2025-05-25 07:37 ص

في المؤخرة على الدوام

2016-07-10
بقلم: عبد الحكيم مرزوق
تمتلك الإدارة الأمريكية عقولا ً وجيوشا ً تستثمرها بشكل جيد في إدارة أزماتها بعكس العرب وحكامهم الذين لا يستثمرون أي شيء سوى غبائهم في حبك المؤامرات على بعضهم البعض،والدليل الأبرز هو ما يحدث منذ أكثر من خمس سنوات في الحرب على سورية وفي الجهود التي بذلت وتبذل في طمس القضية الفلسطينية وجعلها ثانوية لا تندرج في أولويات بحث الحكام والزعماء العرب في مؤتمراتهم وقممهم التي أصبحت تفوح منها رائحة العفن والتآمر الولايات المتحدة الأمريكية تتعلم من أخطائها بفضل الباحثين والدارسين الذين يقدمون عصارة أدمغتهم لخدمتها ورفعة شأنها فالأخطاء التي ارتكبت في حرب فيتنام ونشر أحداثها جعلتها تخفي جميع الحقائق غير السارة عن الرأي العام الأمريكي حيث لم يعد مسموحا ً للجمهور الأمريكي أن يرى المجازر الدموية التي ترتكبها الإدارة الأمريكية خلال الحروب التي تشنها حول العالم ومن المحظر نشر صور جنود الأمريكيين القتلى في تلك الحروب وذلك لأن تلك الصور تؤثر على الجمهور الأمريكي ويمكن أن تؤدي إلى ردة فعل غير محمودة تجاه الإدارة الأمريكية . أما نحن في المنطقة العربية فكل شيء مباح بالنسبة لهم ، فهم بإمكانهم نشر صور جثث الشهداء عبر الصحف ووسائل الإعلام والمجازر التي ترتكبها العصابات المدعومة منها وذلك لإظهار صورة أمام العالم أن العرب همج يقتلون بعضهم البعض وهم بعيدون عن الحضارة والإنسانية .. الفكر الأمريكي يبيح المحظورات التي يمنعها عندما تقتضي المصلحة ذلك ، فالإدارة الأمريكية مسموح لها ما تمنعه على غيرها .. هل نتذكر مثلا ً كيف قامت قيامة الإدارة الأمريكية حين بثت بعض وسائل الإعلام العربية صورة الطيار الأمريكي الذي تم إسقاط طائرته في العراق أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، وكيف تم إلقاء القبض عليه من قبل راع عراقي وكيف أصدرت بيانا ً قالت فيه أن هذا مناف لحقوق الإنسان وللمعاهدات والمواثيق الدولية ، وهل نتذكر بالمقابل آلاف المعتقلين الذين اعتقلهم الجيش الأمريكي في العراق والصورة المذلة التي كان يظهرها على الشاشات وهل نتذكر المشهد الأقسى في تاريخ البشرية وهو منظر الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين تم اعتقاله وهو موجود في إحدى غرف الصرف الصحي ، والهيئة التي ظهر فيها والتي بدا فيها بلحية طويلة وشعر أشعث أغبر.. هل هذا منظر يريح العرب وحكامهم وملوكهم وأمراءهم النائمين بالعسل والخائفين على عروشهم ... هل فهموا الرسالة حقا ً بأن من لا يكون مطيعا ً سيلقى ذات المصير .. ندرك أن الإدارة الأمريكية تعمل لمصلحتها ، ولمصلحة شعبها ولمصلحة الصهيونية ، والعرب لمصلحة من يعملون .. للأسف نقول أن العرب يشبهون إلى حد مت حارة "كل من إيدو إلو" وذلك لأن معظمهم ليس مهتما ً بمصلحة شعبه بل بـ كيف يحافظ على كرسيه .. هل نتذكر الإمبراطورية الإعلامية التي تمتلكها السعودية .. ولمصلحة من تبث سمومها في الليل والنهار . لاشك بأن تلك الإمبراطورية تبث لمصلحة الصهيونية فليس سواها مستفيدة من ذلك التخدير الإعلامي الذي تقوم به .. هل سيصحوا العرب في يوم من الأيام .. لا أعتقد طالما أنهم لا يضعون في أولوياتهم أن يكون لهم شأن يذكر وسيبقون في المؤخرة على الدوام .
*كاتب وصحافي سوري
Marzok.ab@gmail.com