2025-05-24 07:52 ص

حلب تعيد تموضع الأقليم !

2016-08-30
بقلم: حاتم استانبولي
المواقف التركية الاخيرة لم تكن وليدة اللحظة او نتيجة ردة فعل وانما كانت نتيجة ادراك مركز القرار التركي بان ما يخبا لتركيا ما بعد سوريا يستهدف الدولة التركية ووحدتها . وادركت انقره انها ليست لاعبا مقررا وانما تستخدم لأحداث تغييرات ديمغرافية ستكون تركيا جزا منها . ولهذا فان كل الاحداث التي بدات في الداخل التركي بدأ بالتغييرات العميقة في الحزب الحاكم والتي طالت رئيس وزرائها (المحسوب على الغرب) وانتهاء بالأنقلاب وما تلاه من تصفيات في كافة مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسة العسكرية والقضائية الأعلامية , والتي ترافقت مع اعادة تموضع اقليمي ودولي , عبر اعادة صياغة علاقاتها الأقليمية والدولية وخاصة علاقاتها مع المحيط بدأ (باسرائيل ) لتحييد موقفها بشأن المسالة الكردية , واعادة العلاقة مع روسيا وتوثيفها مع ايران وارسال رسائل بشأن الحل في سوريا قائم على اساس وحدة الأراضي السورية والتي ادركت انقرة انها مسالة تخص الأمن القومي التركي . ان اعادة التموضع التركي سيترك اثرا عميقا على علاقة انقرة مع اوروبا وخاصة مع كل من المانبا وفرنسا والولايات المتحدة بعد ان ادركت انقرة نواياهم بشان استخدام العامل الكردي في احداث التغيرات الديمغرافية . وعلى ما يبدو ان هنالك تفاهما اقليميا على مواجهة حصان طروادة الكردي والذي تستخدمه الولايات المتحدة كعامل لأحداث تغييرات عميقة تمتد من ايران مرورا بالعراق وسوريا وصولا لتركيا . والمدقق في موقف كل من دمشق وطهران وموسكو بشأن التدخل التركي في شمال سوريا والذي عبرت عنه العواصم من خلال بيانات لم تصل لدرجة اعتبارها عدوان او اعلان حرب , يفهم منها انهم يدركون ان تصاعد المواجهة بين الاكراد والجيش التركي على الأراضي السورية سيضع الولايات المتحدة في موقف صعب لا يمكنها ان تقف فيه على الحياد ونتيجته ستفقد احد الحليفين وفي كلا الحالتين فانها مصلحة سورية . والمجابهة المحتملة بين الجيش التركي وألأكراد سينعكس ايجابا على العلاقة بين كل من طهران وانقرة ودمشق وبغداد . اما بشان الموقف الكردي فانهم الحلقة الأضعف في الصراع ومن المحتمل ان يكونوا ضحية عيد التفاهم الاقليمي . وما حدث في البرلمان العراقي مع وزير المالية ما هو الا رسالة لهم سرعان ما التقته اربيل ووجهت رسالة عاجلة الى بغداد بانها مستعدة لحل كل المشاكل العالقة بين الاقليم والحكومة المركزية . والمستقبل القريب سيكشف عن نجاح الوساطة الروسية لأعادة العلاقات بين كل من انقرة والقاهرة . ومن الملاحظ ان الشان السوري لم يعد اولوية اوروبية وكذلك فان حدة التصريحات الخليجية تراجعت مما سينعكس ايجابا على التسويات الداخلية السورية وما جرى في درعا وداريا الا بداية ستتبعه تسويات ستشمل كل الجغرافية السورية . على ما يبدو ان الولايات المتحدة تدفع من اجل تحقبق تسويات لأخراج حلفائها من مازقهم باقل الخسائر الممكنة . ومن الملاحظ ان كل من موسكو وطهران ودمشق والضاحية الجنوبية لعب كل منهم دوره بشكل متقن للخروج بسوريا آمنة موحدة , وهذا سيكون له ارتدادات عميقة اقليميا ودوليا.