بقلم: الدكتور محمد بكر
لم نكن يوماً في صفوف المعسكر الآخر ولن نكون، هذا المعسكر الذي لايبدو اليوم منخرطاً فقط في تنفيذ الأجندات الأميركية الساعية لتفتيت المنطقة وضرب نسيجها الاجتماعي كرمى للعيون الاسرائيلية، بل منبطحاً كلياً أمام تعليمات وأوامر الأميركي أمام الملأ وبالفم الملآن، لكن هذا لا يلغي على الإطلاق اختلافنا مع السياسة التي يبديها المعسكر اليساري القومي الذي من المفترض أن تنبع سلوكياته وتتشرب من العقيدة القومية فلا يحيد عن البوصلة ولا تتوه مساراته أمام إفرازات الصراعات الدولية في المنطقة. لانؤمن كثيراً بنظرية المؤامرة التي هي موجودة بلا أدنى شك وترخي بظلالها السوداء على المنطقة عموماً وعلى القضية السورية بشكل خاص، لكننانؤمن وندرك أن الوضع في سورية تجاوز كثيراً مسألة إعلاء الصوت لقسم من الشارع السوري لجهة الوصول للتعددية السياسية وصياغة دستور عصري يصيغ أساليب تطور من شكل ومضمون النظام السياسي، وتحقق العدالة الاجتماعية، وتسقط حقباً من الفساد الاداري والمالي، فما يحدث اصطبغ كلياً بالصبغة الدولية وباتت سورية ساحة لتصفية الحسابات الدولية ومحطة رئيسة للكباش الدولي الحاصل اليوم. في جزئية محاربة الارهاب المتغلغل على عيون أنظمة اقليمية ودولية، والذي تم استجلابه إلى جغرافيتنا لضرب وحدتنا تحت مسميات مختلفة، لنا أن نتخيل وأن نقتبس العبر من لقاء موسكو الأخير الذي جمع" القيصر " بوتين برئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو عندما صرح الأول ويالفم الملآن أن بلاده تولي الأهمية الكبيرة للعلاقات مع الكيان الصهيوني وتسعى إلى تعزيزها في المستقبل، مضيفاً : إسرائيل شريك أساسي لنا في محاربة الارهاب، لندرك مدى " الطعنات " التي تكاثرها اللعبة الدولية في ظهر "العقيدة القومية " التي لا ننفك من مجاهرتنا بتبنيها وتعليق مبادئها نيشاين على صدورنا، وعند المحك يغوص كل ذلك في" الوحل" وينمو ويتطاول الصمت، عندما" تداس" سيادتنا مرات ومرات وقد عجّت سماؤنا " الأبية " بطائرات الأميركي وغير الأميركي، وفي عقر دارنا يسرح ويمرح خلالها هذا الكيان الغاصب في سمائنا ويغتال قيادات بالجملة من محور الممانعة والمقاومة وقد بات اليوم شريكاً رئيساً لمحاربة من يعالجهم في مشافيه بالجملة والمفرق في عيون من نعده حليفاً وداعماً وسنداً لنا في الحرب المفروضة علينا اليوم. في جزئية الجبهة الداخلية فإنه صحيح تماماً بأن الأمور ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه في سورية لو كان البيت الداخلي متماسكاً وصلباً تماماً كما أعلنتم في خطابكم الأخير أمام مجلس الشعب، وبقدر السلوكيات المنحرفة عن الخط الوطني التي تحدثتم عنها، والتي أبداها بعض ممن حمل الجنسية السورية وبات دمية متحركة بأيدي الآخرين، يوجد أيضاً الكثير ممن يحملون الجنسية السورية وممن كانوا تحت قبة المجلس وصفقوا لك بحرارة وهتفوا " بحياتك " كانت ومازالت لهم اليد الطولى في تصدع البيت الداخلي، وممارسة الارهاب الاقتصادي على الطريقة الداعشية الذي أوصل اقتصادنا لهذا الضعف وأسقط الهيبة عن العملة الوطنية. السيد الرئيس، ثمة الكثير من العوامل والمقومات المتوافرة بين أيديكم اليوم لقيادة ثورة سورية حقيقية تبدأ من ناحية، بتصفية كل هؤلاء لاعادة وتدعيم جسور الثقة مع الجمهور السوري، وتمتين البيت الداخلي، وصياغة كل عوامل إعادة البوصلة لمسارها السليم وعلى الجبهة الصحيحة من ناحية ثانية حيث تراق الدماء في مهراقها التي يحب أن تراق فيه، فيحلو طعم الشهادة ويزهو النصر، فأمانة الشهداء والجرحى والثكالى حملٌ ثقيل وثقيل جداً.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com