2025-05-26 01:58 ص

العالم بأكمله في قبضة سورية

2016-06-13
بقلم: الدكتور خيام الزعبي*
الذين ينتظرون من مخابرهم تقارير سقوط سورية وإنكسارها أمام داعش وأدواتها، سينتظرون كثيراً، لأن سورية تمتلك ارادة الانتصار على المؤامرة وعلى المجمواعات المسلحة والمتطرفة والأهم في الحرب السورية ان الجيش العربي السوري امتلك إرادة المواجهة، ، فكان الصمود، وكان التصدي، وكانت المعجزات التي تجسدت فعلاً ، مقاومة قلبت المعادلات وأجهزت على المخططات التي رصدها أعداء الشعب السوري لتدمير إرادة الحياة ، والصفعة الكبرى كانت في خطاب الرئيس الأسد الأخير الذي كان مليئاً بالتحدي والإصرار أغلق الباب أمام أي آمال وتمنيات بسقوط قريب للدولة السورية ونظامها الحاكم، كما شكل دفعة قوية ورفع من معنويات القوات العسكرية التي تقاتل في الميدان. ان نظام الهيمنة بزعامة اميركا يسعى للحد من قوة سورية في المنطقة وتحويلها من لاعب قوي الى لاعب ثانوي في المنطقة، وفي هذا المجال انضمت بعض دول المنطقة كالسعودية وتركيا الى السياسة الاميركية مندفعة بعدائها الاستراتيجي لسورية في محاولة لقيادة العالم العربي، كما راهن كثير من المراقبين والمحللين على انهيار النظام السوري، بعد خمس سنوات من الأزمة السورية وجدت أمريكا وحلفاؤها إن الزمن لا يلعب لصالحهما ولابد من رؤية إستراتيجية جديدة وهي إدارة الصراع بدلاً من حله بعدما يئسوا من قدرة النظام السوري على إخماد المؤامرات بالداخل السوري، لذلك أعلن حلفاء الغرب من الدول العربية، إنهم ينتظرون من المجموعات المسلحة وأدواتها أن تقاوم، بشكل أقوى، بدلاً عن محاولات المتطرفين تحويل مسارهم عن سورية الى دول أكثر آمناً بالنسبة لهم، بعدما أصبحت هذه المجموعات بحالة من الشتات والتفكك وهي تتحرك بمعزل عن قيادتها الخارجية، كما أن الدول الداعمة لها والتي أرسلتها ستتضرر بشكل كبير، الأمر الذي أوقع جميع هذه الأطراف بالكثير من الأخطاء السياسية عندما رفعت سقوفها السياسية وأوهمت الرأي العام بقدرتها على إسقاط النظام السوري، لكن هذا النظام إستطاع الصمود والبقاء. أصبح بنك المعلومات السوري غزيراً بالمعلومات والتحقيقات التي تتعلق بالقوى المتطرفة والمجموعات المسلحة، وذلك لمواجهة المخططات التي يمكن أن تدفع هذه المجموعات باتجاه الشروع بمخطط خلط الأوراق أو استهداف رموز وأماكن معينة داخل تلك البلدان وما حصل بفرنسا فهو مؤشر حول الاستنفار الاوروبي الذي يتعلّق بإعادة الحسابات نحو سورية التي استطاعت بقدرة جيشها من احتواء شبكات القاعدة، لذلك بدأت الدول العربية والغربية التي ساعدت ودعمت الإرهاب تهرول مستجدية سورية، و يطلبون من القيادة السورية المساعدة لكبح جماح القاعدة، من خلال كشف مخزون المعلومات الكامنة التي استطاع الامن السوري الحصول عليها، وفي هذا الإطار إن دول العالم الغربي وبعض الدول الإقليمية وقيادتها ستضطر قريباً جدا إلى التعامل مع القيادة السورية من جديد. فالإدارة الأميركية، التي لا تسيّرها تفاوضات بل الوقائع على الأرض، اقتنعت مؤخراً أن لا مخرج لها من مستنقع الفشل الذي انغمست به في المنطقة، إلا بالعودة إلى طهران فهي صاحبة النفوذ الواسع في العراق والعلاقات المؤثرة في أفغانستان، والحليفة الأولى للدولة السورية الثابتة بوجه الأعاصير الدولية، والداعمة لحركات المقاومة صانعة معادلات القوة في لبنان وفلسطين. وطهران نفسها المتهمة