2025-05-22 11:09 م

أمريكا تدفع السعودية لشن حرب ضد إيران من اجل تسهيل مهمة تقسيمها

2016-10-16
بقلم: عميرة ايسر
في ظل حكم الملك سلمان بن عبد العزيز الذي كان يعتبر دوما من الصقور داخل العائلة المالكة ويعرف عن سياساته الميل لاستعمال القوة المفرطة لتعامل من المشاكل والتحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بالسعودية,وكذلك توظيفها لمختلف الأسلحة الدبلوماسية والاقتصادية الطاقية واستثماراتها المالية الضخمة في دول الغرب, وخاصة منها أمريكا والتدخل عسكريا في مناطق النزاعات المسلحة التي ترى فيها بؤرا يمكن أن تهدد امن الرياض مستقبلا,إما المباشر كما فعلت في اليمن أو بالوكالة والدعم والتسليح الغير مباشر كما هي الحال في سوريا والعراق وليبيا ونيجيريا وتونس .وغيرها من الدول العربية والإسلامية,فلم يمضي إلا عام ونصف على توليه مقاليد السلطة في المملكة حتى تحولت سياسة المملكة وانقلب رأسا على عقب فعلى العكس من سابقه الملك عبد الله رحمه الله, الذي عرف عنه التروي واستعمال الدبلوماسية الإستراتيجية .واحتواء المشاكل والقضايا الكبرى وعدم مفاقمتها أو اللجوء إلى القوة العسكرية من اجل التصعيد ,فالسعودية التي كانت تعيش في بداية حكم الملك سلمان طفرة مالية كبيرة, وكانت صناديقها السيادية تضم حوالي 800مليار دولار من الاحتياطات المالية الدولية ,ولكن لم تكد تمضي سنة واحدة حتى بدأت في الانخفاض بشكل مطرد خصوصا وان السعودية قد تورطت في المستنقع اليمني عسكريا. ولم تعرف كيف تخرج منه حتى اللحظة رغم أنها قامت باستعمال أسلحة متطورة وذكية وقصفته بوابل من القنابل المحرمة دوليا. وتجاوزت تكلفة الحرب على اليمن هذا البلد العربي الشقيق أكثر من 150مليار دولار على الأقل تقديرات,فعاصفة الحزم التي ظن الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين. أنها ستنتهي في الخاصرة الجنوبية لسعودية ,امتد لهيبها ليطال بلدانا عربية وإقليمية ,كلبنان وإيران وهذا المرة باستعمال سلاح المال والإعلام ,فتصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية عربيا بدعم خليجي تقوده الرياض وعدم تسليم الجيش اللبناني معدات واليات قتالية, كان سيستعملها في حربه ضد الإرهاب في جرود عرسال وغيرها .وكذلك دعم زعماء محسوبين على التيار السني ويعرف عنهم التشدد اتجاه حزب الله وإيران كالوزير السابق اشرف ريفي في طرابلس,أما على المستوى الحرب مع إيران .فان السعودية وعلى لسان مفتيها العام المقال عبد العزيز أل الشيخ قامت بتكفير كل الشعب والحكومة الإيرانية, وأهدر هذا المفتى دمهم وهذه سابقة في التاريخ لم تحدث قبلا,ولم يفهم العديد من المعارضين لنظام السعودي وعلى رأسهم الناشط الإعلامي والسياسي المنفي غانم الدوسري ,عن سر التحول العميق في الاتجاه الديني السعودي ضد إيران ,فهناك عدة مواد وأشرطة إعلامية, تظهر فرح الملك سلمان في سبعينيات القرن الماضي بزيارة شاه إيران المخلوع والذي كان من أهم عملاء المخابرات الأمريكية في الشرق الأوسط وشرطيهم فيه,وحفاوة الاستقبال التي حظي بها من طرفه ومن طرف أمراء المملكة وملكها آنذاك والذي كان الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله,وكانت العلاقات بين البلدين إستراتيجية .