ألف.. عشرة آلاف .. مائة ألف .. ربما مئات آلاف هو عدد الذين فقدتهم سورية من أبنائها، وللأسف فإن العدد يزداد كل يوم يوم، فقطار الموت لازال يحصد المزيد من أرواحنا، يحصدها على أنغام كذب قنوات الجزيرة والعربية وأخواتهما، وفتاوي غربان شيوخ ستار أكاديمي أمريكا، ونُباح مصاصي الدماء.
عجبي وعتبي على تلك الفئة من أبناء وطني التي لازالت لم تتحسس المؤامرة ولم تستشعر الخطر على سورية رغم كل تلك الدماء التي نزفت، والأرواح التي زُهقت، والأطراف التي قُطعّت، والعيون التي سُملت، والبطون التي فُريت، ورغم كل ما هُّدم وخُّرب وحُّرق ونُهب من ثروات وكنوز. وكأن هذا الدم لا يعنيه، ومن قُتل ليس بأخيه، وما خُرب ليس مُلكاً له!!!.
عجبي وعتبي على كل من لا ينظر حوله ليرى ما يحل في العراق وليبيا واليمن ولا يعتبر، ألا يرى كيف أن أهله في هذه البلدان يُذبحون كل يوم وليلة، يُستباح أمنهم وأرضهم ودمهم وعرضهم وثرواتهم، يُستباح فيهما كل شيء فلا شيء مستثنى، أليست هذه الحرية؟!.. نعم إنها حرية العقل الصهيوأمريكي_التكفيري. كل هذه الدماء تهرق أمام مرأى ومسمع العالم (المتحضر)، ولا يرف لهم رمشٌ، أو تدمع لهم عينٌ، اللهم سوى قلق مستر بان كي مون القلق دومأ علينا، وهنا لابد أن نشكره (ثانكيو مستر بان) على قلقك.
عجبي وعتبي على أبناء بلدي ممن يحملون شهادات جامعية ولا زالوا يشككون بجيشهم وأمنهم وإعلامهم وأن لا مؤامرة و لا هم يحزنون، وإن كان هذا حالهم، (فلا عتب على العوام). أعجب لحال خريجي الجامعات والمعاهد وأعتب عليهم لأنهم لازالوا يصورون جيشهم وأمنهم، بآلة قتل ودمار، رغم شهداءهم، وجراحهم، وأعضاءهم ورؤوسهم التي افترسها المرتزقة وحزّوها أمام الكاميرات، وأجسادهم التي جروها بآلياتهم في الشوارع والطرقات، أو حرقوها أو دفنوها وأصحابها أحياء.
عجبي من أبناء بلدي الذين درسوا في مدارس سورية وجامعاتها بالمجان نعم بالمجان، ثم أوفدتهم للدراسة العليا في دول الغرب على نفقتها أيضاً، ولكن ما أن وقعت سورية في محنة وتكاثرت عليها الضباع والكلاب، حتى عضوا اليد التي مدت إليهم وأداروا لسورية ظهورهم وراحوا بالتسول على أبواب السفارات طالبين اللجوء السياسي!! أإلى هذه الدرجة تسترخصون وطنكم وأهلكم؟ أنسيتم "أن من لا خير فيه لأهله لا خير يُرجى فيه"؟!... أُبارك لكم جنسياتكم الجديدة، أنتم تستحقونها بجدارة لأنكم دفعتم ثمنها ذُلاً وخيانة، ولكن أرجوكم عيشوا هناك، وموتوا هناك، وادفنوا هناك، ولا تعودوا إلينا، فترابنا حرام على من يخونه.
إلى كل أبناء بلدي الذين يسيرون إلى مجهول لا يُعرف شاطئه، ويلهثون وراء سراب لا يُرجى ماءه، هؤلاء الذين يعتقدون أن لا مؤامرة على سورية والحديث عن المؤامرة محض خيال.. إلى كل أبناء بلدي الذين لازالوا يشككون بجيشهم وأمنهم وإعلامهم، إذا كان لا يكفيكم آلاف القتلى حتى تقنعوا، ولا كل مَشاهد التنكيل والتمثيل بالجثث، ولا مناظر التخريب والتحريق، ولا تصريحات أوباما وأعوانه ولا جرائدهم وصحفهم، ولا مرتزقة أمريكا التي قدروا تعدادها بـ 360 ألف مقاتل من أكثر من 93 دولة كما تشير تقارير مركز فيريل للدراسات بألمانيا، ولا طائرات الناتو وإسرائيل التي تقصفنا صباح مساء، ولا دبابات أردوغان التي دنسّت وتدنس أراضينا، ولا مليارات عربان الخليج، إن كل ذلك لا يكفيكم حتى تقنعوا بالمؤامرة عليكم وعلى أهلكم وبلدكم وكل ما تحبون فيه، لا أملك سوى أن أقول لكم "عزاؤنا أننا جميعاً ذاهبون ويبقى الوطن".
عزاؤنا أنّا ذاهبون وتبقى سورية
2016-09-04
بقلم: د. محمد العبد