الذي يجب أن يعرفه الأمريكيون ومن ورائهم أردوغان جيدا أنه لن يجد سوريّاً وطنياً واحداً يقبل أن تكون الجماعات المسلحة بكافة أشكالها وأصنافها في خاصرتنا الشمالية، حتى وإن استمرت الحرب سنوات وسنوات، ومهما كان حجم إستنزافها البشري والمالي، ولو قرأت هذه الجماعات وعملائها الوضع السوري الآن بتمعن وروية لأدركوا أن بقاءهم لن يطول قي بلدنا، الأمر الذي يجعلني أراهن على أن هذه التنظيمات لا يمكن أن تصمد أكثر من ذلك، لأن الدور الأمريكي التركي في سورية بات مكشوف وواضح لدى الشعب السوري، ولِذلك ستحقق سورية النصر المؤزر الكامل، وليس وقف الحرب بصفة جزئية، ثم العودة إليها مجدداً.
منذ بداية الحرب على سورية، انتشرت الشائعات والأكاذيب على نطاق واسع، تخللها البحث عن إنتصارات وهمية، وإختلاق أكاذيب تهدف إلى التغطية على العجز التي ظهرت عليها الدول التي تدعم الجهاديين ومن لف لفهم، ومن جانب آخر، كشفت هذه الحرب عن قوة وإحتراف الجيش السوري والمعلومات الإستخباراتية الدقيقة التي يمتلكها، فهذا الجيش يحقق اليوم التقدم وكسب الأرض تلو الأخرى وهذه المكاسب تعلن عن نفسها يوماً بعد يوم، والتراجع عن النسبة النهائية للنصر الحقيقي أمر غير وارد في القاموس العسكري، لذلك ستكون ساعة الحسم بيد الجيش السوري الذي ضحى بدماء أبنائه الأبرار شهداء على هذا النصر منذ البدء .
في هذا السياق يحرز الجيش السوري بمساعدة حلفاؤه في الميدان انتصارات ملموسة وملحوظة على مرأى ومسمع من كل العالم وليس المراقبين الإقليميين فحسب، إذ يتقدم في معظم المناطق الساخنة مدعومين بسلاحي الجو السوري والروسي، في حلب حقّق الجيش تقدماً جديداً في الأحياء الشرقية للمدينة، وخاصة في الأطراف الشمالية للأحياء الشرقية والشمالية، والشمالية الشرقية التي أصبحت تحت سيطرة الجيش السوري، ويأتي الهدف الأساسي من هذا التقدم فتح طريق جديد الى مطار حلب، فالجيش السوري أعد خطة عسكرية محكمة وكبيرة لتحرير جميع مناطق محافظة حلب من المسلحين، فأصبحو محاصرين في بعض مناطق حلب من جميع المحاور، ولدى الجيش السوري مفاجآت لهم لن تطول زمن مباشرتها ولا زمن حسمها، فهذه المعركة ونتائجها ستضع حداً لإرهانات أمريكا وتركيا وحلفاؤهم في المنطقة وستشكل النقلة الكبيرة في القضاء على الإرهاب في حلب، كما أن هناك أنباء تتوارد عن انهزام الصف الداخلي للمتطرفين بكل عناصرهم وآخرها، ولن تكون الأخيرة بالطبع، هي عملية إستسلام المسلحين في مدينة حلب، وهذه دلالة قوية ومؤشر واضح على تدهور أوضاعهم واستسلامهم، مما ينعكس إيجاباً على الحياه العامة وعلى المواطنين بالعودة إلى حلب التي هجروا منها قسراً، والعمل على تأهيلها وإعادة الاستقرار لها.
