2025-05-21 11:06 م

هل يحلم اردوغان بسلطنة جديدة يعبدها على حساب أرض الرافدين

2016-11-26
بقلم: عميرة أيسر
تعتبر الخطوة التي قام بها رجب طيب اردوغان باعتباره رئيس الجمهورية التركية والتي بعث فيها بقوات تركية إلى "مدينة بعشيقة"، في الموصل التابعة لإقليم محافظة نينوى وهذا الإجراء الذي اعتبره "رئيس وزراء الحكومة المركزية" في بغداد انتهاكًا واضحًا لسيادة العراقية ،وتعديا صارخًا على "الأمن القومي" لبلد "عضو في الأمم المتحدة" فيما اعتبرت تركيا على لسان أحمد داوود أغلو رئيس الوزراء السابق. أنَ ما جرى كان بعلم وموافقة "حيدر ألعبادي" وبأنَ القوات التركية هناك محدودة العدد والعتاد، ومهمتها فقط تنحصر في تدريب القوات الكردية المحلية هناك في مواجهة التنظيم الماسوني الصهيوني المسمي بداعش ، "فرئيس - إقليم كردستان" المنتهية ولايته ."مسعود البر زاني" كان على علم بهذا وهو من سهل دخول القوات التركية بل ودعمها لوجستيًا ،ووفر الغطاء السياسي لها فيما أكد: "محافظ نينوى" السابق "أثيل النجيفي" أن هذا الإجراء كان بعلم رئيس وزراء العراق، وأنَ الأتراك لم يخرقوا السيادة العراقية بل هم في مهمة لحمايتها، وهذا ما أكدته النائبة الكردية عن "حزب الديمقراطي الكردستاني" السيدة "بيرون خيلاني" ،وأن الإتفاق كان قبل عام من ألان. - فالأتراك حسب قولها متواجدون في 3 قواعد عسكرية عراقية واستغربت ما قاله ألعبادي واعتبرته محاولة منه لتهرب من تحمل مسؤولياته اتجاه محاربة الإرهاب في "محافظة نينوى العراقية" ،فيما طالبت السيدة "عهود الفضيلي" بإلغاء كافة الاتفاقيات التي تمس بالسيادة العراقية من أجل عدم تكرار ما حدث ،ويبدو من خلال التصريحات النارية للسيد حيدر ألعبادي أنه سيمضي بعيدًا في الملف ،وأمهل أنقرة أقلَ من 48 ساعة قبل أن يتوجه إلى مجلس الأمن الدولي من أجل حل القضية أمميًا. - فيما ردت أنقرة بأنها لن تسحب قواتها من هناك في تصعيد شديد اللهجة فيما اعتبر مراقبون أن اردوغان يحاول كسب جولة ضد العراق ،وحكومته الاتحادية في حلبة الصراع الغير مباشر بينه وبينَ إيران في المنطقة. - إذ معروف تاريخيًا بأنَ الأتراك لازالوا يعتبرون مدينة الموصل ،وأجزاء من شمال العراق مناطق نفوذ للإمبراطورية العثمانية التي سقطت بعد الحرب العالمية الأولى و إثر معاهدة فرساي سنة 1919 ،والتي أنهتها كليةَ ولم يعد لها وجود وظيفي بعد عام 1923،هذا الأمر أراد اردوغان في ظل الانقسام العميق بين مُختلف الكتل والأحزاب السياسية العراقية إحياءه ،هذا الوضع الذي جعل العراق منقسمًا على ذاته وضعيفًا إلى حد كبير وهذا ما أثار الإطماع التركية التوسعية الإمبراطورية من جديد في ظل عقلية طائفية سياسية طغت منذ سقوط بغداد سنة 2003 على يد القوات الأمريكية على المشهد السياسي ،والديني فيها وحسب رأي المحلل السياسي العراقي "السيد هيثم هادي- إلهيتي" فإن كل الأحزاب السياسية العراقية سواء العربية ،أو حتى الكردية لها مصالح وطيدة بل وتمول ،وتسير من طرف تركيا ،وإيران وذلك في تجاهل تام "لحكومة بغداد الاتحادية". - فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان عندما أراد مناقشة ما جري مؤخرا على الساحة العراقية اتصل بحسن روحاني في طهران ولم يعر ادني اهتمام لعبادي أو أي مسئول عراقي في الحكومة ،أو الأجهزة الأمنية وهذه رسالة واضحة المعالم تقرأ داخليا وخارجيا بأن تركيا تعي جيدا بأن العراق لم يعد سيد نفسه كما كان قبل سنة2003 ،أي قبل الاحتلال عندما كان الشهيد صدام حسين رحمه الله أو هكذا أشيع في وسائل الإعلام في ظل أشرطة وإنباء تتحدث على أن من اعدم يومها شبيهه فصدام الحقيقي حي يرزق وهو من يقود العديد من العمليات التي تجري في العراق، أو المنطقة ولكن كل ذلك تكهنات في ظل غياب صورة له حديثة تظهر أنه على قيد الحياة . حيث عقد الأتراك في ظل رئاسته للعراق سلسلة من الاتفاقات المحلية والتي تخص إقليم كردستان بما لا يمس بالسيادة ،أو الوحدة الترابية لبلاد الرافدين وتمت كلها تحت نظره ،وبموافقته المسبقة ،وبالتنسيق الكامل تماما مع الأتراك ولكن الأمر اختلف كلية بعد الغزو حيث يتقاسم النفوذ في العراق كل من أمريكا ،وإيران، وتركيا ،وإلى حد كبير السعودية ولا ننسي دور جهاز المخابرات الصهيوني في اغتيال العديد من قادة العراق ،وعلماءه وتصفية العديد من المقاومين والمعارضين للاحتلال الأمريكي ،أو ما يعرف بقوات التحالف الدولي لضرب داعش,. فالأتراك في ظل اردوغان ولتخفيف الضغط عن أداءه السياسي الهزيل في عدة ملفات إقليمية وأبرزها : الملف السوري يحاول تصدير أزمته الداخلية ،وخلق مشال مع جيرانه الإقليميين، ومنهم العراق حسب العديد من المتابعين للشأن الداخلي في تركيا ففشله لحد ألان في القضاء على الإرهاب الذي يضرب تركيا منذ أشهر، وتراجع أداء الاقتصاد التركي إضافة إلى أزمته مع الدب الروسي حاليًا ،وفرض الأخيرة عقوبات اقتصادي قاسية على أنقرة . - وبداية ما يمكن أنْ نسميه حركة تمرد غير معلنة داخل المؤسسة العسكرية التركية رفضًا ،لسياساته الحمقاء حسب رأيهم والتي جعلت تركيا تخسر العديد من الحلفاء المهمين في المنطقة ،وعلى رأسهم إيران وروسيا ولا ننسى كذلك بأنَ تركيا منعت مؤخرًا حوالي 30 مروحية حربية روسية الصنع من طرازMI28،و وبانستر ،وصواريخ ارض جو بقيمة 4.2مليار دولار أمريكي ، والتي تم شراؤها في عهد حكومة المالكي السابقة . وذلك في سنة2011 ورفض لأتراك مرور الشحنة عبر أراضيهم ،وتقديمهم لأسباب واهية، وأعذار غير مقبولة يعكس حالة الاستياء الشديد من قبلها لتنامي قوة الجيش العراقي الجديد ،والمحسوب في كثير من تشكيلاته على إيران وهذا ما تخاف منه تركيا ،وتحسب له ألف حساب في ظل تراجع دور حليفها القوى الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بشكل ملحوظ ،وعدم امتلاكها لأوراق تمكنها من ترجيح الكفة لصالح تركيا ،وقد ظهر هذا الترهل في الموقف الأمريكي بعد الإحداث العسكرية على الأراضي السورية ،وعدم امتلاكها القدرة لردع بوتين عن التواجد المحوري