أميركا وبريطانيا وفرنسا كدول غربية ، وتركيا ، والسعودية ، وغيرهما من الدول الدائرة في نفس الفلك ؛ كلها تتحدث عن استعدادها ل " تحرير" الرقة من الدولة الإسلامية . وأميركا صرحت عن نيتها إشراك أهل الرقة في التحرير ، واللواء أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي أعلن استعداد بلاده للمشاركة في تحرير المدينة إذا ما طلب منها ذلك ، وتركيا ملتهبة الحماسة لهذه المشاركة ، نفس حماستها للمشاركة في تحرير الموصل رغم الاعتراض العراقي . سوريا التي تعد الرقة إحدى مدنها السيادية هي الوحيدة التي لا يريد هؤلاء " المحررون " إشراكها في تحرير مدينة هي أولى منهم جميعا بتحريرها . استبعادهم سوريا من التحرير الذي يزعمونه يعري حقيقة نواياهم إن كانت بقيت لهم نوايا لم تتعرَ حتى الآن . هؤلاء المحررون المنافقون شاركوا جميعا في مأساة سوريا باصطناع الظروف التي أوجدت الدولة الإسلامية بتدمير الدولة العراقية في العدوان الأميركي _ البريطاني في 2003 ، وتوفير المال والسلاح والتسهيلات اللوجستية لتنظيم الدولة الإسلامية . وكل دولة من هذه الدول لها أهدافها الخاصة إلى جانب الأهداف المشتركة التي تجمعها ، والمتركزة في إزالة سوريا كدولة واحدة ، وإحباط المطامح الروسية والإيرانية في المنطقة . إيرانياً ، تريد قطع أي تواصل جغرافي عبر العراق مع سوريا بالاستيلاء على الرقة وعدم إعادتها إلى الدولة السورية ، وروسياً ، تريد منع توسع النفوذ الروسي في المنطقة . لو كانت هذه الدول تريد صدقا تحرير الرقة لنسقت مع سوريا وروسيا . وفي الأخبار أنها تسهل انتقال مقاتلي الدولة الإسلامية من الموصل إلى الرقة ، وهذا يعني أنها تتظاهر بتحريرها ، وأنها تخطط لتحويلها إلى مركز انطلاق معاد للدولة السورية وحلفائها الروس والإيرانيين وحزب الله . ويمكن القول إن المصير الذي يعدونه للموصل التي تتظاهر أميركا ودول التحالف الستيني ( ... ) بمساعدة العراق في تحريرها ؛ لن يختلف جوهريا عن مصير الرقة إلا في التفصيلات النابعة من ظروف كل مدينة وعلاقتها بالوطن الأم . أليس مريبا أن تكثر بعض هذه الدول من الحديث عن مصير انتماء الموصل بعد تحريرها ؟! الطبيعي ألا يكون حديث من هذا النوع بما أنها جزء من وطن ودولة مهما كانت حالهما من التمزق ، وإذا كان هذا ما يبيتونه للموصل التابعة للعراق الذي تدعي أميركا وتحالفها صداقته ومساعدته ؛ فما الذي يبيتونه للرقة التابعة للدولة السورية التي يعادونها ويعادون حلفاءها ؟! 37 عاما والمحنة الأفغانية في فوران دموي ، ولأميركا في هذه المحنة أسوأ دور ، والمتوقع أن تفعل مع حلفائها بالعراق وسوريا من خلال الموصل والرقة أسوأ وأطول مما فعلته بأفغانستان . ولا أمل لسوريا والعراق ، ولا فرج لمحنتهما ، محنة كل العرب الشرفاء ، إلا بإحياء الوحدة الوطنية في كل بلد منهما ، وتوحيد قدراتهما معا ، والتعاون مع من يناصرهما من قوى خارجية ، لمواجهة كل مخططات أميركا وأتباعها ضدهما . أميركا لا تجلب إلا الخراب لكل من يبتلى بها ، ولا خير فيها حتى لمن تزعم صداقتهم ، والوحيدة التي استطاعت أن تقلب هذه الخاصية الأميركية الشريرة هي إسرائيل لما لليهود من هيمنة في أميركا متعددة المصادر حتى قال شارون صادقا إن إسرائيل تحكم أميركا ، وأميركا تقر بذلك .
أعداء سوريا يستثنونها من " تحرير " الرقة
2016-10-29
بقلم : حماد صبح