اليوم تتجه أنظار السوريين تجاه مدينة حلب، وذلك بعد إعلان الجيش السوري وحلفاؤه أن معركة تحريرها باتت قريبة، ومدينة حلب من أهم المحافظات السورية، لما تمثله من ثقل سكاني وإقتصادي وموقع إستراتيجي مهم لذلك لها أهمية كبرى في معادلة الحرب القائمة، وتحريرها دون شك سيؤثر إيجاباً في التسريع بخطوات وجهود تحرير المناطق الأخرى من سورية.
أيام حاسمة في حلب, ساعات عصيبة ومؤلمة على المسلحين بعد أن تقدم الجيش السوري في معظم الأحياء التي كانت تحت سيطرتهم، حتى الأن تشير الأخبار المؤكدة بأن مدينة حلب ستشهد معركة الفصل وأن تحريرها بات قريباً، وأن حلب لن تقبل بأقل من دحر كل التنظيمات المسلحة والمتطرفة والإنتصار عليها، فالأحداث والوقائع الميدانية تشير إلى إنهيار كبير بين صفوف هذه التنظيمات، يقابله صمود الشعب السوري وإصراره على تحرير حلب من الإرهاب وتحطيم كافة أوهام الخلافة في المنطقة، ، ما يؤشر إلى مرحلة مفصلية سوف يشهدها الميدان السوري هذه الأيام.
حصيلة المواجهات كانت هي الأخرى شديدة وكبيرة في صفوف المسلحين والذين وصل عدد القتلى الى المئات ومقتل أهم مقاتليها وقياداتهم, ما دفعهم كما هي العادة الى استهداف السكان المدنيين بشكل عشوائي والذي تسبب في إستشهاد عدد من المواطنين الآمنين.
ويبدو أن الكيفية التي سيتم تحرير حلب بها ستكون مفاجئة للجماعات المسلحة وداعميها، إذ أكدت مصادر عسكرية أن هناك خططاً تم إعدادها بدقة مسبقاً، وتحضيرات واسعة سيشارك فيها حلفاء سورية سواء كانوا من الروس أو الإيرانيين أو المصريين بشكل فعال، التي ستجري في أكثر من محور وأكثر من جهة، استعداداً للهجوم الشامل على محافظة حلب، وأكدت المصادر ذاتها أن العمليات العسكرية تمضي بخطى ثابتة نحو الهدف المخطط له من القيادة العليا للجيش السوري بالتنسيق مع هؤلاء الحلفاء لاسيما بعد تحرير مواقع إستراتيجية عدة قريبة من حلب خلال الأيام الماضية، وبالتالي كل هذه الإنجازات ستغيّر كافة الموازين العسكرية على الأرض لصالح الجيش السوري.
في الاتجاه الأخر تستمر موسكو بحشد تعزيزات عسكرية غير مسبوقة في البحر المتوسط ومؤخراً إنضمت فرقاطة "المزودة بصواريخ عابرة للقارات من طراز كاليبر"، إلى مجموعة السفن الحربية المتجهة إلى شواطئ سورية، خاصة بعد فشل هدنة حلب، والتي حملت روسيا من سمّتهم بالإرهابيين في حلب مسؤولية إفشال هذه الهدنة ومنع المدنيين الذين تحوّلوا رهائن عند المسلحين من مغادرة المدينة، لذلك توعّدت موسكو للإرهابيين بأنهم سيدفعون ثمن مواصلة هجماتهم على المدنيين في غرب حلب وإفشال مساعي التهدئة هناك.
اليوم باتت تحركات ما يسمى بجيش الفتح عسكرياً ضعيفة جداً بل وباتوا في موقع الدفاع وليس الهجوم مما يجعل سيطرتهم على مواقع جديدة في حلب شبه مستحيل بحكم خسارتهم اليومية التي على إثرها أصبحت تحركاتهم تقتصر على نشر الفوضى ومحاولة إرباك الوضع في المناطق التي تم تحريرها من قبضتهم، لذلك تبدو الأوضاع في حلب في تطور مستمر وتسارع في الأحداث والوقائع الميدانية والعسكرية, فالجيش السوري حاول أن يستفيد من الحالة النفسية المنهكة للمسلحين والذين يحاولون من أن يجعلوا من حلب ورقة للتفاوض الأمر الذي ترفضه سورية بشكل مطلق.
باتت عملية تحرير حلب من سيطرة الجماعات المسلحة وشيكة، بعد العمليات الناحجة التي قام بها الجيش السوري وحلفاؤه من محور المقاومة، بمساندة الطيران الروسي السوري، في تحرير العديد من المدن السورية التي وقعت تحت يد داعش وأخواتها، في هذا الإطار يعتبر تحرير حلب بداية التحول الحقيقي على الأرض لتفتيت المناطق التى يسيطر عليها داعش وأخواتها وتحويلها إلى جيوب تسهل محاصرتها ومن ثم القضاء عليها بشكل كامل بعد قطع خطوط الإمداد من الحدود التركية، لذلك فإن كل هذه الإنتصارات قلبت الطاولة على أمريكا وتركيا وحلفاؤهم بما عليها من إستراتيجيات ومخططات، وفي الوقت نفسه تنتظر الوحدات العسكرية بكافة فئاتها في الميدان تحديد ساعة الصفر التي سيعلنها القائد العام للقوات المسلحة، لتحرير كامل مدينة حلب وباقي الأحياء و المدن الأخرى.
أختم مقالي بالقول، إن حلب اليوم تصنع تاريخها من جديد، على يد أبنائها وجيشها لتهزم التطرف والإرهاب، وهي تخوض مختلف الجبهات نحو التحرير الكامل الذي يتوقع خلال الأيام القادمة، وسيمثل ذلك إنكساراً كبيراً في صفوف المسلحين، لن يتوقف على مدينة حلب فقط، بل سيصل صداه إلى بقية المدن والمحافظات الأخرى، وستكون هذه المدينة شرارة الإنتصارات ومهد التحولات الكبرى، وستشكل مستقبل المنطقة والعالم بأكمله.
Khaym1979@yahoo.com