2025-05-23 02:56 ص

أوباما..... ندم بعد فوات الأوان

2016-10-10
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
أكثر من خمس سنوات من الحرب على سورية هدفت السيطرة على دمشق وإغراق سورية في صراعات وهمية مخطط لها مسبقاً، واليوم ظهرت تداعيات الفشل وبدأت تتكشف الأقنعة عن أمريكا وحلفاؤها، وأدركت فيه واشنطن أن رهاناتها على العملاء والمرتزقة رهان خاسر ولم يحقق أي تقدم على الأرض، وكل ما تستطيع أن تفعله هو محاولة الحفاظ على بقايا من ماء الوجه إذا تبقى عبر أكاذيب وهدنة ومزاعم إعلامية فاشلة، فالذي يجري في سورية هو نتيجة متوقعة وأن إستراتيجية اوباما لمواجهة داعش قد فشلت، وأدركت الشعوب الأوروبية وحتى الشعب الأمريكي أيضاً، و خاصة بعد التفجيرات الأخيرة، حجم التهديد الفعلي الذي يمثله الإرهاب على دولهم. منذ اليوم الأول للحرب على سورية والجميع يدرك جيداً أن أمريكا هي من تقود هذه الحرب، وهي من تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفه " داعش وأخواتها"، والكل يعلم أن أجهزة أمريكا قامت بعمليات مشبوهة كثيرة لزعزعة الأمن والإستقرار هناك، عن طريق دعم الإرهاب الممنهج، ليس في سورية وحسب، بل على مستوى العالم ولاسيما أوروبا، وهذا ما يؤكده قيام واشنطن بتزويد الإرهابيين بالسلاح والدعم اللوجيستي ، وإعتمادها سياسة الإشغال والإستنزاف في سورية، فما أن تهدأ جبهة مواجهة حتى يفتحوا له أخرى، كي تنصرف عن الإهتمام بالتطور وإمتلاك القوة. تواجه واشنطن تحديات كبيرة في سورية حيث تجري حرب متعددة الأطراف، فهي مترددة في القيام بتدخل عسكري مباشر لإسقاط النظام السوري بسبب التحذيرات الروسية والإيرانية وخشية السقوط في مستنقع مواجهة جديدة كالذي تعرفه في العراق منذ سنة 2003 وفي أفغانستان منذ سنة 2001 ، ومن أجل تمرير مشاريع ومخططات لها في المنطقة أوجدت التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها" داعش"، وهذا السم الذي تنشره أمريكا وتسقيه للعالم, جاء الدور اليوم على الشعب الأمريكي أن يذوق طعم مرارته والذي يؤكد ذلك ما ذكره الأميركي "كريستوفر كورنيل" الموالي لتنظيم داعش، بوجود هذا التنظيم في كل أنحاء الولايات الأميركية، وأن هناك خلايا نائمة تنتظر الوقت المناسب للقيام بالجهاد في أمريكا ونشر الفوضى هناك، لذلك أصبحت واشنطن الداعمة لداعش وأخواتها تتخبط في قراءة مستقبل التهديدات لها، وأهم مشاهد التخبط على الساحة الأمريكية لما حدث في أمريكا من تفجيرات إرهابية، وتغييرات سياسية نجمت عن الموقف الدولي والإقليمي والنظرة إلى ما يحدث في المنطقة برمتها. من الطبيعي أن يعيش البيت الأبيض في هذه المرحلة بين مطرقة أخطائه وسندان تمويله لتنظيم "داعش" من خلال الدعم المالي وتسهيلات عبور الحدود وتسليم أسلحة، الذي ساهم بتعزيز إرتباك دول المنطقة، وإنعكاس ذلك على الداخل الأمريكي، التي بدأت الدول الغربية بحصاد نتائج الإرهاب الذي دعمته وموّلته في سورية، وبذلك يتوقع الخبراء هجمات اخرى على الولايات المتحدة التي وفرت تربة خصبة للتنظيم أزالت الصعوبات أمام تجنيده عناصر جديدة في مناطق مختلفة من العالم. اليوم أصبح بنك المعلومات السوري غزيراً بالمعلومات والتحركات التي تتعلق بداعش وأخواتها، لمواجهة المخططات التي يمكن أن تدفع هذه المجموعات باتجاه الشروع بمخطط خلط الأوراق أو إستهداف أماكن معينة من بلدان مختلفة، وما حصل بفرنسا فهو مؤشر حول الإستنفار الأوروبي الذي يتعلّق بإعادة الحسابات نحو سورية التي استطاعت بقدرة جيشها من احتواء شبكات القاعدة، ومن هنا بدأت الدول التي ساعدت ودعمت الإرهاب تهرول مستجدية سورية، ويطلبون من القيادة السورية المساعدة لكبح جماح داعش والقوى المتطرفة الأخرى، من خلال كشف مخزون المعلومات المتوفرة التي أستطاعت المخابرات السورية الحصول عليها. وفي السياق ذاته تعد هذه الدلالات تحولاً نوعياً كبيراً تجاه سورية، والتي تعني إن الموقف الأمريكي الجديد هو إعتراف واضح بشرعية الحكومة السورية سياسياً، وهو أمر فرضته عوامل مختلفة ومن أهمها، صمود النظام السوري ومؤسساته المختلفة، وفشل الولايات المتحدة والغرب فى مواجهة داعش وتوابعه في سورية والعراق، وعدم الوثوق بالمعارضة السورية في الخارج، بالإضافة الى أن التدخل الروسي- الإيراني لمحاربة الإرهاب وحماية سورية من السقوط وضع أمريكا في موقف محرج أمام شعوب دول المنطقة والعالم. مجملاً... إن الرهانات الأميركية –الغربية على وكلائها الإقليميين والمحليين لإسقاط سورية قد فشلت ولم يبق أمام واشنطن إلاّ القبول ببقاء هذا النظام، وعندما أدركت بأن دعم حلفاء سورية لهذه الدولة لم يتوقف تحت اي ظروف كان، إضطرت الي تغير سياساتها وتعلن أن الحوار السياسي هو الأفضل لتحقيق الأمن والإستقرار في سورية، ومن هنا إقتنع أوباما بشكل كامل بأن لا مخرج له من مستنقع الفشل الذي إنغمس به في المنطقة، إلا بالعودة إلى دمشق فهي صاحبة النفوذ الواسع والعلاقات المؤثرة في المنطقة، والحليفة الأولى لإيران وروسيا الثابتان بوجه المؤامرات الدولية. في هذا السياق تعد أمريكا من أهم الخاسرين في المنطقة، لا سيما بعد صمود الجيش السوري وطرد داعش من بعض المناطق السورية، إلا أن الخسارة الأكبر التي منيت بها أمريكا وحلفاؤها هي إنتقال تداعيات الأزمة السورية الى داخل مدنها بشكل أكبر، والدليل على ذلك العمليات الإرهابية الضخمة التي حصلت قبل عدة أسابيع والتي بثت الذعر والخوف بين مواطنيها، وبإختصار شديد لم يبقى أمام أوباما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع في سياساته الداعمة لداعش وأخواتها، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة هذا الخطر الوجودي، ومن ثم إعادة النظر في خريطة تحالفاته ورهانه السياسي والعسكري الخاطئ قبل فوات الأوان، يبقى التساؤل المهم هنا هو: هل ندم أوباما في إتخاذه قرار الحرب على سورية التي امتدت تداعياتها إلى معظم دول المنطقة؟، و هل أدرك بأنه دفع ثمناً سياسياً وشعبياً باهظاً جراء وقوفه إلى جانب داعش وأخواتها؟!.
Khaym1979@yahoo.com