وممتازة على المستوي السياسي والاقتصادي وحتى الامنى,ولم نكن نسمع وقتها عن الخطر الإيراني الشيعي بل لم يكن يجرؤ احد من علماء المذهب الوهابي, على التفوه بكلمة ضد طهران أو نظامها السياسي ولكن بعد نجاح الثورة الإيرانية سنة 1979تغيرت الأوضاع كلية,فالخوف والهستيريا الغربية الأمريكية من تصدير الثورة الإيرانية ,إلى دول الخليج العربي التي ضاق المواطنون فيها بممارسات حكامهم وعائلاتهم وحرمانهم ,من كل حقوقهم القانونية والدستورية على مدى عشرات السنين. وتحولهم كما يقول الدكتور محمد الدليم إلى مجرد رعايا لا قيمة إنسانية لهم بل لا يرقون حتى إلى مرتبة المواطنة الجزئية وليس الكاملة. -الولايات المتحدة الأمريكية التي وظفت النظام في الرياض من اجل خدمة مصالحها الجيواستراتيجية ,رغم كرهها له باطنيا بسبب تشدده الديني وتخلف ورجعيته الشديدة, ولكن كان لابد من دعمه والإبقاء عليه لأنه يؤمن لهم السيطرة على حوالي 90بالمئة من احتياطات المخزون النفطي العالمي, رغم أن العديد من الرؤساء الأمريكيين في فترات زمنية متقاربة ومنهم نيكسون وقبله جون كندى, فكروا أكثر من مرة في قلب نظام الحكم واعدوا بمشورة وزير الخارجية الأسبق .واحد العقول الإستراتيجية في منظومة الحكم الأمريكية هنري كيسنجر خطة لتدخل السريع ,وقت الضرورة واحتلال كافة دول الخليج العربي والسيطرة على مواردها الطاقوية, في حال قيام أي ثورات شعبية قد تهدد المصالح الأمريكية لحيوية هناك,وهذا ما يفسر قيام الولايات المتحدة الأمريكية بعد الغزو العراقي للكويت لتدخل من اجل تحريره في مقابل عدة شروط سرية وقعتها مع حكام الخليج خرجت مؤخرا إلى العلن, وفضحتها وثائق ويكليكس أهمها أن تقوم الولايات المتحدة بعد عملية تحرير الكويت ,بإقامة قواعد عسكرية دائمة لها في كل الدول الخليجية وهى من تختارها وتشرف عليها, فقامت ببناء اكبر قواعدها العسكرية وقواعد الدعم الجوى اللوجستي في الشرق الأوسط ومنها قاعدة العديد القطرية والظهران ,والملك عبد العزيز في السعودية,والشرط الثاني وهو الذي مكن كلينتون الرئيس الأمريكي السابق بعد جورج بوش الأب من إنقاذ الاقتصاد الأمريكي, الذي كان يعانى الركود لسنوات طويلة وبالتالي تمتع الولايات المتحدة الأمريكية باستقرار اقتصادي كبير. أتى لها باستثمارات دولية بلغت العشرات من المليارات سنويا, وهذا بفضل 60مليار دولار التي حصلت عليها من هذه الدول لتغطية تكاليف هذه الحرب .التي لم تكن تتجاوز في الواقع سقف 40مليار دولار,ولكن وكما يقول الدكتور محمد ألمسعري ,فان الولايات المتحدة الأمريكية منذ ذلك الوقت وهى تحكم السيطرة على السياسة الخارجية السعودية ,خاصة والخليجية عامة وتوجهها من اجل خدمة أهدافها الكبرى في المنطقة. ومنها إضعاف إيران وحصارها وإدخالها معها في حرب إقليمية تكون المستفيد الأعظم منها, وذلك من خلال استعمال ورقة الحشد المذهبي الديني السني ,فان نجحت في هذا المسعى وتصوير هذه الحرب على أنها حرب مذهبية دينية بين السنة والشيعة ,فإنها ستقوم بعد ذلك كما هو مخطط له باستعمال هذه الكتلة الدينية السنية المذهبية, وإقناع الرياض التي أصبحت في وضع حرج جدا ولا تحسد عليه بعد قانون جستا,بتوظيفها من اجل إسكات كل من يعارض السياسة الأمريكية, التي ستلبس لبوسا دينيا وهابيا في المرحلة المقبلة عن طريق حليفها التقليدي في المنطقة ,وذلك لضرب كل من يخالفها أو يمس هيمنتها ونفوذها