2025-05-23 04:11 ص

روسيا لن تخدع مجددا !

2016-10-05
بقلم: حاتم استانبولي
منذ ان وقعت روسيا اتفاقها مع الولايات المتحدة حول سوريا , كانت تدرك ان امريكا لن تلتزم بالاتفاق , وقد سارعت لتعزيز وجودها العسكري في البحر المتوسط . وزودت قاعدتها البحرية والجوية بمنظومات دفاعية وهجومية لتعزيز اتفاقها السياسي ولكي لا تخدع كما حصل في كل من العراق وليبيا . ومن الواضح ان الموقف الروسي تصاعد تدريجيا منذ بداية الازمة السورية , فقد ابتدأ بالموقف الداعم والمتضامن مع الدولة السورية وشعبها واعلن ان الحوار السياسي بين مكونات المجتمع السوري هو الكفيل بحل كافة المشكلات . وبدأ موقفها يتصاعد مرتبطا بتصاعد الهجمة على الدولة السورية . الموقف الروسي من حيث الجوهر كان يدرك ان انهيار الدولة السورية يعني ظهور دويلات قائمة على اساس ديني ومذهبي وطائفي سيتبعها سياسة تطهير عرقي وطائفي ومذهبي وستطال ارتداداته المحيط والداخل الروسي كما سيطال المحيط والداخل الصيني . وقد وصلت ألأجهزة الاستخبارية الروسية والصينبة الى قناعة ان الولايات المتحدة وحلفائها غيروا من استراتجيتهم في اخضاع الدول والشعوب واستبدلت التدخل المباشر لسياسة تفكيك الدول من الداخل من خلال التلاعب بمكوناتها العرقية والدينية والمذهبية . ولتحقيق ذلك قامت باستخدام ارصدتها في التنظيمات التي تتخذ من الدين وسيلة لتمرير سياساتها , التي لا تعير وزنا للدول والاوطان . فقد تلاقت مصالح راس المال بالموقف من الدولة الوطنية مع مصالح منظمات الدين السياسي في تدمير الدول الوطنية واستبدالها بدويلات دينية تشكل محيطا لتمرير يهودية الدولة وهنا نستطيع ان نفهم الموقف (الأسرائيلي ) الداعم ماديا وعسكريا لها في الجنوب السوري . هذه القناعة تعاملت معها روسيا وحلفائها بشكل جدي ورصين على كافة المستويات . على مستوى مجلس الأمن تصدت وبشكل حاسم لكافة المحاولات لأصدار قرارات تحت الفصل السابع واستخدمت الفيتو لكبح جماح التحالف المعادي لسوريا . استخدمت سياسة هادئة لتفتيت التحالف الدولي المعادي , وحصرت الحوار بالشأن السوري بينها وبين الولايات المتحدة وتحديدا بين وزيري خارجيتها . استخدمت عامل الزمن في تغيير المزاج الشعبي العام وكشفت النوايا المعادية لسوريا وشعوب المنطقة, واظهرت ان امريكا وحلفائها هم من يدعمون الأرهاب , ولا يعيرون اي اهتمام للقانون الدولي او منظومة العلاقات الدولية , وخاضت معركة دبلوماسية بمشاركة حلفائها للحفاظ على القانون الدولي ونظمه للحفاظ على سيادة الدول . وترافق كل ذلك بالعمل الحثيث على فك الحصار عن حليفتها ايران ونجحت بذلك . وردت بشكل حاسم على الأنقلاب الأوكراني الذي استهدف الرئيس المنتخب عبر اعادة القرم للسيادة الروسية . حيث جائت العملية من حيث توقيتها واسلوبها رسالة للناتو وحلفائه. بان روسيا خرجت من قمقمها وانها تستطيع ان تذهب بعيدا للحفاظ على مصالحها . ووجهت روسيا رسالة اخرى عبر اعلانها ان التدخل العسكري المباشر لمكافحة الأرهاب في سوريا وارسلت مقاتلاتها التي شكلت فارقا ملحوظا في الميدان وفرضت نفسها كامر واقع لا يمكن تجاوزه , وبذات الوقت كشفت الخداع الأمريكي في مكافحة الآرهاب, وطرحت عدة تساؤلات حول حقيقة داعمي داعش واخواتها وقدمت صورا ومستندات جعلت الموقف الأمريكي مكشوفا وانخفضت مدة القضاء على داعش من 30 عاما حسب تصريحات الرئيس اوباما الى شهور عديدة . كل هذا جعل الموقف الامريكي مربكا وخلق تعارضات بين اجهزتها , وتصعيد اللهجة الأمريكية في مجلس الأمن والتي وصفت العمليات الروسية في محيط حلب بالبربرية ما هو الا انعكاس للغضب المريكي من جدية الموقف الروسي وحكمته في مواجهة حططهم التي تكسرت في الكاستيلو والراموسة. ان تصعيد اللهجة في مجلس الأمن هو خروج عن اللياقة الدبلوماسية بين الدول الكبرى . الرد الروسي جاء سريعا في نقطة موجعة للامريكيين وحلفائهم باعلانها وقف العمل بالاتفاق حول البلوتونيوم , وتبعها اعلان عن تزويد قاعدتها بمنظومة اس اس 300 , ودعم اسطولها في البحر المتوسط . كل ذلك ترافق مع تصريح الكرملين ان روسيا لن تتخلى عن مكافحتها للأرهاب ودعم الدولة السورية وجيشها. واعلان الكرملبن ان الشروط الروسية قد تغيرت حيث تريد ان ترفع العقوبات الاقتصادية وتعويضها عن كل الخسائر التي نتجت عنها لأعادة العمل باتفاق البلوتونيوم . من الواضح ان التصعيد بين كل من روسيا والولايات المتحدة وصل لدرجة خطيرة حيث من الممكن لأية حادثة ان تفجر مواجهة من الصعب ان يتحكم في دائرتها . التناقض بين روسيا التي تريد الحفاظ على القانون الدولي ومواثيقه والتصدي لسياسة العقوبات التي تمارس من خارج المنظومة القانونية الدولية . والتي تريد الحفاظ على الدول الوطنية وسيادتها . وبين الولايات المتحدة التي تتعامل بازدواجية سياسية وقانونية وتدعم التنظيمات الأرهابية وتستخدمهم لتقويض الدول الوطنية لأحداث تغييرات جيو سياسية تنتج دويلات قائمة على اسس دينية ومذهبية وطائفية لتهيئة اجواء محيطة ليهودية الدولة . من الواضح ان المواجهة ستتصاعد على كافة المستويات . فالمدقق بالموقف الروسي يدرك ان المصالح الوطنية الروسية تلاقت مع المصالح الوطنية لشعوب المنطقة في الحفاظ على هويتها الوطنية الجامعة المتعددة وحماية كيانتها الوطنية القائمة على اساس القوانين والمواثيق الدولية .