أصبحت تصريحات وخطابات المتآمرين على سورية بقيادة تركيا وأمريكا بعد أكثر من خمس سنوات من العدوان، أكثر إرتباكاً وهستيرية وتناقضاً ولا عقلانية فيها, كل تصريح ينسف ما سبقه بدون أدنى خجل, بل في التصريح نفسه نجد تناقضاً واضحاً مشكوك به، حتى أن شعوبها لم تعد تثق أو تصدق أي تصريح لهم, وهذا بحد ذاته نجاح محسوب لسورية بشعبها وجيشها، وكل يوم يمضي على العدوان يزيد الإنسان السوري قوة وصلابة وصموداً، ولا تزيد المتأمرين إلا الخسارة والسخط والهزيمة.
اليوم إن تركيا وحلفاؤها ليس لهم مصلحة إستراتيجية في ضمان أن تظل سورية موحدة، وليس لهم مصلحة إستراتيجية في وجوب أن تكون هناك سورية واحدة، وذلك لتكون الغلبة لهم ليسيطروا أكثر فأكثر ويشكلوا المنطقة كما يرغبون، وما التصريحات التركية التي تتحدث عن إستهداف الدولة السورية وإسقاطها وتقطيع أواصلها وتزويد الجهاديين والمجموعات المسلحة بالأسلحة النوعية وقيامها بتدريب مقاتلي هذه الفصائل وفتح حدودها أمام عناصر هذه المجموعات الى الداخل السوري إلا دليل قاطع يكشف سعي تركيا وحلفاؤها الغربيين لتقسيم دول المنطقة لتسهل بذلك محاولات السيطرة عليها والتحكم بمصيرها، وما أكده الرئيس التركي خلال المؤتمر الصحفي في مطار "أتاتورك" الدولي باسطنبول إلى أن "سورية على وشك أن تمحى من الخريطة والمسرح التاريخي نتيجة ما آلت إليه الأوضاع هناك"، إلا دليل أخر على ذلك، وبالتالي فإن إزالة الدول أو تقسيمها ما هي إلا صناعة مفلسة يتمسكون بها، فسورية كانت وستبقى موجودة، كانت قبل وجودهم وستبقى بعد رحيلهم، فلا خريطة للمنطقة ولا للعالم ولا وجود للحضارة بدون سورية.
يـراهـنون على خراب وسقوط سورية، لكن لن يحدث ذلك بمشيئة الله, فسورية خالدة وباقية, بفضل أرواح شهدائها اللذين ضحوا بدمائهم الذكية كي تبقي سورية صامدة وسط الأمم، ولن يتحكم في مصيـرها أو أن يكون وصيـاً على شعبهـا من باع وطنه وسلم إرادته الى رعـاة الإرهاب في العالم وزعماء المؤامرات وقـادة الإستعمار الجدد, سيظل علم سورية يـرفـرف في سمائهـا خفـاقـاً شامخـاً, ولن تنكسر إرداة السوريين, ولن ينخدع الشعب فيمن خدعـوه سابقاً وتاجروا بأحلامه وآماله وطموحاته.
اليوم بات من الواضح أن الرئيس أردوغان إرتكب خطأً كبيراً، وأوقع نفسه في دوّامة لن تنتهي بسهولة، فأردوغان هو من بدأ الحرب على سورية بيده، لكن لا يمكن أن ينهيها بيده، فلم يعد يبحث عن "صورة إنتصار" في الحرب على سورية، وإنما عن "صورة خروج أو إنهاء"، تسمح له أن يدعي أمام حلفاؤه بأنه إنتصر، فالحرب أظهرت مدى قوة الجيش السوري وقدرته على ضرب وزعزعة أمن من يعتدي عليه.
إن المشهد الذي تشهده سورية اليوم يؤكد بأن المشروع الغربي والتركي يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب حلب والرقة ودير الزور، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم سورية قد إنهار بعد أن إنكشفت كل خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في العراق وليبيا واليمن من مجازر ودمار، لذلك فإن الجيش السوري يحقق إنتصارات قوية على أرض الواقع، فهذه الإنتصارات صدمت تركيا وحلفاؤها من العرب الذين تفاجئوا بقوة الدولة السورية، و بالتالي فإن التوقعات التي خططت لها تركيا وحلفاؤها في سورية، والتي وضعت بها كل إمكاناتها من أجل تأجيج الأزمة السورية وتفكيك الدولة السورية وإسقاط نظامها، جاءت في غير صالحها وفشلت وسقطت كل أقنعتها ورهاناتها، وإنهارت المؤامرة .
وأخيراً يمكنني القول، لقد تحولت سورية اليوم إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب، ودمشق عصية على السقوط والخضوع تصر على حريتها وسيادتها واستقلال قرارها، لأنها تعلم أن العالم هو من يحتاج إليها وليس العكس، وأن سقوطها يعني سقوط القيم والحضارة وسقوط الإنسانية، فسورية كانت ولا زالت وستظل مفتاح السلم والحرب في العالم،هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة، في إطار ذلك ستنهض سورية وتنتفض وتُعيد ترتيب سلالم المجد، وتبث الثقة والأمان فى نفوس شعبها وسترتفع سورية فوق جلاديها شاهدة على عصرها وستعود متألقة بالالوان وبرائحة المساجد وستنهض في بداية جديدة وستكون أعظم قوة، بإختصار شديد... إن سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب الدولي والإقليمي من جهة، وبوجه الإرهابيين والقتلة من جهة ثانية مهما طال أمد الازمة، وستظل سورية دائماً رغم أنف كل حاقد أو حاسد، بالتالي فأن من مصلحة الجميع أن تنهض سورية وتتعافى كي تمارس دورها التاريخي في حفظ الأمن القومي وإحباط كل المخططات التي تستهدف تفكيك دول المنطقة.
*كاتب سياسي أ
khaym1979@yahoo.com