2025-05-22 03:16 م

جيش الفتح يبدأ معركته...والجيش السوري بالمرصاد

2016-10-28
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
معارك غير مسبوقة بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، ومجموعات المسلحين الذين يقودهم تنظيم فتح الشام "جبهة النصرة سابقا " من جهة أخرى على جبهات حلب، هناك خسائر بشرية ومادية تكبدتها هذه المجموعات في معاركها مع الجيش السوري عادت عليهم بالهزائم والإنكسارات، وهجومها على عدة مواقع انتهت جميعها بالفشل والقتل لهذه المجموعات، مما ينذر بأن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة. منذ إحكام الطوق حول حلب والجماعات المسلحة تحاول أن تخرج من الواقع الذي فرضه الجيش السوري، فقد أطلقت اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات معركة كسر الحصار عن مدينة حلب بـ"غزوة أبو عمر سراقب" وتعد هذه ثاني محاولة تقوم بها الجماعات لكسر الحصار في حلب، وعلى المواقع نفسها، بدأ إعلان إنتصارات مزعومة والحديث عن تقدم باتجاه مواقع ونقاط انتشار الجيش السوري في مختلف أحياء حلب، فشنت المجموعات المسلحة هجوماً عنيفاً من جهة حي جمعية الزهراء غربي حلب ومن جهة ضاحية الأسد ومن جهة معمل الكرتون ومبنى الفاميلي هاوس على أطراف حي حلب الجديدة ، كما إستهدفت هذه مطار النيرب العسكري بعشرات الصواريخ من طراز غراد ومواقع أخرى قرب قاعدة حميميم جنوب شرقي اللاذقية، في إطار معركة كسر الحصار عن الأحياء الشرقية من مدينة حلب. ويؤكد المراقبون والمحللون للمشهد الميداني في حلب وريفها، أن معركة المجموعات المسلحة صعبة المنال، اذ يتحتم على مليشاتها لتحقيق أهدافها، السعي للسيطرة على عدة نقاط حيوية من بينها، كلية المدفعية، والكلية الجوية، وأكاديمية الأسد للهندسة العسكرية، ومطار نيرل العسكري، وهو ما لا يبدو متاحاً في ظل الحضور الجوي السوري - الروسي المتقدم على ساحة المعركة، فهناك غارات مكثّفة للطائرات الروسية والمروحيات السورية على خطوط الخلفية للمسلحين في مختلف مناطق حلب، إضافة إلى إستهداف مواقع حسّاسة للمسلحين والتي دٌمّرت بشكلٍ كامل، كما أن شراسة المواجهة والقصف العنيف بالمدفعية والراجمات السورية خلّفت مئات القتلى والجرحى في صفوفها وبينهم قادة للمجموعات المتطرفة. في سياق متصل إن تواصل الجماعات المسلّحة محاولاتها لتغيير المعادلة الميدانية عبر فتح جبهات عدّة تهدف للتمّدد والعودة إلى مرحلة ما قبل سيطرة الجيش السوري على عدة مناطق في حلب، إلا أن الجيش السوري نجح في إمتصاص الزخم العسكري لهذه الجماعات على أكثر من محور، محبطاً هجومها من كافة الجهات والمحاور، فالاستراتيجية التي اعتمدتها هذه الجماعات هي تخطيط أمريكي غربي مشترك وغرفة عمليات مشتركة لأن أمريكا تعلم أن معركة حلب هي معركة فاصلة في مسار الصراع في المنطقة، لذلك تتعمد واشنطن بشكل مستمر، والعديد من وسائل الإعلام العربية إلى التضليل، و المطالبة بهدنة تحت ذرائع إنسانية، وبغية إنقاذ هذه الجماعات قبل أن تلفظ أنفاسها وتقضي ساعاتها الأخيرة. مما لا شكّ فيه أن الجماعات المسلحة وأعوانها لن تتخلى عن المدينة نظراً لإستراتيجيتها في الأزمة السورية، لذلك قد تكرّر هجماتها بشكل مستمر مستخدمة كافة الوسائل الحربية كالغازات السامة لأهداف إعلامية، والسيارات الإنتحارية ، وفي المقابل، لن يرضى الجيش السوري وحلفائه بالتخلي عن الإنتصار الذي حققه في مختلف مناطق حلب، لذلك فإن إستراتيجية الجيش السوري في مواجهة عملية ما يسمى بـ"فك الحصار" لن تقتصر على حدود المدينة، بل يقوم الطيران الروسي والسوري بإستهداف التعزيزات القادمة من محافظة إدلب والمناطق الأخرى وتدميرها بشكل كامل. وعن أهمية معركة حلب، تعتبر حيوية ومفصلية للحكومة السورية وتأتي كأهمية سياسيّة لتكون ورقة ضغط قويّة تمارسها على المعارضة المسلحة السوريّة والدول الداعمة لها،، أما بالنسبة للمسلحين فهي معركة هامة جداً، فخروج حلب من أيديهم يعني إنكشاف ظهورهم حتى الحدود التركية، ويعني قطع خطوط الإمداد الرئيسية لهم، ما يعني أنهم سيخسرون ويهزمون في وقت قصير. مجملاً....إن التقدم الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب، بات من الواضح أن المسلحين، قد واجهوا خطر الإنهيار الكامل، إلا إنهم تلقوا أوامر بالتحرك لإفشال عمليات خروج المدنيين من المعابر الإنسانية التي فتحها الجيش السوري، والعمل على تحويل ما يحصل في حلب إلى حدث إعلامي وسياسي كبير يهدف إلى منع تحول التقدم الميداني العسكري إلى رصيد سياسي، وبالتالي فإن التطورات الميدانية والانتصارات المتلاحقة وما يصاحبها من إنهيار عند المسلحين وإحكام السيطرة على أحياء شرقي حلب وصمودها أسقط جميع المشاريع والتحالفات التي تستهدف تقسيم سورية والمنطقة بأكلمها، وبإختصار شديد يمكنني القول إن معركة حلب تعتبر من أصعب المعارك في سورية، ويمكن اعتبارها ساحة مصغرة للصراع الإقليمي والدولي، فهي التي تحدد مستقبل سورية وترسم خارطتھا، فتداعياتها لن تقف عند تحديد دفة الصراع ووجهته بين المجموعات المسلحة والجيش السوري فحسب، بل ستتجاوز ذلك إلى التأثير المباشر على العديد من المعادلات الإقليمية الحساسة في المنطقة.