2025-05-30 06:26 ص

قراءة بتصريح السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري

2016-05-13
بقلم: حسام الكحلوت
قراءة بتصريح السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري بان الصراع العربي "الإسرائيلي" ليس صراعا منسيا، وهو القضية الأهم، وإن التقاعس عن إنهائه أدى إلى تعميق وتجذر الخلل و أن قطاع غزة المحاصر ما زال محتلاً ، وان الاحتلال عليه واجبات ومسئوليات تجاه غزة التي يحتلها ويحاصرها ، حقيقة غابت عنا ولم نجرؤ علي البوح بها لأسباب مختلفة فتعامينا عنها عن سابق تصميم وإرادة ؛ الخارجية المصرية العريقة و الضاربة في جذور التاريخ والعارفة بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية وبحس قومي ، أوضحت بأن عنوان المسئولية لما يحصل من ماسي وحصار وقتل للروح والجسد الفلسطيني هو الاحتلال الإسرائيلي ،وكم يتألم المرء عندما يصر بعض بني جلدتنا بحسن نية بحرف تلك الحقيقة الساطعة بان غزة ما زالت تحت الاحتلال ،وهو عنوان لكل مشاكلها وهمومها ،وهو المسئول عن قتل أحلام شبابنا الفلسطيني الخريج من الجامعات بالعمل والبناء والتنمية ، طالما منعنا من استيراد المواد الخام اللازمة للصناعات الوطنية ومنع منتجاتنا من التصدير ، وهو المسئول أيضا عن قتل أطفالنا تباعاً حرقاً بالشموع أو موتاً بالسرطان جراء حممه الذي يصبه علي رؤؤسنا كلما أتاحت له الظروف شن عدوان متكرر. ولم يعرف العالم احتلال برفاهية الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية وهو احتلال ماكر أوصلنا لدرجة انه يجبي أموال وضرائب وجمارك ومكوس من جراء احتلاله في حين انه لا يدفع اغورة واحدة مقابل ذلك الاحتلال لسكان تلك المناطق الفلسطينية المحتلة؛ وعند حدوث أي فاجعة او مصيبة نتيجة احتلاله وحصاره ، كما حصل في فاجعة احتراق أطفال أل الهندي سارعنا نحن الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير احتلال إسرائيلي محكّم من الجو بطائراته ،ومن البحر ببوارجه الحربية، ومن البر بوحداته العسكرية جولاني وغيره ، إلي اتهام بعضنا البعض بالمسئولية ونحن سجناء في قفص الاحتلال!!! وتبرئة الاحتلال من تلك الدماء الزكية في مشهد سريالي عبثي ، فتركنا المحتل الذي يمسك بتلابيب رقبتنا ويضع مفتاح غزة بجيبه الصغير وذهبنا نتلاوم و نجلد أنفسنا ، نحن الضحية ، بتحميلنا المسئولية عما تسبب به المحتل وحصاره وتبرئتهما ؛ بل وذهب الاحتلال الماكر إلي ابعد من ذلك في تعامله مع المواد الغذائية المسموح بمرورها لغزة حسبما يقرره هو ، فوضع ضوابط لتلك المواد ، و تحديد كمياتها -حسب السعرات الحرارية- حتي لا يتم إدخال قطاع غزة في مجاعة ، ونشر المحتل وثيقة "الخطوط الحمراء" على المواد الغذائية والتموينية التي تدخل القطاع من المعابر الإسرائيلية منذ عام 2008ومعيار الكميات التي يمكن إدخالها عبر حساب السعرات الحرارية المطلوبة للسكان في قطاع غزة بواقع "2279" سعره حراريه للشخص الواحد فيما يعرف بمعادلة الموت، وبما يضمن حد الكفاف و عدم الوصول إلى حافة المجاعة، فلا حياة طبيعية ولا موت داهم يريح النفس . والواجبات والمسئوليات التي تقع علي كاهل سلطة الاحتلال محددة بشكل أساسي في لائحة لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة ، بالإضافة إلى بعض أحكام البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي. وكلها تلزم المحتل بواجباته في تسيير الحياة اليومية بصورة اعتيادية وتوفير الكهرباء والمياه والمرافق العامة ذات الطابع الخدماتي من مستشفيات ومدارس ومراكز شرطية وهيئات قضائية وغيرها بالإضافة إلى الإمداد بالغذاء والرعاية الطبية للسكان الواقعين تحت الاحتلال....