في الخليج العربي, أو المنطقة العربية وتصبح كل الطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى ,كالشافعية والزيدية والجعفرية والمالكية وغيرها محل استهداف,وبعد أن تنتهي من كل هؤلاء سيتم ضرب استقرار روسيا العدو الأول لولايات المتحدة الأمريكية والمهددة لأمنها القومي, حسب أخر وثيقة صادرة عن هيئة الأمن القومي الأمريكية ,وحتى قبل داعش وتصوير الحرب معها على أنها حرب إسلامية سنية ضد الارثودوكسية المسيحية المتعصبة,كما حدث سابقا إبان فترة التواجد السوفيتي في أفغانستان ,ثم عند إضعاف روسيا أو تقسيمها, سوف توظفها لخلق حرب دينية إسلامية ضد البوذيين في بورما ,خصوصا وان الداي لاما يطالب بالانفصال عن الصين التي تعتبر قوة عظمى مرشحة لقيادة العالم. في المرحلة القادمة وتعويض الفراغ الذي سيخلفه التراجع الغربي الأمريكي على كافة المستويات وإصلاح التوازن الجو استراتيجي في ميزان القوة العالمية, الذي يتجه إلى التعددية القطبية وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة الأمريكية ,فمن الأهداف الإستراتيجية الأمريكية العالمية التخلص من المنافسة الصينية العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية أساسا,ثم بعد ذلك ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية, بعد أن تنتهي من تحقيق كل أهدافها الإستراتيجية وكما فعلت مع كل الأنظمة العربية التي خدمتها بالتخلص من النظام السعودي ,وذلك عن طريق الإيعاز لعملائها بالقيام بإحداث تفجيرات إرهابية في المنطقة الشرقية واتهام الشيعة بذلك ,ثم تقوم بالتدخل عسكريا هناك بزعم حماية الأقلية الشيعية فيها والسيطرة على شركة ارامكو النفطية, ثم تقوم بتقسيم المملكة العربية السعودية وإعادة المناطق الجنوبية كجيزان والحائل إلى اليمن .كما كانت في عهد حكم الادارسة سنة 1934,وضم المناطق الشمالية منها إلى المملكة الأردنية الهاشمية الكبرى,وبالتالي القضاء على الدولة التي رعتها ودعمتها طوال 70سنة أو يزيد,وربما تسريب صحف أمريكية مقربة من صناع القرار في البيت الأبيض ,كهرالد ترأبون أمريكان أو واشنطن بوست ,أو غيرها لوثائق تبين مدى التعاون الأمني والاستخباراتي الوثيق الذي بدأت تفاصيله تتكشف شيئا فشيئا بين السعودية وإسرائيل .تصب في هذا المنحى والمسار,وذلك لإفقاد المصداقية السياسية ونزع الشرعية الدينية عن هذه القيادة في الأوساط والنخب المثقفة في السعودية, والعالم العربي والإسلامي,وخصوصا فيما يتعلق بملفات شائكة وحساسة كتحريض السعودية لإسرائيل لإنهاء وجود حزب الله سنة2006,واستعادها لدفع تكاليف الحرب أو الموافقة الضمنية على قصف غزة سنة 2009او 2014.وكذلك المناورات البحرية المشتركة بين البحرية السعودية والإسرائيلية قرب جزيرة تيران المصرية سنة 2014,وقد مثل البحرية السعودية في هذه المناورات العقيد احمد بن صالح الزهراني, أما على الجانب الصهيوني فقد قادها ديفيد سلامي,فالولايات المتحدة التي أطلق رئيسها الحالي باراك اوباما تصريحات نازية ,وغير متوقعة ولم يتلفظ بها أي رئيس أمريكي سابق ,واتهامه صراحة السعودية برعاية الإرهاب الدولي الأصولي المتطرف, وحثها على إصلاح مناهجها التعليمية والتربوية والانسحاب من اليمن, أو الامتناع عن بيعها السلاح بعد مجزرة صنعاء التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء, على