2025-05-24 10:10 م

القاتل الخفي الذي دمّر الشرق الأوسط

2016-08-07
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
لا اعتقد أن الرئيس الأميركي أوباما بحاجة إلى تقوية وتعزيز إرثه السياسي والتاريخي كونه حفر اسمه عميقاً في تاريخ الشرق الأوسط، والحقيقة أن أوباما دمر الشرق الأوسط، لذلك ستبقى أجيال المنطقة على مدى أعوام طويلة تتذكر الدمار الذي خلفته الولايات المتحدة في حروبها وتدخلاتها المتكررة في منطقة الشرق الأوسط والتي أدت الى تفاقم تفاقم المشاكل والعداوات وخلفت تشوهات عميقة تحتاج لفترة طويلة حتى تشفى. بعد أشهر قليلة سيغادر الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض، لكنه للأسف لم يحل مشكلة العراق التى حولتها أمريكا إلى بلد ضعيف وقسمتها إلى كينونات، ونشرت الفتنة والفرقة بين الشعب العراقى، كما أشعل أوباما الحرب الأهلية الدينية فى سورية وشجع الارهاب لأن يتمكن منها وتتحول إلى دمار، ويتحول شعبها إلى مهاجرين بلا مأوى ولا حياة، وشجع أوباما ومازال على تدمير سورية وقتل شعبها واستخدام أسوأ الوسائل لتحقيق ذلك، نفس هذا الدور والسياسة الاستعمارية اللاإنسانية تبناها فى لبنان والسودان وليبيا واليمن ومعظم الدول التى تعاني من المشاكل ومأساة الحرب، وبدلاً من حل هذه المشاكل عمل على زيادتها وشجع على القتل والحرب والتدمير. وصف "دونالد ترامب" المرشح الجمهورى للإنتخابات الرئاسية الأمريكية، الرئيس أوباما بأنه أسوأ رئيس أمريكي فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وأظهر إستطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك تدنياً كبيراً في شعبية الرئيس أوباما لدرجة إختياره القائد الأسوأ الذي دخل البيت الأبيض منذ الحرب العالمية الثانية، ووفقاً لنتائج الاستطلاع الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فقد اختار 33 % من المشاركين أوباما كأسوأ رئيس على الإطلاق في فترة زمنية 69 عاماً، شهدت 12 رئيساً أمريكيا، ثم جورج دبليو بوش الابن بنسبة 28 %.، وبذلك تبيّن أنه أكثر رئيس خدم السياسة الإسرائيلية في الشرق الأوسط ودمر دولاً عربية وأضر بشعوبها، و لم يقدم أي شيء للقضية الفلسطينية. ما من مرة تدخّلت أمريكا في دولة إلا وعبثت فيها ومزقت مكوناتها وأثارت فيها الحروب والفتن، فأمريكا تغتنم الفرصة عند أية أزمة داخلية في بلد ما كي تحقق مصالحها وإستراتيجياتها، وتدخل طرفاً ضد طرف آخر، فالأزمات التي تواجهها العديد من الدول العربية حالياً، لم يكن لها أن تتفاقم على ما عليه من إقتتال وفتن، وتتحول إلى ساحات للمواجهات الدموية وإنتشار للأفكار التكفيرية والإرهابية، وإلى معاقل للمرتزقة، لولا يد أمريكا التي تجد عوناً لها في الداخل يعمل في خدمتها معتقداً أن أمريكا تحقق له مصالحه، ويغيب عن باله أنه مجرد أداة يتم استغلالها، وعندما تنتهي صلاحيته يتم التخلي عنه. في هذا السياق، صرح الرئيس أوباما في مقابلة مع قناة "نيوز فوكس" أنه يعتبر سوء دراسته لعواقب التدخل العسكري في ليبيا في عام 2011 كان أكبر أخطائه، وقد أجاب أوباما خلال المقابلة عن سؤال عما يعتبره أكبر أخطائه السياسية قائلا: "ربما هو عدم أخذي بالحسبان عواقب التدخل في ليبيا الذي اعتبرته خطوة صحيحة"، وبالمقابل جاء الاعتراف المباشر بخطأ احتلال العراق، وبعيد عن موضوع تغير النظام، فأن نتائج كارثية حلت بالشعب العراقي، الذي دفع ثمن سياسة رعناء لدول التحالف الدولي هدفها الأول تدمير كيان الدولة العراقية وتكريس الإنقسام بين السنة والشيعة