مع التأكيد أن الاحتلال غير شرعي وحالة مؤقتة في تاريخ شعبنا ونصوص الاتفاقيات والقوانين الدولية تؤكد بأنه لا تفقد الدولة المحتلة أراضيها وسيادتها الأصلية بالاحتلال مهما طال زمنه . اختار الاحتلال الإسرائيلي بذكاء أن يقوم باستخدام مصطلح إعادة الانتشار من غزة وهي صيغة اُجزم بان واضعيها من كبار القانونيين والمفكرين لديهم حتي يقوم بإعفاء نفسه من أعباء الاحتلال المباشر وهموم ومتطلبات ل 2 مليون فلسطيني اغلب سكانها من الشريحة العمرية من فئة الشباب ما دون ال18 عام واحتياجاتهم الخدماتية كبيرة ومأهولة بالعمل والسكن وخلافه ، فتواري الاحتلال عن الأنظار بإعادة الانتشار دون انسحاب حقيقي وكامل ، في حين انه احكم وعزز سيطرته براً وبحراً وجواً علي غزة وسكانها والقي عبء إدارتها علي ساكنيها الواقعين تحت الاحتلال واستمر بجباية الأموال علي السلع والبضائع التي يسمح بعبورها من معابره ، وقرار إعادة الانتشار اتخذه شارون المجرم الذي استطاع تنفيذه بالرغم من الاحتجاجات الداخلية ،وقد قال مدير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيليّ، عاموس يدلين لو كان باستطاعتي لوضعت كل يوم وردة على قبر اريئيل شارون، ذلك أنّه خلّص إسرائيل من 1.7 مليون فلسطينيّ. وفي ذلك السياق نتفهم تهديد القيادة الفلسطينية بالضفة الغربية للاحتلال بإعادة مفاتيح السلطة له حتي يكون ملزماً بواجبات الاحتلال مع التأكيد علي عدم شرعية المحتل وان نهايته إلي زوال فلا احتلال مرفّه ،أو تحميل للواقعين تحت نيره والمحرومين من استغلال ثرواته الطبيعة او الصناعية لفاتورة احتلاله . إن الرهان علي ضمير العالم بمحاولة إيقاظه أو إنعاشه من غفوته الاختيارية بصور المآسي الإنسانية لما يحدث بمناطقنا، مشكوك بنجاحها فهو نفسه العالم الظالم الذي ضرب حصارًا علي العراق الشقيق لمدة 13 عام أدى إلى وفاة مليون ونصف مليون طفل نتيجة الجوع ونقص الدواء الحاد وتدمير دولة نفطية غنية أعادوها إلى حقبة ما قبل التاريخ كما ردد جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي وقتها، ثم عندما تعالت الأصوات المنددة بذلك الحصار الظالم اخترعوا معادلة النفط مقابل الغذاء عبر تجميل الحصار والاستحواذ علي النفط مقابل بضع لقيمات حفاظاً علي مظهر وبرستيج العدالة الدولية الظالمة. ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي مع المناطق المحتلة نفس الأساليب الظالمة وسياسة اللقمة من اليد إلي الفم مباشرة عبر جدول السعرات الحرارية الشنيع ، فهو ماكر وخادع ويحرص علي تجميل صورته عبر تقنين حصاره ، وإدخاله قافلة إنسانية هنا أو هناك ؛ والسماح لبعض الشخصيات الدولية بزيارة المناطق حيث يحرصون كعادتهم علي التقاط الصور التذكارية من وسط الخراب لتلميع شخصياتهم ببلادهم أو لذر الرماد بالعيون . أن غزة بهمومها مسؤولية الاحتلال حصراً وينبغي أن نقوم بتعريته في المحافل الدولية وكلنا علي قلب رجل واحد وصوت واحد خلف القيادة الفلسطينية ، وإلا سنواجه مصيرنا المحتوم علي غرار مصير ملوك الطوائف بالأندلس .
kahloutgz@hotmail.com