2025-05-25 11:57 ص

التنين وقمة العشرين والرد السوري في مفاوضات أوباما –بوتين (2/2)

2016-09-16
بقلم: د. يحيى محمد ركاج*
لذلك أتت قمة العشرين في مدينة "هانغتشو" الصينية بأهميتها بعد لقاء شنغهاي الذي استقطب القطبين النوويين الهند وباكستان ليرسم خريطة التأثير العالمي في السيطرة على العالم. فكان لمكان إنعقادها بأبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والديموغرافية أهمية بالغة التأثير، فالصين من أقوى الاقتصاديات العالمية وثاني احتياطي نقدي والأكبر من حيث عدد السكان والاستهلاك، والمهيمنة عالمياً على الأسواق العالمية بما تمتلكه من حداثة في آليات المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وصاحبة التجربة الفريدة في التعامل مع حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، والمبدعة في حفظ مكانة الرؤساء والزعماء ببروتوكولات استقبالها للرئيس الأمريكي أوباما، والمحققة تكاملياً في منظومة البريكس السيطرة الغذائية والسياسية على العالم، صاحبة الفيتو الفريد في العدوان على سورية. أما الأهمية الثانية فكانت لتوصياته المتمثلة بمبادرة المنصة الإلكترونية للتجارة العالمية والابتكار الذكي للتشجيع على ريادة الأعمال والابتكار في الأدوات المالية، وتطوير التمويل الأخضر والبدء بمسار جديد للنمو الاقتصادي العالمي، وزيادة المشروعات عالية الجودة وقابلة التمويل،وأيضاً تيسير استثمارات القطاع الخاص في البنية الأساسية وتعزيز تنمية التمويل الأخضر وسوق الاستثمار. وترتكز الأهمية الثالثة في تسليم حق استضافة القمة إلى اتحاد غرف الصناعة الألمانية التي تم إغراقها سياسياً وعسكرياً بالمهاجرين واللاجئين وفت مسارات جديدة أمام صناعاتها غير العسكرية. وقد انبثق وفق الرؤية الأولية عن القمة اتفاق ظاهري بين الرئيسين بوتين وأوباما حول الملف السوري، بحيث يمكننا اعتباره اتفاقاً حقيقياً ناجماً عن قمة العشرين إذا ما استطاعت الصين ومجموعة العشرين توجيه دفة الاقتصاد العالمي وفق القرارات والتوصيات التي نجمت عن هذه القمة إلى ما قبل التحضير للقمة القادمة في ألمانيا، وهو ما أعتقد أن التنين الصيني سوف يعمل جاهداً لتحقيقه خلال الستة أشهر القادمة على أقصى تقدير، وإلا فإنه سوف يبقى في حدود المماطلة وإطالة استنزاف الدم السوري حتى انعقاد القمة القادمة والتي سوف يتم من خلالها رسم جديد لخارطة الاستثمارات والسيادة العالمية، بحيث تستمر الحرب السورية إلى تلك الفترة تكريساً لمواجهة غير مباشرة بين الهيمة الأنجلوسكسونية والبريكس الصاعدة على النقد العالمي وتحقيق التنمية الموجهة لمصلحتهم في العالم. وقد أثبتت الأحداث اللاحقة للقمة ومفاوضات أوباما – بوتين، خاصة الرسالة السورية في إسقاط الطائرات الصهيونية المعادية، أن جل الاتفاق كان من تصميم وهندسة سورية، وأن الخطوات اللاحقة هذه تؤكد بنسبة لا تقبل الشك أن حل الحدث السوري سوف يكون بالأيام القليلة القادمة إما استناداً إلى مقررات وتوصيات القمة في لعبة المصالح المتضاربة والمتداخلة للاعبين الكبار في العالم، واستناداً إلى لعبة الكرسي والطربوش في السيادة العالمية على منطقة الثروات العالمية، ضمن الاعتراف بالدولة السورية كأحد اللاعبين الكبار في العالم. أو حرباً عالمية مباشرة بين الدول، رغم أن احتمال الحرب أصبح ضعيفاً جداً جداً.
*باحث في السياسة والاقتصاد (سورية)