بتحريك ملف الحوثيين في اليمن، والمتعاطفة مع مطالب المعارضة ذات الامتداد الشعبي الواسع في البحرين. خصوصاً أن الرهانات الأميركية –الغربية على وكلائها الإقليميين فشلت على مدى أكثر من سنتين في إسقاط سورية. وفيما يتعلق بتركيا، أن قياس ربح او خسارة تركيا من التطورات التي تجري في المنطقة، ولاسيما ما يتصل بالأزمة السورية مرتبط بشكل مباشر بعنوان وحيد رفعته السياسة الخارجية التركية وهو رحيل الرئيس الأسد. لذلك تعد تركيا اليوم من أهم الخاسرين الكبار في المنطقة، لاسيما بعد صمود الجيش العربي السوري، أن حكومة أردوغان "خسرت المزاج الكردي داخل وخارج تركيا، جراء دعمها المسلحين المعارضين الذي اصطدموا بالأكراد في سورية. كما أنها خسرت محوراً بأكامله على الصعيد السياسي والشعبي والاجتماعي (سورية – لبنان- العراق – ايران إلا أن الخسارة الأكبر التي منيت بها تركيا هي إنتقال تداعيات الأزمة السورية على داخلها بشكل أكبر وأقوى، "خصوصاً إذا ما كان تنظيم القاعدة ومن يدور في فلكه هو أحد أطراف الصراع في تركيا"، والدليل على ذلك إنفجار سيارة مفخخة في منطقة بايزيد التاريخية بوسط اسطنبول، حيث قتل ما لا يقل عن 11 شخصاً. لا يزال التنافس والصراع على سورية هو الذي يتحكم بمسار العلاقات الإقليمية والدولية وما تؤول إليه سواء من نزاعات أو توافقات بين الدول، فبعد اكثر من خمس سنوات على إندلاع الصراع في سورية لا تجد واشنطن وموسكو لغة مشتركة عن سورية ، كما أن الدول الخليجية وتركيا من جهة وإيران من جهة أخرى، إستعصى عليها حتى الآن إيجاد ما تتقاطع عليه بالنسبة الى الأحداث السورية، لذلك تبدو أمريكا ورسيا ومعهما العالم فى قبضة سورية، ولكى يعود المجتمع الدولى إلى طبيعته عليه أن يتخلّص من هذه الحرب، فالمشهد الراهن يكشف على أن سورية صامدة، فى وجه تقسيم وتفكيك وشيك، تحركه أمريكا وأدواتها عبر بعض الأكراد من أجل ضرب الوحدة الوطنية، وذلك بعد الفشل الذريع فى إشعال الحرب المذهبية بين السنة والعلويين، وأيضا بعد ادعاءات بأن النظام السورى يسعى لإقامة دولة علوية على الشريط الساحلي. ما يتجه إليه العالم من مآسي وعدم إستقرار في المنطقة ، بالإضافة الى الأزمات الكبرى على المستوى العالمى هى نتاج الحرب السورية، فعلى خلفية هذه الحرب ظهرت داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية وتحولت إلى مشكلة دولية، وإندلعت الحرب فى اليمن، كما هاجر ملايين السوريين إلى دول الجوار وإلى أوروبا، وأصبح هناك انخفاض في أسعار النفط ، لذلك العالم كله اليوم فى قبضة سورية، ولكي نتخلص من كل هذا لا بد من إيقاف الحرب في سورية، هنا يمكنني القول إن استقرار سورية هو من استقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم وتبقى سورية مفتاح الحل ومقدمة الاستقرار في المنطقة، إن استقرار سورية ونجاحها من شأنه أن يعيد التوازن إلى المنطقة. نعم سورية اليوم تؤرق مضاجع قادة الغرب وجنرالاته، وحلب والرقة تفشل آلته القمعية التي يحاول إرهاب الشعب السوري بها في كسر شوكة وإرادة الجيش السوري المتسلحين بالإرادة والتحدي، والإيمان بالنصر تخرج أكثر صلابة وقوة بعد كل ضربة، وتزيد تعملقا،لذلك فإن الإستراتيجية التي اتبعت لإسقاط النظام في سورية قد فشلت، وهي لم تحقق ما كانت أمريكا وغيرها تأمل بتحقيقه، وسقط الرهان على إسقاط دور الجيش خلال الأزمة.
*كاتب سياسي 
khaym1979@yahoo.com