2025-05-24 05:49 م

أيها المتفائلون بالاترك...مهلا!

2016-08-14
بقلم: إيهاب شوقي
ما قاله يلدريم واستقبله الكثير بالتفاؤل بخصوص توقع تركيا لتطورات هامة في سوريا، يستحق التأمل اكثر من التفاؤل. نحن لا نرفض التفاؤل بشكل عام ولكنه يجب ان يكون من النوع الحذر ولا سيما مع نظام بتاريخ ونوعية النظام الاردوغاني الذي قد لايجيد الغطس ولكن يجيد السباحة. الفصل بين المناورة والابتزاز للغرب ولاسيما الامريكان وبين الانتقام والتحول الدراماتيكي في التحالفات، يضيق هامشه مع هكذا نظام، ولعل الروس يدركون ذلك فاتبعوا اسلوبا يشبه القمع المخروطي الذي توضع الوعود في وعائه الواسع ولا تخرج الا من فتحة ضيقة ويمكن نزعه في اي وقت دون خسارة كبيرة لضحالة ما يتساقط منه! الملاحظ ان كثير من انصار المقاومة برغم تفاؤلهم لم يرحبوا ولم تبدو ليهم بشائر بالغفران للنظام التركي، بل غلبت الشماتة واعتبروه اتى صاغرا مهزوما، اما الكاشف لو جود خلايا نائمة داخل معسكر المقاومة، هو وجود اقلام وابواق تعلن بيقين - لا نعرف مصدره – انضمام اردوغان لمعسكر المقاومة وترحب بذلك كثيرا وكأنها تنفست الصعداء بسبب ميلها لهذا النظام الاخواني وحرجها البالغ بسبب مافعله بسوريا وتبين انها كانت مضطرة لنقده واحيانا لعدم التعبير عن حبها له على خلفية جرائمه في سوريا وقد جاء الفرج بشواهد تغير الموقف والذي تلقفته هذه الابواق والاقلام لترسخه كحقيقة لا كاحتمال. ايران لها مصالحها وتوازناتها مع الاتراك ولا تستطيع القطيعة كدولة معها لملف خارجي للدولتين حتى لو شكل مواجهة على الارض خارج بلديهما لانها تبقى غير مباشرة. والروس كذلك لولا اسقاط الطائرة والتي شكلت مواجهة مباشرة، ولولا الحادث لاستمرت العلاقات وظلت اللعبة بين الدولتين لعبة شطرنج لا ملاكمة! لهذا الامر ينبغي الحذر من العاطفة في التعاطي مع الاحداث في هذا التوقيت البالغ الحرج. ولعل تركيز السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير على حرب تموز وعلى محور المقاومة دون التطرق للتطورات كان مبعثه ذلك التريث والتأمل والانتظار وعدم الرهان على مالايراهن عليه والحرص على ابعاد جمهور المقاومة عن الاماني الكاذبة المتسرعة. زيارة بايدن لتركيا قد تكشف جانبا من الصورة لان الاتراك جبلوا على الابتزاز، ويطمحون لمكاسب سياسية من نوعية ارجاع كولن والتمثيل به، ومادية تعوضهم عن خسارتهم الاقتصادية لروسيا، والا فان لدجيهم من اوراق الضغط اللوجستية والجيوسياسية والمعلوماتية الكثير مما يعجل بحسم ملحمة سوريا لغير الصالح الامريكي والصهيوني. نعم قد تخسر تركيا الكثير ان هي عادت للتدخل مع الغرب ضد الروس ولاسيما وان بشائر النصر للمقاومة تلوح في الافق، لكنها ستخسر اكثر بتخليها عن حلم الاتحاد الاوربي وكذلك تخليها عن مشروعها العثماني التوسعي والذي يشترط ان تكون جماهيره تحمل جنسية العداء لسوريا ومحور المقاومة. على الجانب السعودي، فإن الهدف الان منصب على الانتقام ممن افشل مشروعها الغير معلوم من ملامحه سوى الحقد والكراهية، والغير مفسر من اهدافه عمليا سوى خدمة الكيان الصهيوني وتمويل الحرب بالوكالة زودا عنه! وهذا الانتقام يطال الاشخاص بقدر ما يطال الدول، فهي تتعمد استهداف المدنيين والاطفال باليمن لمجرد صمودهم وهو كاف لزعزعة عرشها، وتستهدف وتتعقب الاقلام المناوئة لها لمجرد انهم اوجعوها وكشفوها لقطاعات واسعة من الجماهير، كما تتعقب الانظمة التي لم تنتظم في الصلاة لها في اوقاتها حتى ولو صلت بعض الفروض قضاء. برغم تشابهات النظامين التركي والسعودي في عدة نقاط على رأسها الشر، وكذلك استغلال الدين في التوسع والنفوذ الا ان الاتراك اكثر ذكاء ومرونة ولديهم من اوراق اللعب مايفوق الورقة السعودية الوحيدة القائمة على المنح والمنع. وفي بلد ان مارست دورها الطبيعي تستطيع قلب المعادلات كمصر، يبقى الوضع على ما هو عليه، ويمكن تلخيصه بانه قائم على قاعدة "صفر مشاكل" مع العدو والعملاء في الخارج والاقطاع والفساد في الداخل، و"مئات المشاكل" مع من يجب ان يكونوا اصدقاء في الخارج وفقراء الشعب شرفائه في الداخل! ومن غير المفهوم ولا المبرر ان تتبع مصر هذه السياسة العجيبة، وان تجنح لهذا الاسترضاء للنظام السعودي الميت، والذي لو تأملت قليلا دون الاطلاع على الغيب لما انتظرت دابة الارض لتأكل منسأته فيخر امامها لتندم على هذا العذاب المهين! هذا العبث الاقليمي المخطط والفوضى المنظمة، انتجت جيلا من المشوشين فكريا، والدائرين مع الرجال ليعرفوا الحق لا مع الحق ليعرفوا الرجال. وندعي ولا فخر بان معسكر المقاومة هو الفرقة الناجية من هذا التشوش لانه حسم خياره على مبدأ المقاومة. هذا المعسكر الفضفاض لايخلو من منافقين ستعرفونهم في لحن القول وعند كل محطة من محطات الفرز، وعلى رأسها محطة اردوغان.