تتسارع عقارب الساعة، وتتجه الأنظار كلها نحو معركة حلب الواقعة في الشمال السوري، فكون حلب تحمل مصنع الانتصارات لأي معركة سياسية فاصلة في سورية فسيكون حدوث او تحقيق أي إنتصار فيها محطة أساسية وجوهرية لرسم مستقبل المنطقة بأكملها، بإعتبار أن أي نصر عسكري سيتبعه نصر سياسي يتكلّل بإنحسار وإنكسار مشروع الفريق الخاسر وإنكفائه عن الساحة السورية، فضلاً عن خسارة محوره الإقليمي والدولي في المنطقة، بذلك ستكون حلب عنواناً بارزاً و ضخماً لفشل ذريع لقوى الغرب وحلفاؤهم من العرب في تحقيق أهدافهم في سورية والتدخل في شؤونها الداخلية.
إن السعي إلى تحرير حلب أكبر معقل للمجموعات المتطرفة في سورية، لا يستأثر بإهتمام الحكومة السورية وحدها، فمعظم دول المنطقة خاصة روسيا وإيران والعراق و.... يعتبرون تحرير حلب خطوة بالغة الأهمية لكسر شوكة هذه المجموعات في سورية، وبذلك ستكون معركة حلب بداية النهاية للمجموعات المتطرفة بكافة فصائلها وداعميها في المنطقة، كما إن هذه المعركة ستكبّد هذه المجموعات المسلحة وأعوانها الآلاف من القتلى، خاصةً أنها تتعرّض لضربات موجعة من قبل الطيران السوري وحلفاؤه، ومن هذا المنطلق تعتبر معركة حلب فرصة ذهبية للقضاء على هذه المجموعات وأدواتها.
قبل عدة أسابيع، كانت حلب على موعد مع مفاجأة الحسم، العملية التي أشرفت عليها القوات السورية وحلفاؤها، واليوم تقف حلب في صالة الإنتظار، تترقب دورها لتلحق بركب المحافظات والمدن المحررة كتدمر وغيرها من المدن التي عادت إلى أحضان الدولة السورية، وفي هذا السياق إستطاع الجيش السوري والقوات المساندة له من إحكام حصار المسلحين بعد معارك عنيفة تمكن من خلالها إغلاق طريق الراموسة الذي قامت المجموعات المسلحة بفتحه عقب المعركة التي سميت بمعركة كسر الحصار عن مدينة حلب، كما جدد الجيش هجومه من عدة محاور على بقية المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل المتطرفة جنوب غرب مدينة حلب، وترافقت هذه المعارك مع ضربات جوية روسية- سورية مكثفة في مواقع "جيش الفتح" بمشروع 1070 من جهة حي الحمدانية ونحو التلال المحيطة بهذا المشروع، سبقه تمهيد صاروخي وجوي عنيف، تخلله تقدم للجيش السوري بالجهة الشمالية من المشروع 1070، تل الجمعيات، خان طومان، طريق دمشق - حلب الدولي، جنوبي حلب، وبذلك أعلن الجيش السوري بدء معركة السيطرة على ريف حلب الجنوبي والتوجه لكسر الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب، وفي الاتجاه الآخر، أمهل الجيش السوري الإرهابيين يومين لمغادرة مدينة حلب، وهدد بالقضاء على كل من لن يخرج خلال المهلة المحددة، في هذا الإطار إن أبواب جهنم سوف تفتح على الفصائل المسلحة وأدواتها لأن المعارك القادمة ستكون مختلفة عما سبق، وستغير موازين القوى في المنطقة لصالح الجيش السوري وحلفاؤه.
هؤلاء الرجال الأبطال " الجيش السوري" خرجوا بمبادئ وطنية راسخة وبسيطة يجتمع عليها كل السوريين وعلى رأسها مبدأ التخلص من هذه المجموعات المتطرفة، فالضربة التى تلقتها هذه المجموعات من قبل الجيش السوري وحلفاؤه، بخرت أوهامها، وأدركت أنها أمام جيش غير كل الجيوش التى خاض أمامها معارك، كما تيقنت أنه من الصعب بل من المستحيل أن تستطيع احتلال سنتيمتر من قطعة أرض في سورية خاصة حلب، وبذلك أثبت الجيش السوري فى معاركه مع المجموعات المسلحة والدول الممولة لها أنه غير كل الجيوش وأن حلب بأكملها ستكون تحت سيطرته في المرحلة القادمة، كما أدركت هذه المجموعات وقياداتها أن سورية لن تسقط ومن الصعب تقسم وتجزئة سورية، كما أدركت تماماً أنه ليس لها أي مستقبل هنا.
مجملاً.... ملحمة عظيمة فى حلب، رسمها أبطال تلك المدينة رجالاً ونساءً، للتأكيد على أن أرضهم غير قابلة للمساومة، فالنجاح السريع في تحرير مدينة حلب من الإرهابيين وما يحقّقه الجيش السوري وحلفاؤه من تقدم نحو تحرير سورية من بؤر التوتر التي تحتلها المجموعات المتطرفة ومرتزقتها إضافة إلى المساعي السياسية الكبيرة لإنجاح نهج التوافق السياسي و حشد الدعم له خارجياً هي مقدّمات تقول مؤشراتها الأوليّة أنها دافع إيجابي كبير لخروج سورية من أزمتها المعقدة والشائكة، وأن العلم السوري سيرفرف قريباً في سماء حلب، كما رفرف في تدمر والمناطق المحررة الأخرى، كل هذا يؤكد بأن حلب سوف تغادر محطات الإنتظار بسواعد أبنائها وجيشها، ومساندة حلفاؤها، وأنه لا مجال للإنكسار أو التراجع، فحلب على مسافة خطوة واحدة من النصر العظيم.
khaym1979@yahoo.com