سورية ليست بلداً هامشياً، بل هي بلد محوري ومفتاح المنطقة، ورمانة الميزان، وحضارتها كانت ولا تزال منارة العالم التى ينهل منها، فإذا نهضت سورية نهض العالم العربي بأكمله، ورأينا ان أميركا تسعى للحد من قوتها وتحويلها من لاعب قوي الى لاعب ثانوي في المنطقة، من خلال إنضمام بعض حلفاؤها، الى سياستها مندفعين بعدائهم لسورية في محاولة لقيادة العالم العربي، مراهنين على إنهيار النظام السوري وجيشه، لكن بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب على سورية وجدت أمريكا وحلفاؤها إن الزمن لا يلعب لصالحهما الأمر الذي أوقع جميع هذه الأطراف بالكثير من الأخطاء السياسية عندما رفعت سقفها السياسي وأوهمت العالم بقدرتها على إسقاط النظام السوري، من هذا المنطلق كان إصرار الرئيس الأسد، توضيح الصورة للوفود العربية والأجنبية وكشف التزييف الذي تمارسه معظم وسائل الإعلام الغربية على الشعوب، خاصة أن هذه الوسائل تخدم مصالح الحكومات لا مصالح الشعوب، وسبل مواجهة مخاطر التطرف والإرهاب الذي بدأ ينتشر في المنطقة والعالم.
اليوم لا تزال المنطقة تعاني الفوضى والإضطرابات، وعندما أحست سورية بوجود تهديدات حقيقية تمس أمنها إستنفرت لوضع خطة تحرك شاملة على مختلف الصعد العسكرية ونجحت في التصدي لتلك التهديدات وإعاقتها، وإستطاعت إعادة خارطة التحالفات السياسية والعسكرية في المنطقة، وبرهنت عن مقدرة غير محدودة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بذلك قطعت خطوات مهمة خلال السنوات الماضية فى الخروج من سيناريو الفوضى الذي ضرب المنطقة كلها بهدف إعادة تقسيمها وتفتيتها، إلا أن الإرهاب مازال يبث سمومه ويزهق الأرواح البريئة ويسيل الدماء الطاهرة على أرض سورية، وكان العالم يقف موقف المتفرج، معتقداً أن الأزمة خاصة بسورية، ووقتها حذر الرئيس الأسد من خطورة الإرهاب على العالم وأنه ظاهرة عالمية يجب مواجهتها بكل قوة، والآن بدأ العالم يفيق بعد أن اكتوى بنيران الإرهاب الذى لم يفرق بين دول كانت متعاطفة معه وترعاه، فالصحوة الخجولة لبعض المسؤولين الغربيين والأوروبيين وتغيير تفكيرهم إزاء ما تمر به سورية يظهر بما لا يدع مجالاً للشك صحة إستراتيجيات سورية ومقاومتها دفاعاً عن قناعات شعبها وقد تمثل ذلك من خلال تدفق الوفود الغربية والأوروبية الذي شهدته دمشق مؤخراً، ولذلك فمن المتوقع أن ينصت العالم إلى رؤية الرئيس الأسد فى كيفية التوحد ضد الإرهاب وإستئصاله من العالم، وخاصة بعد وصول ما يسمى بتنظيم داعش الى عمق العواصم الغربية والأوروبية، وبدء التهديد الحقيقي لأمنها، حيث انقلب السحر على الساحر، وسط قلق غربي أوروبي من جني ثمار دعم الارهاب، وما الهجمات التي استهدفت بعض مدنهم إلا ثمن فاتورة دعمهم للإرهاب، وبالتالي فإن الكشف عن خلايا نائمة لداعش داخل تلك الدول وازدياد نشاطه في بعض المناطق، جعل الجميع يرون في النظام السوري الحليف الأساسي الذي يمكن الإعتماد عليه لحماية دولهم وشعوبهم.
عندما نرى الإرهاب الذي تم إرساله إلى سورية نحن كسوريين كنا مقتنعين بأن الإرهاب سيعود إلى منابعه وداعميه وليس علينا سوى الصمود والتصدي، من خلال وضع خطط حقيقية مدروسة تكون على رأس هذه الخطة دولة فاعلة قائدة هي "سورية" كون لديها خبرة متراكمة فى مواجهة الإرهاب بكافة وسائله، كما لديها أجهزة لجمع المعلومات وإجهاض مثل هذه المحاولات الإرهابية، وهذه الأجهزة لديها القدرة والفاعلية، للوصول إلى العناصر الإرهابية، لذلك لا بد من أن يساند العالم سورية وهى تواجه الإرهاب، بعد أن نجحت فى توجيه ضربات قاصمة وموجعة له، وبات يلفظ أنفاسه الأخيرة، كما يجب على العالم يجب أن يتحمل مسئولياته تجاه سورية وألا يكتفى بموقف المتفرج، لأن تطهير سورية من الإرهاب هو بداية إجتثاثه من المنطقة كلها.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن أمريكا تهدف من وراء عدوانها على سورية تركيعها والتخلص من ترسانتها العسكرية وإضعاف مقدرة الجيش العربي السوري ضمن محاولات فك التحالف الإستراتيجي الذي يربط سورية مع محور المقاومة ضمن مخطط يضمن لأمريكا تأمين أمن اسرائيل و بسط هيمنتها وسيطرتها على المنطقة.، فحليفتها الكبرى أمريكا التى تغذى تلك الصراعات، لا تريد حتى الآن للأزمات أن تنتهي، لأنها لو أرادت لفعلت، لكنها تريد أن تقوم الشعوب بتصفية نفسها بنفسها من أجل إسرائيل لتحقيق حلمها القديم الذى يمتد من النيل إلى الفرات.
مجملاً....تتخطى سورية اليوم الظروف المعقدة إذ أصبحت الكرة الآن في ملعب الجيش السوري، وباتت بيده أي مبادرة هجومية قادمة على الإرهابيين، في إطار ذلك واهم من يفكر ولو لحظة من الوقت أن بإمكانه الإنتصار على إرادة الشعب السوري، فسورية قادرة بصمود أبنائها وجيشها على تجاوز المستحيل، من هنا أود التأكيد على أن سورية لهذه الأسباب ستظل رقماً صعباً يفرض على الآخرين طبيعة الإهتمام بها ووضعها في حساباتهم السياسية، وإذا ما وقفنا أمام ما يحدث اليوم في سورية لفرض أجندات مكشوفة، سنجد أن تلك التدخلات لا يمكن أن تحصد سوى الخيبة والهزيمة، لأن سورية اليوم غير سورية الأمس من خلال حكمة أبنائها وهذا ما ستثبته الأيام والحقائق والوقائع القادمة، وأخيراً نؤكد للإرهاب والارهابيون وما ورائهم أن ما يفعلوه من تخريب ودمار وإجرام لن يخيف السوريين الذين قهروا الغزاة في الماضي، ويشهد تاريخنا على ذلك، لانهم جميعهم قلب واحد ويد واحدة ضد الأعداء سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، لذلك فإن سورية ماضية في طريقها نحو المستقبل بعزيمة أكبر وهمة أقوى لتحقيق نهضتها والانتصار على الإرهاب و نشر السلام في المنطقة.
سورية والعالم كما يراهما الرئيس الأسد
2016-09-18
بقلم: الدكتور خيام الزعبي