بقلم: أنور العقرباوي*
مرة أخرى يضرب الإرهاب, في عقر من "يتزعموا" محاربته, وإن كنا لا نعلم إن كانت هذه هي المرة الأخيرة, فإنها بالتأكيد ستخلف ورائها, آثارا يصعب علينا تقديرها, على ضوء تداخل و تضارب مصالح الراعين و المناوئين له, ولو ظاهريا.
كما كان متوقعا تسابقت الأطراف السياسية في الولايات المتحدة, على إدانته وذهب البعض إلى توظيفه, في السباق إلى تبوء المقعد الأول في الإدارة الأمريكية, واللذي يوصف هنا بقيادة العالم الحر.
وبينما وصفه الرئيس الأمريكي, أوباما بالحادث الإرهابي بدافع الكراهية, أصر الجمهورين سواء على لسان مرشحهم للإنتخابات القادمة, دونالد ترامب أو وسائل الإعلام المحسوبة عليهم, بنعته بالعمل الإرهابي الإسلامي المتطرف, دون أن يغفلوا عن توجيه اللوم لسيد البيت الأبيض, على اعتبار أنه يغفل عن تسمية الأشياء بأسمائها, واللذين يرون في هذا العمل, ترجمة فعلية لتعاليم الشريعة الإسلامية!
وعلى الرغم من تفاوت المواقف, ومحاولة كل طرف ترجيح وجهة نظره, لناحية كسب الرأي العام لجانبه, إلا أن الشيء اللذي تتفق عليه كل الأطراف الداخلية, فهو أن اللذي يقف وراء كل هذه الأحداث, هو الفكر اللذي يغذيه, وليس بالضرورة تنظيم بعينه.
الرئيس الأمريكي أوباما, وفي حديث سابق إلى صحيفة "اتلانتيك" الأمريكية (مارس 2016) شن حملة على السعودية قائلا أنها "مصدر التطرف وهي من تصدر الفكر الوهابي إلى العالم", دون أن يغفل عن الإشارة للرئيس التركي أردوغان, حين وصفه "بالفاشل والاستبدادي لرفضه استخدام جيشه الضخم من أجل المساهمة في إعادة الاستقرار إلى سوريا".
وفي نفس السياق, فقد جاء تصريح المرشح الجمهوري ترامب في خطاب انتخابي (ابريل 2016), اللذي حث فيه المملكة السعودية ودول الخليج على إرسال قوات برية لمحاربة داعش, أو أن تقوم بتسديد فواتير مالية لواشنطن من أجل محاربة تلك الجماعة الإرهابية, حسب قوله, مضيفا في معرض حديثه إلى صحيفة "نيويورك تايمز" في مارس 2016 "لا أعتقد أن السعودية تستطيع البقاء إذا لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية بدورها في حماية المملكة".
قد تختلف المواقف وردود الأفعال, سواء وراء حقيقة الدوافع وراء حدث إرهابي هنا, أو زعزعة الاستقرار في هذا البلد أو ذاك, إلا أن الشيء اللذي لا مناصة من الإقرار به, هو أن المصالح في عرف الدول المؤسساتية تأتي في المقدمة, حتى حين يستدعى الأمر أحيانا التناقض مع مبادئها المعلنة. وعندما تكون قد بلغت غاياتها, فإنها لن تتوانى عن تعرية أدواتها تماشيا مع عقيدتها في البحث عن مصالح في مناطق أخرى.
وإذا كان لكل شيء مقابل في عرف السياسة, فإنه من الأجدر بمن لم يجنوا مقابل هدر ثرواتهم والتدخل في شؤون غيرهم إلا خيبة الأمل, أن يستوعبوا ما فاتهم, وأن يدركوا أن الرداء الصهيوني لن يكون أكثر حرصا على مصالحهم من مصالحه هو نفسه, وأن العودة إلى حجمهم الحقيقي, لن يضيرهم شيئا, وربما يكون أفضل مقابل في عرف الواقعية السياسية للخروج من مأزقهم الحالي.*مغترب فلسطيني مقيم في واشنطن