2025-05-24 10:01 ص

تركيا .. أصدقاء أكثر وأعداء أقل

2016-09-04
بقلم:  محمد عياش*
يتواجد الأكراد في شمال سوريا , ويشكلون قوة لا يُستهان بها أهمها قوات سوريا الديمقراطية التي هي عبارة عن تحالف يضم مقاتلين أكراد ،وعرب وتركمان وأرمن وسريان ... يبلغ تعدادها نحو 80 ألف مقاتل ،بينهم 50 ألف مقاتل من وحدات حماية الشعب الكردي ،تم الإعلان عن تشكيله خلال الأزمة السورية ،ويسعى لطرد ( داعش ) وجبهة النصرة التي غيرت اسمها إلى (جبهة فتح الشام ) وبعض الفصائل الإرهابية المتطرفة المسلحة من منطقة الجزيرة السورية والشريط الحدودي السوري التركي . وغاية هذه القوة جعل سوريا دولة ديمقراطية علمانية يتمتع في ظلها المواطنون السوريون في الحرية والعدالة والكرامة من دون إقصاء لأحد من حقوقه المشروعة ،قوام هذه القوات أكثر من27 تشكيل بين لواء وكتيبة ووحدة قتالية ،وأعُلن عن إنشاء هذه القوات في 11 تشرين الثاني 2015 ،ووثق تأسيس التحالف بين هذه التشكيلات خلال مؤتمر صحفي في مدينة الحسكة السورية . أحرزت قوات سوريا الديمقراطية نجاحات ميدانية و انتصارات باهرة آخرها تحرير مدينة منبج بالكامل وطرد مسلحي داعش منها بدعم قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية ،ونجحت في تأسيس مجلس عسكري لتحرير مدينة الباب من قبضة داعش ،وتعتبر تركيا الوحدات الكردية بكافة فصائلها وأجنحتها السياسية والعسكرية امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تصفه تركيا ودول أوروبية منظمة إرهابية ، وتتخوف تركيا من تعاظم قوة أكراد سوريا الذين شكلوا إدارة ذاتية لهم في ظل الأزمة السورية، أكراد سوريا يحاولون ربط ثلاث مناطق كردية وجعلها منطقة متصلة تمتد من ريف الحسكة أقصى الشمال الشرقي مرورا ً بتل أبيض وصولا ً إلى عين العرب ( كوباني ) ويمكن أن تتصل بمدينة عفرين في الشمال الغربي السوري ،بهذا الربط الجغرافي يمكن لوحدات حماية الشعب الكردي سيطرتها على الشريط الحدودي التركي السوري وإبعاد داعش نهائيا ً عن الحدود التركية وحرمانه من استخدام المعابر التركية وخطوط الإمداد والطرق التي كان يستخدمها لإدخال المقاتلين الأجانب ،وإدخال شحنات الأسلحة وكافة المواد التي يحتاجها لإدامة سيطرته على المناطق التي يحتلها . سيطرة أكراد سوريا على الشريط الحدودي يثير مخاوف تركيا ويعتبروه خطوة لإقامة كيان كردي وتأسيس حكم ذاتي شمال سوريا ،وعلى مقربة من الحدود التركية ،مما يشكل خطر حقيقي يهدد الأمن القومي التركي ،ويحض أكراد تركيا لإقامة دولة مستقلة في جنوب شرق تركيا المضطربة منذ عقود . رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم دعا الاثنين 22 آب 2016 الدول المعنية في الأزمة السورية (الولايات المتحدة ، وروسيا ، وإيران ،والسعودية بالإضافة إلى تركيا ) لفتح صفحة جديدة بشأن الأزمة السورية ،وعدم إضاعة الوقت للتوصل إلى حل لإنهاء الأزمة وقال رئيس الوزراء التركي للصحفيين : يجب أن تتقارب وجهات النظر بين هذه الدول لمنع إقامة كيان كردي في شمال سوريا أو جنوب تركيا ،أو أي منطقة أخرى ،وللمرة الأولى تبدي فيها الحكومة التركية مرونة تجاه الوضع في سوريا من دون أن تتطرق إلى مصير الرئيس بشار الأسد ،وكانت تركيا قبل تولي يلدرم رئاسة الوزراء تكيل الاتهامات إلى الحكومة السورية والرئيس وتتهمه بإبادة شعبه ،وكانت تطالب بإلحاح برحيله عن السلطة ،وأضاف يلدرم بضرورة الجلوس حول طاولة المفاوضات مع الرئيس السوري لمناقشة المرحلة الانتقالية . يعتبر هذا التصريح انعطافا ً في الموقف التركي ،الذي كان رافضا ً حتى وقت قريب وجود أي دور للرئيس في سوريا لا في مرحلة انتقالية ولا غيرها ، توجهات رئيس الوزراء التركي الجديد هي بناء صداقات أكثر وأعداء أقل ،حيث أقدمت تركيا على تسوية خلافاتها مع روسيا وتحسين علاقاتها مع إيران الحليفتين الرئيسيتين للدولة السورية ،ومن ثم الاتجاه لتطبيع العلاقات مع سوريا والعراق ،وفي 15 آب 2015 طالب وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو الولايات المتحدة أن تفي بوعدها بعودة المقاتلين الأكراد السوريين إلى شرق نهر الفرات بعد تقدمهم في الشمال السوري لمقاتلة داعش ،وحذر جاويش أوغلو من أنه ستتخذ الإجراءات اللازمة ضد أكراد سوريا في حالة عدم انسحابها من غرب الفرات .تتحدث الأنباء عن وجود تفاهمات تتبناها روسيا وإيران تقضي بوقف تركيا دعمها للجماعات الإرهابية التي تقاتل الدولة ،ووقف تسلل الإرهابيين والأسلحة داخل سوريا عبر حدودها إلى تلك الجماعات مقابل منع الأكراد وإيقاف زحفهم نحو الحدود التركية ،هل تفي تركيا بوعودها وتغلق حدودها بوجه الإرهابيين... ؟ .
*كاتب ومحلل سياسي