بقلم: د أنور العقرباوي
اذ لا يمكن لأي عاقل ومنصف أن يتجاهل حقيقة العلاقة بين الصهيونية والإرهاب, فإن الاعتداء على ارواح المدنيين العزل في أي مكان وزمان, يجب أن لا يقل في وصفه وإدانته عن أولئك الذين اتخذوا من المذابح الجماعية والاعدامات الميدانية نهجا لهم, حين استباحوا أراضي الغير بالقوة, واقاموا عليها كيانا مزيفا, على أنقاض وأشلاء أصحابها الشرعيين, ولا يزالون!
تفاوتت ردود الأفعال والتعليقات على العملية الإرهابية في مدينة "نيس" الفرنسية, وقد وجد فيها المتنافسون في السباق على المقعد الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية, فرصة يمكن استغلالها ليضيف كل منهما إلى رصيده أعدادا اضافية من الناخبون المحتملون, خاصة في صفوف أولئك الذين لا يخفون كراهيتهم وحقدهم على العرب والمسلمين!
وإذ حاولت المرشحة الرئاسية هيلاري كلنتون, أن يكون تعقيبها محسوبا بكل دقة وعناية دون التطرق لعامل العقيدة الدينية, إلا أنها تجاهلت في الوقت نفسه العوامل والدوافع ومن يقف وراء الظاهرة اللتي اختصرت تحت مسمى "داعش", وذهبت إلى أن انجع وسيلة لملاحقتها تكمن في الوصول إليها في الموصل والرقة, دون الإشارة إلى الذين يحاربونها على مدى اكثر من خمسة سنوات, ودفعوا أثمانا مضاعفة وأكثر مما دفعه الغرب ولا يزال, نتيجة تواطؤهم مع مصادر تمويلهم وتسليحهم من العتاد والبشر!
المرشح الرئاسي دونالد ترامب, كان له من ناحيته وجهة نظره اللتي لا تخفي نواياه المقيتة ومن يقف معه من اليمين المتطرف في استغلال الظرف, حين اقترح دعوة الكونغرس الأميركي لإعلان حالة الحرب, لكنه وكما هو معروف عنه في تخبطه في شؤون السياسة الدولية, فإنه عجز أن يفصح بوضوح عن كيفية ترجمة ذلك إلى واقع ممكن وعملي في مواجهة "أشباح", كما وصفهم!
المرشح السابق للإنتخابات الأمريكية, نيوت جنجرش وهو واحد من الثلاثة المحتملين للحاق بتذكرة الإنتخابات كنائب للرئيس, واللذي يدفع به اليمين في الحزب الجمهوري بقوة, للإشراف على السياسة الخارجية, والذي لا يفوت فرصة للانتقاص من كرامة العرب وخاصة الفلسطينيين, فإنه كان اكثر وضوحا ومباشرة, حين استغل العمل الارهابي ليفصح عن نواياه العدائية للعرب والمسلمين, والتي لخصها بالتالي: 1. طرد كل مسلم يثبت عليه ممارسته لتعاليم الشريعة الإسلامية في الولايات المتحدة 2. فرض رقابة مشددة على كل المساجد. 3. إغلاق كل المدارس العربية والإسلامية التي تدرس الشريعة الإسلامية, وطرد كل من يتردد عليها من البلاد.
الخلاصة, أننا إن لم نكن أول من يدين الإرهاب, فإننا اقله اكثر من دفع ثمنه على مر عقود من الزمن, سواء من خلال حروب مدبرة أو صراعات داخلية وطائفية مريرة, ترسم مخططاتها ويعول على نتائجها في استمرار حالة التشرذم والهوان والضعف العربي, على أيدي هؤلاء أنفسهم اللذين يزعمون التحفز لمحاربته, من أجل أن يغض العالم عن مصدر الإرهاب الحقيقي وهويته واللذي للأسف ينطق البعض بلغته نفسه, وإذا كنا كأمة قد عجزت أنظمتها عن الدفاع عن عقيدتها وذاتها, فإنه لا عذر لشعوبها بعد أن طالت غفوتها, أن تنفض غبار السبات عنها, إن كانت حقا تحرص على عقيدتها ومستقبل اجيالها القادمة. كاتب فلسطيني-واشنطن