2025-05-23 04:25 ص

الغرب وتوظيفه للأنظمة العربية من اجل تفريخ الإرهاب

2016-10-11
بقلم: عميرة أيسر
منذ أن تشكلت الدول العربية بشكلها الذي اتفق عليه دوليا بعد اتفاقية سايس بيكو سنة 1916,عندما قسمت المناطق العربية بين الفرنسيين والبريطانيين وتم الاتفاق علي إعطاء هذه الدول العربية استقلالها مستقبلا,وكانت الخيانة البريطانية لحلفائها كفرنسا والأمير فيصل وذلك عندما قامت بإبرام وعد بلفور المشئوم ومنذ تلك الفترة كانت الدول الغربية هي التي فرضت علي هذه الدول أنظمة مستبدة تسلطية قمعية ساهمت في تكريس التخلف والأمية والرجعية وقضت علي الدولة بمفهومها السياسي الأكاديمي القومي ومنذ الغزو السوفيتي لأفغانستان عندما رفع المفكر والسياسي الأمريكي المخضرم بريجنسكي سماعة الهاتف واتصل بالرئيس الأمريكي ليخبره بان أفغانستان ستكون فيتنام للسوفيت والنهاية الحتمية للمارد الشيوعي الأحمر وكان لابد من متطوعين تدربهم وتدعمهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بالمال والسلاح وأوكلت هذه الدول العظمي المهمة إلي الدول العربية وعلي رأسها دول الخليج العربي كالسعودية بالإضافة إلي الجزائر والعراق,وشكلت هذه النقطة بداية انعطافة إستراتيجية ,لتكوين الفكر الجهادي الأفغاني العربي بما يعرف اصطلاحا بالمجاهدين الأفغان العرب والذين كانت الدول العربية الداعم الأول لهم واقصد هنا الأنظمة المستبدة وترسانتها الإعلامية والأمنية والدينية التي صورت هؤلاء علي أنهم يجاهدون في سبيل قضية عادلة ضد عدو كافر ملحد,وبعد الانتهاء من غزو أفغانستان وانهيار احد ركائز النظام العالمي القديم وتشكيل نظام عالمي معولم بقيادة وإشراف الولايات المتحدة الأمريكية وظفت الأنظمة العربية الموالية لها من اجل ضرب نظام عربي كانت تري في إضعافه ضرورة حيوية وإستراتيجية كبري في الشرق الأوسط ألا وهو النظام العراقي الذي أنهكت قدراته العسكرية عندما أدخلته في أتون حرب طاحنة مع إيران لمدة 8سنوات خرج منها بعد أن استنزف الكثير من قدراته المالية والقتالية,وكان لأنظمة الحكم الملكية المستبدة في الخليج كالعادة الدور الأبرز في دعم نظام البعث ضد إيران الإسلامية من اجل استعماله في صد المد الشيعي الجارف وهذا طبعا ما نظر له ودعمه ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر,وبعد ذلك رعت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين ولبرت عملية غزو الكويت وأغرت صدام حسين بذلك,ثم شكلت تحالفا عربيا ودوليا من اجل إخراجه وتدميره ثم تم غزو العراق بعد ذلك وغرس نواة الإرهاب فيه وهذا ما سمح للقاعدة بالنشاط والحركة والانتشار ,وقبل ذلك دعمت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع جهاز الموساد وبعض قيادات النظام الجزائري المستبد الإرهاب في هذا البلد ومولته وأعطته طابعا جهاديا إسلاميا بامتياز.وقبله في الصومال ومصر في عهد حسني مبارك,فالأنظمة الظالمة التي رعيتها المخابرات الأمريكية والتي تغيب فيها مظاهر الحياة السياسية السلمية وتصبح الحرية شيئا كماليا ومن المحرمات التي قد تصل عقوبة المطالبة بها إلي الإعدام كما يحدث في السعودية. -هذه الأنظمة التي رعت ثقافة الخوف والعنف والتسلط واستعملت أساليب التخويف والتخوين والضغط والاعتقالات الأمنية والتي تحكمت بكل مناحي الحياة الاجتماعية عملت علي قمع أي ثورات قد تقوم بها شعوبها من اجل التحرر والانعتاق والعيش الكريم فهذه الأنظمة التي عجزت عن إقامة التنمية المستدامة فشلت في إحداث حوكمة اقتصادية عادلة وهذا ما أدي إلي انفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة تماما عقب إحداث ثورات الربيع العربي 2011حيث خرجت القوي المقهورة والمسحوقة والتي ضغطت لعدة عقود تطالب بالقصاص من أنظمتها المستبدة والتي رأت فيها هذه الجماهير العريضة أنها المسئولة عن الأوضاع المأساوية التي تتخبط فيها بلدانهم ,وكانت الأنظمة العربية التي خرجت من رحم الدولة العميقة البوليسية ذكية عندما استغلت الأوضاع وحولت انتفاضة الشباب إلي أعمال عنف مسلح أنتجت فيما بعد منظمات إرهابية متطرفة وجهادية ,كداعش والنصرة والتي صنعت ودعمت من طرف أجهزة مخابرات الدول الغربية,وبغض النظر عن مفاهيم المؤامرة التي يري الكاتب والصحفي ورجل الفكر والسياسة المخضرم الراحل محمد حسنين هيكل بان الغرب قد عمل علي انتهاج هذا النهج منذ القرن الماضي وبدايات القرن الحالي ولا يمكن له التفريق بين الجمرة والتمرة ,ورغم تأكيده