هل كان رفض البيت الأبيض مؤخراً لمشروع القانون الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي و الذي يسمح لأسر ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول بإقامة دعاوى قضائية ضد السعودية للمطالبة بالتعويضات مستغرباً في ظل السياسة التي تتخذها الإدارة مع السعودية و التي تحمل الكثير من المؤشرات التي تؤكد أولاً و أخيراً أن السعودية هي أداة من أدوات الإدارة الأمريكية في تنفيذ سياساتها الاستعمارية في المنطقة العربية .
فمملكة الرمال الغارقة في التآمر على سورية وفي تمويل ودعم الإرهاب و الإرهابيين و إرسالهم إلى سورية لم تقم بهذا الدور من تلقاء نفسها بل بتوجيه وبمباركة أمريكية واضحة لفرض هيمنة القطب الذي لم يعد وحيداً في العالم ، و الإدارة الأمريكية لم تتغاض عن حقيقة تورط النظام السعودي في تلك الهجمات لسواد عيون المملكة المحتضرة بل لأن أركان المملكة هم أدوات رخيصة يتحركون كالبيادق بإمرة بعض موظفي الإدارة الأمريكية و ينفذون رغباتها في المنطقة و إذا كنا نسمع بعض التصريحات لصغار المملكة فذلك ليس سوى نباح في كهف لا أحد يسمعه لأنه لا يسمن ولا يغني فصبيان المملكة أعجز من أن يقوموا بتنفيذ أي قرار قد تتخذه المملكة إذا لم تكن هناك مباركة أمريكية على تلك القرارات .
و إذا كان ثمة من يقول أن الإدارة الأمريكية تحافظ على علاقتها بمملكة الرمال حفاظاً على العلاقات التجارية و الاقتصادية و الجيو سياسية التي تجمع الولايات المتحدة بالسعودية فإن وكالة المخابرات الأمريكية أكدت في آخر تقرير لها أن استثمارات السعودية هي 117 مليار دولار وليس 750 مليار دولار وهذا يعني أنه مبلغ مالي لا يشكل شيئاً أمام قوة وحجم الاقتصاد الأمريكي ولذلك لم يعد نظام بني سعود يتحدث عن سحب الأموال لأن هذا التهديد سيزيد من تصلب الأمريكيين ، والمعروف المملكة العربية السعودية غير قادرة على ليّ يد الولايات المتحدة الأمريكية فالسعودية في الواقع ليست دولة بذات الثقل الذي يمكن أن يؤثر على قرار الإدارة الأمريكية وهي أولاً و أخيراً دولة لا تعني شيئاً سوى أنها مأمورة وليست لديها قدرة الأمر أن أخذ قرار قد يكون له تأثير على المنطقة العربية وهي إضافة لكل ذلك تبدو لاهثة وراء الانبطاح في حضن الأمريكيين و الإسرائيليين و أصبحت في الآونة الأخيرة لا تخفي تعاونها مع الكيان الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين ويقوم يومياً بقتل أهلنا في فلسطين ويدمر بيوتهم ويرتكب المجازر اليومية فالمملكة السعودية كشفت القناع عن وجهها فبعدما كان التعاون من تحت الطاولة أصبح علنياً دون أن يشعر أمراؤها وملكها بأي خجل من السياسة التي تنتهجها بلاده في المنطقة العربية وخاصة دعم الفصائل الإرهابية الوهابية التي صدرتها لكل أنحاء الوطن العربي وخاصة سورية لإسقاطها خدمة للمصالح الأمريكية الصهيونية في المنطقة و ذلك لتدمير وإضعاف محور المقاومة الذي أصبح له دور هام في الحرب ضد الكيان الإسرائيلي الجبان فإسرائيل لم تستطع عبر السنوات الماضية أن تهزم المقاومة في الجنوب اللبناني وسقطت هيبته تحت أحذية المقاومين الأبطال الذين نالوا من هيبة الكيان الإسرائيلي و(جيش النخبة ) في أكثر من حرب خاضها في الجنوب اللبناني .
بعد كل تلك الحيثيات هل يمكن أن تقف الإدارة الأمريكية ضد آل سعود أم تدعمهم و تدعم إرهابهم لأنه يخدم مصلحتها في المنطقة العربية لقد أعلن الرئيس الأمريكي أوباما معارضته لمشروع القانون الذي نظر فيه الكونغرس ويجيز للقضاء الأمريكي محاكمة مسؤولين سعوديين بسبب مسؤوليتهم عن هجمات الحادي عشر من أيلول على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون " بعد أن هدد النظام السعودي قبل أسابيع بسحب أصول مالية في الولايات المتحدة الأمريكية فهل أصبح آل سعود أقرباء لأبو حسين أوباما ... أم أن الوقائع غير ذلك ... وهي لا تعدو عن كون الإدارة الأمريكية التي أوجدت داعش ورعت داعش هي راعية للإرهاب ومن يدعم الإرهابيين فلا يمكن للكلب أن يعض ذيله لأنه جزء منه و السعودية أصبحت جزءاً من الدول الإرهابية و الداعمة للإرهاب ليس منذ عام أو عامين ... بل منذ زمن طويل وما خفي كان أعظم .
*كاتب وصحافي سوري
marzok.ab@gmail.com