذا الراتب أو المعاش يقدر في الوقت الحالي إذا اعتبرنا أن سعر الصرف حسب نشرة المصرف / 460/ ل.س فهذا يعني حوالي /62/ دولاراً أمريكياً أي أن المعاش قد انخفضت قيمته الشرائية بعشرة أضعاف فالسلع بكافة أنواعها وخاصة الغذائية قد ارتفعت بهذا القدر لأن التجار يحسبون سلعهم على الدولار ولا يحسبونها على الليرة السورية وفي النهاية فإن المتضرر الأول والأخير من لعبة هبوط الليرة السورية هو المواطن .
وبعد هل يستمر مسلسل هبوط الليرة السورية أم أنه سيجد من يلجم هذا التدهور المستمر في سعر الصرف بإيجاد آليات جديّة وجديدة يمكن أن تجعل الخط البياني لليرة السورية يغير مساره من الهبوط إلى الصعود .
أعتقد أن هذا ليس صعبا ً ولا مستحيلاً ...
المطلوب فقط أن نعيد النظر بالإجراءات الحالية ونضع استراتيجيات وخطط تساهم بالحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني وعدم التلاعب بقوت المواطن الذي يعتبر جزءاً ممن منظومة الأمن الاقتصادي للوطن والذي يفترض أن يكون من الخطوط الحمراء التي يمنع الاقتراب منها .ط
*كاتب وصحافي سوري
marzok.ab@gmail.com