بأنه ليس كل مراحل التاريخ عبارة عن مؤامرات ولكنها موجودة والغرب يريد لنا بان لا نراها في منطقتنا العربية وان نشتغل بحروب داخلية فيما بيننا,فالأدوات التي استعملها هذا الغرب والأنظمة العميلة له في دولنا كثيرة ومتعددة, وأهمها توظيف الإرهاب الأعمى والذي لا قيم ومبادئ تحكمه ولا ينفذ إلا أجنداتهم طبعا برعاية هذه الأنظمة ويقول بريجنسكى بان حدود منطقتنا العربية قد حرفت منذ اتفاقيات سايس بيكو ومؤتمر فرساي ويجب علينا تعديلها عن طريق حروبنا هناك,فالفكر الاستعماري الغربي المتجدد لا يريد أن تستقر دولنا العربية ولا أن تستفيد شعوبها من خيراتها الطبيعية والباطنية بل أن تظل رهينة الجهل والتربية الاتكالية العنيفة وان يعيش العرب في ظل أنظمة عميلة استبدادية متخلفة تجعل من الفساد مؤسسا وثقافة دولة يعيش المتنفذين من أربابه وأزلامه فيما يعاني بقية أفراد الدولة من الفقر المتقع,وقد ساهم الغرب في انتشار ذلك عن طريق زعزعة البنية الاقتصادية الهشة أصلا والسكوت عن انتهاكات هذه الأنظمة لحقوق الإنسان ضد الأقليات والطوائف المختلفة ,من اجل زيادة حدة الاحتقان السياسي والمجتمعي لتفجير الأوضاع والاستفادة قدر الإمكان منها,وهذا ما نظر له مفكرون وكتاب أمريكيين كالصحفي مايكل كولز الذي كتب مقالا بتاريخ 11شباط 2011في مجلة أمريكان فري براس والذي أشار فيه إلي دور المنظمة الصهيونية العالمية والتي تدعي كيفونيم , في نشر الفوضى في الدول العربية من اجل تفتيتها من الداخل وتقسيمها علي أسس طائفية ومذهبية,مما يؤدي إلي خلق بؤر وجيوب طائفية, وهذه الدول الغربية وعلي رأسها الدولة العبرية التي ترعي بقاء واستمرار أنظمة عربية مستبدة عملت حسبما أشار إليه جوناثان كوك سنة2008حيث أشار إلي أن الدولة العبرية برعاية أمريكية لعبت في تأجيج الصراع بين الحضارات ,بدل حوارها وهذا ما تريده كذلك هذه الأنظمة المستبدة التي أشعلت الحروب في كل مكان من اجل إشغال شعوبها عن المطالبة بحقها في الحرية بكل معانيها وأشكالها . -الإرهاب الذي أصبح من أبجد يات الخطاب السياسي لدي الحكام العرب إذ يؤكدون في كل مناسبة بان أولويتهم القصوى هي محاربته والقضاء عليه,وهذا ما يؤكده الأستاذ والكاتب نصري الصايغ الذي تحدث عن أن هذه الأنظمة عملت علي تخيير الشعب بين الاستقرار الأمني آو الحرية الفردية ,فالانهزامية التي كرستها هذه الأنظمة المرتبطة بالغرب والتي كسرت الحواجز الرئيسية للمنظومة الفكرية النخبوية العربية ,والتي ترى في فلسطين ارض جهاد ورباط ويجب تحريرها من اجل ضمان الأمن القومي العربي,فتحول دول عربية إلي انهار من الدماء بتأمر من دول شقيقة وصديقة جعل هذه الدول الغربية تستعمل ورقة اللعب علي فك الارتباط الاستراتيجي بين سوريا وإيران علي سبيل المثال وهو ما كانت إسرائيل ستتخلي عن هضبة الجولان الإستراتيجية لأمنها من اجل حدوثه حسبما ذكره الجنرال عاموس يلدن ولكنها لم تعد كذلك لان الإرهاب الذي غذاه العرب قبل الغرب ,يعمل علي فك هذا الارتباط الذي تعتبره دول كالسعودية وقطر والدول المرتبطة بها راديكاليا يجب إنهاءه من اجل تغيير الأوضاع فيها وهكذا ستستمر أحجار الدومينو بالسقوط التدريجي , لأن هذا الإرهاب الذي بدا ينتشر في الجسد العربي كالسرطان صار من غير الممكن التحكم به أو إيقافه ,وحتى الدول التي صنعته ورعته ستجد نفسها أمام تحد كبير في ضمان بقاء أنظمتها المستبدة إذ أن التجارب السابقة قد أثبتت بان الغرب لطالما استعمل أوراقا سياسية وأنظمة عربية ثم احرقها . -فالهوية العربية الغائبة لدي هذه الأنظمة ستدخلها في دوامة الصراعات والمعارك الطاحنة سيكون الإرهاب احد أطرافها, وهذا ما يراه الأستاذ سام منسي المدير التنفيذي لمؤسسة بيت المستقبل ,وبالتالي فان هذا الإرهاب الذي استعملته هذه الدول كحصان طروادة من اجل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية ,سيكون تحديا امنيا لها ولبقائها ,و علي هذه الأنظمة المرتبطة بالغرب والتي يخيل إليها بأنها بعيدة عن الإسقاط السياسي أو الانهيار أن تضع في حسبانها بان شبكة المصالح الغربية التي تحكم العالم الغربي, لن تجد حرجا في الاستعانة بحكام عرب آخرين من اجل ضمانها .بغض النظر عن الخدمات الجليلة التي تقدمها هذه الأنظمة المستبدة لها ,وأولها تسهيل مهمة المنظمات الإرهابية المرتبطة بها من اجل سحق أي صوت عربي معارض لسياسات هذه الدول العظمي وإسكاته أو تحييده من دائرة الصراع وحلبته في هذه الدول. 
كاتب جزائري