كفلسطينيين بشكل خاص، لا يعنينا كثيراً من هو الاسم الجديد الواصل للبيت الأبيض، لأنه مهما كانت تلك الشخصية جمهورية أم ديمقراطية جدلية أم متزنة، فإن الثابت الوحيد في سلوكها تجاه قضيتنا ونضالنا وتضحياتنا هو الانتصار للكيان الصهيوني واستمرار دعمه سياسياً وعسكرياً، كل التخوف الذي أبدته وسائل الإعلام الإسرائيلية مما سمته وتحديداً يديعوت أحرنوت بالألغاز والتصريحات الانفعالية لترامب، رافقته بصورة مباشرة بما يثلج الصدر الإسرائيلي، والتأكيد على أن ترامب لن يبخل يالانتصار " للدولة العبرية " مشيرة لشبكة علاقات اجتماعية واقتصادية واسعة تربط الرئيس الجديد باليهود ولاسيما صهره اليهودي وكذلك العلاقة المميزة التي تربط والد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي.
في الملفات الأخرى فإن الظاهر من تصريحات الرئيس الجديد، قد يشي بتحول قد تصيغه الإدارة الأميركية الجديدة ولاسيما في الملف السوري ليس من باب الانكفاء عن التدخل في شؤون الدول وفرض الهيمنة، بل لأن الرجل بات مقتنعاً على المستوى الشخصي بعقم وعبثية وكارثية المواجهة الدولية الحاصلة اليوم وقد قالها في إحدى مناظراته مع كلينتون بأن المواجهة اليوم لم تعد مع الدولة السورية فقط بل مع إيران وروسيا منتقداً كلينتون بوصفها وسلوكها مع الرئيس الروسي والذي لن يمكنها من فتح حوار فيما لو وصلت لسدة الرئاسة.
النقطة الأهم في اعتقادنا هو شكل البناء الجديد للادارة الأميركية الجديدة التي سيشيده ترامب، ومن هي الأسماء المطروحة والتي سيكون لها تأثير في رسم السياسة الأميركية الخارجية، وتحديد ماهية السلوك الأميركي ومساراته خلال الفترة القادمة، إن كانت نحو التصعيد أو استيلاد التوافقات، قيل عن طرح اسم نيفين غينغريتش وجون بولتون لمنصب الخارجية إذ عد الأول أن لا وجود لشيء اسمه شعب فلسطيني، بينما أيد الثاني توجيه ضربة عسكرية للجمهورية الإسلامية، فيما تم الحديث عن ترشيح رودي جولياني لمنصب وزير الدفاع المعروف بولائه وصداقته التاريخية للكيان الصهيوني، نحن هنا لا نتحدث عن موقف هؤلاء من القضية الفلسطينية بقدر ما نسرد العقلية والذهنية لأسماء الطاقم الإداري الذي سيكون مؤثراً ومحورياً لقيادة المرحلة المقبلة.
نأمل أن تترجم أقوال السيد ترامب إلى أفعال لجهة أولوية محاربة الإرهاب والقضاء عليه وليس احتوائه، وأن تكون تطلعاته للسلام والتوافقات في الشرق الأوسط تطلعات صادقة، مع أننا على المستوى الشخصي لا نثق بأميركا التي جبلت بالعنجهية والتسلط وإذكاء الفوضى، وكلنا يذكر الكلام المعسول لأوباما ونفس التطلعات التي يبديها اليوم ترامب للسلام، قد أبداها أوباما ولم تكن النتيجة إلا عكسية لجهة الدمار والخراب والاقتتال الذي عمّ الشرق الأوسط والمصنوع على العين الأميركية، فهل يكمل ترامب المشوار لجهة النفخ في النيران وتأجيج الرياح ، أم ثمة فرصة ومساحة لصياغة التعقل والحكمة في التعاملات الدولية والحصاد السياسي التوافقي، الذي سيجعل من ترامب الأول في إحداث زلزال في السياسة الخارجية الأميركية؟
أعتقد أننا لن نحتاج وقتاً طويلاً لمعرفة ذلك.
* كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com