اقل تقدير في مجلس عزاء يمني,فالتصعيد السعودي ضد طهران لن يصب إلى في خدمة الأهداف الأمريكية, ولا يغترن حكام الرياض بما يقال في الاجتماعات الدبلوماسية أو الأممية ,وتأكيدات هيلاري كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسيات الأمريكية, لفوز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية,وبعض سيناتورات الحزب الديمقراطي أو الجمهوري المقربين من الملك سلمان كجون ماكين, بان السعودية ستبقي من أهم حلفاء واشنطن, وبأنها ستستمر في تقديم الدعم والحماية الأمنية والعسكرية لها, وبأنها ستمنع أي هجوم إيراني ضدها ,ولن تدفعها بطريقة غير مباشرة إلى الصدام مع الرياض ,لان الولايات المتحدة الأمريكية طوال تاريخها كانت تتعامل بازدراء واحتقار لكل الأنظمة العربية, الديكتاتورية التي خدمتها طويلا ومنها نظام حسني مبارك في مصر ,الذي ضحت به بعد أن تم حرق ورقته واستعماله حتى أخر يوم,قبل خلعه من طرف شعبه فعلى الرياض أن تسعي إلى راب الصدع الداخلي أولا وبالأخص أن الخلافات على منصب الملك .في ظل تقارير طبية تتحدث عن تدهور أوضاع الملك سلمان الصحية وإيجاد صيغة لتقاسم المغانم والسلطة والنفوذ في الدولة بين ولى العهد وزير الداخلية الحالي الأمير محمد بن نايف وبين ابن الملك سلمان وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان,وتغيير الإستراتيجية السياسية والأمنية ,والقيام بإصلاحات جذرية في بنية نظام الحكم ,وتوسيع الحريات الفردية وتطهير السلك الديني والقضائي من المتشددين دينيا . -والسماح بإجراء انتخابات نيابية وديمقراطية يختار فيها الشعب من يمثله, ويعكس أماله ويلبي طموحاته والقضاء على الفساد المالي والاقتصادي المتغلغل داخل الأسرة المالكة, أما على المستوى الخارجي فيجب على المملكة. أن تخفض إنتاجها النفطي إلى الحد الاقصي من اجل رفع الأسعار في الأسواق الدولية, وإنهاء حربها على اليمن فورا ,والتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية في العراق ,وسوريا ,وليبيا ,وكذلك اتخاذ مبدأ الحوار الرزين المتزن مع إيران, بما يخدم الأهداف الإقليمية لكلا البلدين ,ويفتح مجالا لبناء أرضية حوار على أسس مشتركة ووضع الخلافات المذهبية والدينية جانبا ,ووضع في رأس جدول الأعمال الإيراني السعودي مكافحة الإرهاب والاتفاق على آليات إنهاء الهيمنة الأمريكية الغربية ,على الشرق الأوسط وتحرير دول الخليج من الاحتلال الأمريكي الغير مباشر,وأدواتها في المنطقة وأهمها إسرائيل التي يجب على الرياض أن تعلم جيدا بأنها لن تحميها, في وجه أي معتدى,لأنها دولة ضعيفة لم تستطع حماية نفسها من حزب الله أو حماس؟فكيف ستحميها من دولة إقليمية عظمى كإيران ,أو مصر, أو تركيا أو حتى سوريا,ولتضع في حساباتها الإستراتيجية بان مخطط تقسيم المنطقة وتنفيذ رؤية الشرق الأوسط الكبير عن طريق الفوضى الخلاقة كما يري ريتشارد بيرل ,لم تستثنيها مطلقا لأنها بالنسبة لهم دولة عربية إسلامية ,بترولية وتحمل مكانة دينية لا تضاهي في قلوب كل مسلمي الأرض ,وبالتالي القضاء عليها وتفتيتها سيكون على أهم الأهداف الرئيسية ذات الأولوية في أجندات الإدارات الأمريكية القادمة ,طبعا بعد أن يستعملوها حتى أخر رمق كما استعملوا دولا وأنظمة قبلهم ثم تخلوا عنهم بكل سهولة خدمة لمصالحهم.
كاتب جزائري