واشنطن دسّت أنفها في الملف السوري، ولم يتوقف أوباما عن محاولة العودة من الهوامش الى قلب الصورة، والايحاء للآخرين بأنه ما يزال اللاعب الرئيسي على الساحة السورية ،وتكمن مشكلته في أنّه وضع نفسه في خدمة مشروع تقسيم وتدمير سورية الذي لا يخدم سوى داعش ومن على شاكلة داعش، هذا المشروع مصيبة كبرى كونه يوفّر حاضنة لكلّ قوى التطرّف، وبصرف النظر عن التهويل الأمريكي بتدخل عسكري، فإن بوادر هذا التدخل لم تظهر بعد، فـي حين ان العارفـين بطبيعية سورية، وبالتجارب العسكرية السابقة يؤمنون بأن تحقيق الانتصار فـي عملية عسكرية كهذه يبدو صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، ولهذا السبب، فإن أمريكا تتعامل مع موضوع التدخل العسكري الشائك بكثير من الحذر، قد يتحول هذا التدخل العسكري الى مستنقع مكلف جدا لواشنطن وأعوانها.
اليوم تجدد أوهام الجماعات المتطرفة في استعادة مكانتها، وتحلم بأن يمنحها فوز هيلاري كلينتون في الانتخابات فرصة جديدة لاستعادة مكانتها، عندما تعطي مخطط الفوضى الخلاقة دفعة جديدة، لأن كلينتون أكثر حماسا لهذا المخطط، بالتالي هذا التصور الخاطئ سرعان ما سيتبدد رغم الفرص القوية لفوز هيلاري، لأن المخططات الأمريكية سريعة التغيير والتبدل، خاصة في ظل الأحداث المتسارعة في المنطقة، وأن ساسة أمريكا اعتادوا التضحية بأقرب أتباعهم، عندما تنتهي أدوارهم، وأن أدوار داعش وأخواتها توشك على الإنتهاء في سورية، فضلاً عن إدراك الغرب أن ميزان القوى فى العالم تغير بسبب ازدياد القوة العسكرية الروسية وازدياد عزمها على استخدام هذه القوة، وفى الوقت الذى ترى فيه واشنطن أن النظام العالمى الجديد يعنى تربعها على عرش العالم كقوة وحيدة، ترى موسكو أن النظام العالمى الجديد يعنى تعدد الأقطاب والقوى.
لم تعد الأمور بحاجة لوقت، فلو كان لأمريكا وحلفاؤها اي قدرة على تغيير مجريات الميدان لصالحها في سورية لحصل ذلك في ذروة عدوانها، برغم إرتكابهم كل الجرائم بدءاً من السيارات المفخخة وصولاً إلى حفر الأنفاق إلا أن هناك إرادة حديدية جسدها كل مقاتل من أفراد الجيش السوري وذهبت جميع محاولاتهم للنيل من صمود الجيش السوري أدراج الرياح ولم يحصدوا إلا الخيبة والهزيمة أمام الإيمان المطلق لتحقيق النصر النهائي بدحر الإرهاب عن الدولة السورية .
مجملاً....انتصرت حلب، وخرجت أمريكا ووكلائها المحليين والإقليميين مهزومين رافعين الراية البيضاء، وخرج كل من تواطأ معهم من العرب، ولم يستطيعوا هزم سورية، فانتصرت سورية برجالها وخسر أعدائها، وبذلك حل موسم الخريف بزمن الجهاديين والجماعات المسلحة وأعوانها فتساقطت أوراقهم ولم يتبق لهم سوى ورقة الأموال التي بدأت بالإصفرار، فكانت خياراتهم تدخل نفقاً طويلاً من الخيبات، بعد ان سد الجيش بوجههم كل السبل، إذاً هي معادلات جديدة رسمتها دمشق لتحقيق النصر، و فشلت واشنطن ومن معها بإخضاع دمشق أو تحقيق أي نصر يذكر على جيشها، ليتوصلوا أن من يقف وراء هذا الصمود جيش كبير يواجه هذه الحرب التي تشن عليه.
khaym1979@yahoo.com
حلب تربح الرهان... ومطارها يستعد لإستقبال العائدين
2016-10-16
بقلم: الدكتور خيام الزعبي