2025-05-26 02:32 ص

لم حذفت الأمم المتحدة التحالف العربي من القائمة السوداء

2016-06-09
بقلم : حماد صبح
أثار حذف الأمم المتحدة التحالف العربي من القائمة السوداء لقتل الأطفال وإصابتهم ؛ تساؤلات وتفسيرات في الأوساط السياسية والإعلامية في العالم خاصة أنه حدث بسرعة غير عادية ، فضلا عن كونه في ذاته غير عادي ؛ فليس معتادا أن تتراجع الأمم المتحدة عن قراراتها . قد لا تنفذها ، لكنها لا تتراجع عنها عادة . ونتذكر أن إلغاء قرارها 3379 اعتبار للصهيونية حركة عنصرية تأخر 16 عاما ؛ إذ اعتمد في 10 نوفمبر / تشرين الثاني 1975، وألغي في 16 ديسمبر / كانون الأول 1991. بررت الأمم تراجعها عن قرارها بأنها تنتظر نتائج تحقيق تقوم به السعودية حول قتل الأطفال وإصابتهم في حرب " عاصفة الحزم " في اليمن ، وأن التحقيق سيكتمل في أغسطس / آب القادم ! والإجماع أن وراء تراجع الأمم عن قرارها تهديدين سعوديين أولهما مساهمتها المالية في ميزانية الأمم المتحدة بما في ذلك ما يخص الأونروا التي ترعى شئون اللاجئين الفلسطينيين ، والثاني عقد اجتماع لعلماء مسلمين وإصدار بيان يتهم الأمم المتحدة بالعداء للإسلام ! تبرير إلغاء القرار بانتظار نتائج تحقيق تجريه السعودية لا يمكن استساغته بحال ؛ فهو أولا اتهام ضمني للأمم المتحدة بأنها لا تثق في صحة تقاريرها ودقتها ، وثانيا لا أمل حقيقيا في تحقيق جدي صادق من السعودية تدين فيه نفسها ، وإلا لكانت قبلت قرار الأمم المتحدة مادامت النتيجة واحدة وهي إدانتها بقتل الأطفال وإصابتهم . أما خوف الأمم المتحدة من التهديد المالي فجائز بمحدوية في التأثير . ونأتي إلى التهديد بإصدار فتوى من علماء مسلمين تتهم الأمم المتحدة بمعاداة الإسلام ؛ فلا نعتقد أن الاتهام يخيفها ؛ لأن عواقبه وبيلة على السعودية نفسها قبل الأمم المتحدة لما هو متوقع من استغلال الفتوى في تصنيف السعودية على مستوى العالم بأنها تغذي " الإرهاب الإسلامي " ، وتشيع التفكير التكفيري ، وهو ما توصف به الآن ، وبعد الفتوى سيكون الوصف على نطاق أوسع كثيرا جدا ، وسترافقه مواقف عملية ضدها . وهو على كل حال برهان جلي على الدرك الذي هوت إليه السعودية عجزا ويأسا بسبب سياستها الخاطئة المتهورة في المنطقة التي اتسع خطؤها وتهورها منذ ولاية ملكها الحالي . التهديد بالفتوى في جوهره صرخة " علي وعلى أعدائي "، والموثوق أن الضرر الكبير سيكون عليها لا على الأعداء الذين تتوهمهم ، وجزى الله خيرا من قال : " امشِ عِدِل يحتار عدوك فيك " . ونميل قناعة إلى ترجيح أن العامل الحاسم في تراجع الأمم المتحدة عن قرارها بوضع السعودية وتحالفها العجيب في القائمة السوداء لقتلة الأطفال سببه الحقيقي ضغوط أميركية وإسرائيلية على الأمم المتحدة . ويكاد قول مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن " بلاده تحترم قرار الأمم المتحدة بإعادة النظر في التقرير ، ولكنها لم تمارس ضغوطا نيابة عن السعودية " يؤكد ما نرجحه ولا ينفيه . وإسرائيل تعرف كيف تفعل ما ينفعها في خفاء وصمت ، ولا يخفى دافع الدولتين في الوقوف مع السعودية في هذه القضية . ولكن ، ومثلما تجمع الآراء سياسة وإعلاما ، فإن ما لحق السعودية من القرار خطير لا حد لسوئه ، وتداعياته مفتوحة على بلاد تسمي نفسها " مملكة الإنسانية " . وليس قليلا أن تحتج عشرون منظمة غير حكومية في العالم على تراجع الأمم المتحدة عن القرار ، وتدعوها إلى إعادة إدراج السعودية في القائمة السوداء السنوية لقتلة الأطفال ، ومن هذه المنظمات : " هيومن رايتس ووتش " و " أوكسفام " . وليس قليلا أن تصف صحيفة في وزن " الجارديان " التراجع بأنه بطاقة مجانية للسعودية لقتل المدنيين في اليمن ، أي ان الصحيفة ترفض التراجع ، وتبدي قناعتها القوية بأن السعودية تقتل المدنيين في اليمن .