عن طريق بث المعلومات الكاذبة بهدف تحقيق الفوضى والخراب للعراق،. ولا ننسى محاولة تفتيت اليمن ومصر وتونس والسودان ولبنان والصومال من خلال محاولة صنّاع القرار الأمريكيين بتكريس الخلافات وتشجيع النعرات الطائفية وإنشاء تكتلات دينية مختلفة. فالمتتبع لمواقف أمريكا يستطيع ان يرى نواياها المشينة وقراراتها المتحيزة لبعض القضايا منها القضية الفلسطينية التي لا تزال إسرائيل تقتل الفلسطينيين، حتى بدا أن وظيفة إسرائيل النهائية ومهمتها العظمى ورسالتها هي إفناءهم بأية وسيلة ممكنة، كما يخطئ من يعتقد أن الرئيس أوباما آتٍ على رأس تحالف دولي من أجل القضاء على داعش في سورية، وتطهير البلاد من هذا التنظيم، لا أبداً! أمريكا عائدة الى المنطقة ويتقدمها الرئيس أوباما حاملاً سلة في مرفقه ليحصد ما زرع، وقد أنشأت داعش بديلاً عن القاعدة العجوز بعد أن استنزفتها وقامت بالدور الذي أسندته إليها، وصرفتها من الخدمة عندما خرجت القاعدة عن النصّ، وبالتّالي فإنّ هدف اللّعبة الجديدة لإدارة أوباما هي نشر الفوضى الخلاقة وتفتيت وتقسيم سورية، لذلك فإن التحالف الدولي لمحاربة داعش هو عملية جراحية تخفي وراءها أهدافا خطيرة. إن استمرار شلال الدم في سورية مصلحة أمريكية اسرائيلية يريدونها مقسّمة حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي، لكن العالم بات يعرف التناقض المفضوح التى تتصف بها سياسة أمريكا في المنطقة، وأن هناك سياسة مزدوجة تقوم بها أمريكا، ففي الوقت الذي رفضت فيه تسليح الجيش الليبي خوفاً من وقوع الأسلحة في أيدي المتطرفين، تدعم وبقوة الجماعات المتطرفة ضد النظام السوري، كما أن مخطط أمريكا لتفتيت المنطقة وتقسيمها وخلق منها دويلات صغيرة أصبح واضح للجميع، لأن الولايات المتحدة تخطط من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل. إن ما يجري اليوم في المنطقة العربية هو مسار جديد من مشروع الولايات المتحدة، ويتم تنفيذه بواسطة الجهاديين والمجموعات التكفيرية الأخرى، وذلك لرسم خريطة جديدة في هذه المنطقة، فالذي يسلح ويدرب ويوجه عبر الأقمار الصناعية الإرهابيين لتدمير سورية وقتل شعبها هو نفسه الذي يسلح ويحارب مع الجيش الصهيوني ويقتل الفلسطينيين، إذاً الكرة بكل وضوح فى ملعب الجيش السوري المتقدم نحو الأمام دون تردد، وإذا كانت هناك قوى إقليمية ودولية تتحرك لصالح المليشيات المتطرفة لإستمرار إنزلاق سورية فى بحيرات الدم، فالجيش السوري أيضاً يتحرك من أجل الحفاظ على أمن سورية القومي، وضمان وحده وسلامة أراضيه، وبناء عليه، نرى أن الهجوم المعاكس الذي خطط له محور المقاومة في الآونة الأخيرة و دعمته فيه بشكل خاص روسيا، بدأ يحدث تغييراً جوهرياً في المشهد بحيث يعزل الإرهاب و يلزم الجميع بمواجهته وتكون سورية قد نجحت فيما أصرت عليه منذ الحظة الأولى عندما أعلنت أن لا حديث عن حل سياسي أو عملية إصلاحية إلا بعد الإقرار بوجود الإرهاب والإلتزام بمحاربته. وأختم بالقول إن السوريين لا يخشون الإرهاب، لأنهم شعب لا يهاب الموت وإن مشروع الإرهاب سيسقط لا محالة فيما ستبقى سورية صامدة رغم التآمر الأمريكي والغربي عليها، وستبقى سورية صخرة تنكسر فيها نبال الغزاة كما كان دائما تاريخنا، وبإختصار شديد يمكنني القول إن المراهنين على تمزيق وحدة أبناء الإقليم السوري بأنهم واهمون وخاسرون والذين يراهنون على إنتصار داعش والمليشيات المسلحة في سورية لا يعرفون مصلحتهم لكن الكراهية والحقد الذي يغلي في صدورهم هو الذي يدفعهم الى هذا الرهان. 
Khaym1979@yahoo.com