كنت أحد المتابعين للأزمة السورية، لم أشك لحظة واحدة طيلة سنوات قاربت على الست، من أن النصر حتمي للدولة السورية، والدليل على ذلك مواصلة الشعب السوري وجيشه صمودهم ووقوفهم بحزم وبقوة في وجه العدوان ومن معه من شرذمة المرتزقة... ليقولوا للدواعش ومن إصطف معهم، إننا هنا صامدون وواقفون أمام كل من يريد العبث بمدينتنا حلب ووطننا سورية.
اليوم يحظى ملف سورية بإهتمام بالغ في الأوساط العربية والدولية، لما له من إنعكاسات مباشرة على المنطقة، وما زالت معركة حلب تشغل إهتمام وسائل الإعلام العالمية، كونها تشكل منعطفاً مفصلياً في مقاومة الجيش السوري للدواعش والقوى المتطرفة الأخرى، وتعد ضربة للمشروع الأمريكي- التركي - الإسرائيلي الراعي لـ"داعش" وأخواتها، فقد قام أكثر من 16 ألف مسلح من "جيش الفتح" بإنطلاق عملية ذات أربع مراحل التي تسمي بـ "ملحمة حلب الكبرى" بهدف احتلال أكاديمية الأسد جنوب غرب حلب أثناء مرحلتين الأولى والثانية وشن الهجومات الإضافية على طريق حلب في المرحلة الثالثة ورفع الحصار عن حلب في المرحلة الأخيرة، لكن كل هذه المراحل فشلت وأخفقت في تحقيق أهدافها العسكرية برفع الحصار عن المناطق المحاصرة في شرق حلب، من خلال صد القوات السورية جميع هجومات لـ "جيش الفتح" من ثلاثة اتجاهات: الراموسة وأكاديمية الأسد ومبنى كلية المدفعية.
بذلك يكون الجيش السوري وحلفاؤه قد أحرزوا في الفترة الأخيرة نجاحات جدية في محاربة الجماعات المسلحة وحلفاؤها في مدينة حلب وفي نفس الوقت قد أفشلوا خامس وأضخم هجوم تشنه هذه الجماعات خلال أسبوع على الأحياء الغربية في حلب، ولدى احساسها بالفشل استهدفت المناطق المحيطة بساحة المعركة بمئات القذائف المتفجرة بعضها يحوي غازات سامة والتي إستشهد من خلالها عشرات المدنيين، وذلك عشية هدنة من عشر ساعات أعلنتها موسكو ودمشق في وقت واحد.
هناك رسائل عديدة بعثها الرئيس الأسد لتطمين أهالي حلب بالنصر ورفع العلم السوري في كل أحياءالمدينة قريباً، وإعادة الحياة الى كافة المدن واستعداد الحكومة لمعالجة المظاهر السلبية والدمار من خلال فرق جاهزة للعمل المباشر بعد طرد الدواعش وأخواتهم، ويتضح ذلك من خلال قوله: "إن الانتصار في معركة حلب، سيمهد الطريق لإستعادة السيطرة على بقية مناطق البلاد"، كما أكد إنه لا خيار إلا مواصلة تنظيف المنطقة، ودفع المعارضة المسلحة للعودة إلى تركيا، كما أكد الأسد أن حماية المدنيين في حلب تتطلب التخلص من الإرهابيين وهذه مهمتنا طبقا للدستور والقانون.
إن نبرة الكلام الذي تحدث بها الرئيس الأسد تعبر عن وعي كامل في قراءة خطر التطرف والإرهاب وأصحاب الأفكار الإقصائية والدموية التي تقودها التنظيمات الجهادية والتكفيرية، ذلك الكلام جاءت ترجمته في عمليات نفذت على مستوى عال من التنسيق بين الجيش السوري وحلفاؤه، خطوات سريعة في تحرير العديد من القرى والتحرك بشجاعة لتنفيذ الأهداف المرسومة التي وضعها الجيش السوري، بكل حزم ودقة تفوق على ما سبقه في المعارك السابقة في حلب، فهذه المعركة ونتائجها ستضع حداً لرهانات أمريكا وحلفاؤها وستشكل النقلة الكبيرة في القضاء على الإرهاب وتطهير جميع الأراضي السورية من براثينه وأحقاده.
في الاتجاه الآخر أشار وزير الخارجية السورية وليد المعلم خلال رده على سؤال متى يمكن أن تنتهي المعارك في حلب، فأجاب: إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية لانتهاء المعركة في حلب إما باستسلام المسلحين، أو مغادرتهم شرق حلب، أو بقتلهم في حلب، ومن جهة أخرى، أكد المعلم إن الجيش السوري سيستمر في قتاله للمسلحين في حلب إن قرروا الإستمرار في قتال الجيش، وذكر أن دمشق عرضت عليهم الخروج إلى أي وجهة يريدونها وقد تكفلت دمشق بحمايتهم وتأمين الطرق لهم، لكنهم رفضوا ذلك، وقال المعلم إن قرروا البقاء دون سلاح في حلب فهذا شأن آخر.
كل هذه الهزائم لأمريكا وحلفاؤها, يجعلنا متأكدين, إن المشروع الأمريكي- الغربي في سورية سيفشل, حاله حال مشاريعهم الفاشلة, إذا ما تأكد الأمريكان وأزلامهم, إن أرض سورية ليست رخوة كما يظنون, بل تستمد صلابتها وقوتها, من صلابة شعبها وجيشها, فتنظيم داعش وأعوانه المتورطين زائلين لا محال، فانتصارات الجيش السوري تسطر يومياً بطولات تلو بطولات، وإن ما حصل في الأيام الأخيرة من إنتصارات يدل على المعنويات العالية التي تمتلكها قوات الجيش، فحلب وحماه وريف دمشق ودرعا ومناطق اخرى كثيرة تشهد لهذه الإنتصارات، وقريبا يأتي اليوم الذي تكون فيه سورية خالية تماماً من المتطرفين الذين أتو من كل حد وصوب.
وأخيراً أختم مقالي، بالتأكيد إن ما نراه من إصطفاف وتوحيد للكلمة من قبل أبناء مدينة حلب يدل على إيمان وعظمة وصمود هذا الشعب ووفائه لمدينته وإفشال مخطط قوى الشر والعدوان التي تتربص بالسوريين، وأن أهالي حلب أوفياء لمدينتهم ومستعدين في كل الأوقات والأزمان تقديم التضحيات من أجل الدفاع عن المحافظة وتحريرها من دنس الدواعش وأخواتهم، وبذلك يصبح حلم دولة الخلافة قد تبددت وتلاشت في وطننا الكبير سورية، وفي الوقت ذاته أصبح هذا الشعب قادراً على رمي الرايات السوداء، ورفع بدلاً عنها العلم السوري الذي يجمع كل السوريين، وسنرى قريباً جداً مشهد حلب يتكرر في المعارك اللاحقة لتطهير سورية من المجموعات الإرهابية بجميع أشكالها وألوانها.
Khaym1979@yahoo.com