فيها ،أو إدخال أسلحة متطورة جدًا إلى أراضيها . - غيرت إلى حد غير متوقع من سير المعارك علي الأرض فتركيا التي أصبحت سياستها الخارجية تسير نحو المجهول ،وازدياد الشكوك حول ضلوع الأتراك في تمويل وتدريب الجماعات الإرهابية المتطرفة ، وتصعيد قام به الروس على الحدود التركية الأرمنية حيث حشد الجانب الروسي ألاف القوات في تهديد يحمل رسالة قوية يجب أن يقراها اردوغان بحذر شديد ، وإلا فإن الأمور ستفلت من بين يديه ،وسيضطر لخوض حرب مع قوة عظمى هو في غنى عنها. فرغم أن تركيا عضو فعال في حلف الناتو إلا أن حلف الأطلسي يدرك جيدًا بأنَ الروس يبحثون عن حرب شاملة في المنطقة. من أجل تغيير خارطة العالم السياسي الدولي ،وإبراز نفوذهم وتفوقهم العسكري فالتجارب التي أجرتها القوات الفضائية الروسية مؤخرًا لصواريخ باليستية حاملة لرؤوس نووية، ونفس الشيء قامت بها "إيران الحليف-الجيو استراتيجي- لروسي" في سوريا و"منطقة شرق أسيا" في استفزاز واضح للغرب واتفاقياته الأمنية، وعلى السلطان العثماني الجديد أن يقدم مزيدًا من التنازلات ،وأن يبحث له عن مخرج سريع لازمته في بلاد العباسيين .إن أراد النجاة بجلده .وإكمال مستقبله السياسي والخروج من الباب الواسع فرغم أن حزبه فاز بأغلبية المقاعد في البرلمان، وهذا ما أكسبه زخمًا سياسيًا وجماهيريًا كبيرًا ، وسمح له بتصدر المشهد في تركيا وأوروبا ،ولكن عليه أن يفهم لعبة التوازنات العالمية بشكل أكثر عمقا ودقة. لأن القوى العظمى ستكون له بالمرصاد. - إنْ حاول أن يغير قواعد اللعبة لصالحه منفردًا ،واتهام الذي ساقه مؤخرًا لحكومة ألعبادي بان هناك دولا تقف خلف مطالباته بسحب القوات التركية من بلاده والتغاضي عن أن هناك العديد من القوات الأمريكية والدولية الأخرى ،التي تشكلت في خضم الحرب على داعش هو صب للزيت على النار، واتهام مبطن لموسكو بأنها تريد خلط الأوراق في الملعب العراقي، وتحويل العراق إلى أحد البيارق في الحرب الباردة المعلنة التي يشنها بوتين ضد اردوغان، على أكثر من صعيد وفي أكثر من دولة ،و بدأت روسيا في استعمال نفوذها داخل العراق عن طريق إيران فقد قامت مظاهرة حاشدة أمام السفارة التركية في بغداد بقيادة التيار الصدري، وطالبوا خلالها بسحب فوري، وغير مشروط لجميع القوات التركية المتواجدة فيه ووجَّهوا بيانا شديد اللهجة ينم عن حنقهم، وغضبهم من التصرف التركي الأحمق ،وتضامنهم مع الروس وأنَ تركيا لو اخترقت أجواءها طائرات أمريكية، أو إسرائيلية لم تكن لتضربها أبدًا. مما يدلُ على أن روسيا بدأت تعد العدَّة لتدخل عسكري ربما في العراق ،على غرار ما قامت به في سوريا من أجل كسر شوكة الأتراك ،وتنظيم داعش وربما ستقوم "طائرات السوخوي" من "طراز سو34وسو35"بضربات جوية مركزة على مناطق "الموصل"، "ونينوى"، وهذا ما قد يدفع بالأتراك إلى الردِّ ،ونشوب حرب إقليمية كبرى في المنطقة . - ستكون لها نتائج كارثية وطويلة الأمد ليس على العراق وحده، وإنما على منطقة الشرق الأوسط ككل. 
*كاتب جزائري